تتسلط الاضواء على عبد ربه منصور هادي باعتباره الرئيس القادم لليمن لكن ليس معروفا الكثير عن الرجل الذي عاش في ظل علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لأكثر من 30 عاما. وهادي لواء سابق في الجيش وهو المرشح الوحيد لخلافة صالح مما يضمن له الصعود إلى سدة الحكم في بلد تسوده الفوضى ويواجه تحديات متعددة من اقتصاد منهار إلى تهديد متزايد من تنظيم القاعدة ومشاعر انفصالية متنامية في الجنوب ومتمردين حوثيين في شمال اليمن.
وقال هادي في كلمة له في وقت سابق هذا الشهر إنه سيقود واحدة من أصعب المراحل التي واجهها اليمن وأكثرها تعقيدا. وأضاف أن الطرق مغلقة وخطوط أنابيب النفط معطلة والاوضاع المعيشية صعبة والنشاط التجاري والصناعي متجمد.
ورغم ان اصوله ترجع لمحافظة أبين الجنوبية إلا أنه وقف إلى جانب صالح خلال الحرب الاهلية اليمنية عام 1994 بين شمال البلاد وجنوبها. وكان جنوب اليمن جمهورية اشتراكية منفصلة قبل أن يتحد مع شمال البلاد عام 1990 .
ووصف زميل دراسة سابق لهادي المرشح الرئاسي اليمني بأنه تكنوقراط ينبذ القبلية. وأجبر هادي على الهرب من الجنوب عام 1986 مع عدد من الكتائب العسكرية بعدما قامت مجموعة من لواءات الجيش بانقلاب هناك.
وتقع على عاتق هادي الان مسؤولية قيادة يمن موحد خلال فترة انتقالية محفوفة بالمخاطر تتطلب منه وضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات تعددية في غضون عامين. لكن مهمة هادي ستكون أسهل لانه يحظى بدعم أبناء صالح وأقاربه الذين مازالوا يسيطرون على وحدات عسكرية وأمنية عديدة إلى جانب القبول من جانب لواءات مناهضين لصالح ومن جانب المعارضة اليمنية.
لكن سيضطر هادي وهو أب لخمسة أبناء للنأي بنفسه عن تركة صالح دون أن يثير نفور أنصار الرئيس السابق خاصة في القوات المسلحة.وقال عبد الغني الإرياني وهو محلل سياسي يعيش في صنعاء إن ظلال صالح على النظام السياسي ثقيلة وميزة هادي أنه ليس صالح.
وقال يحي أبو اصبع الامين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني إنه يجب على هادي العمل بحسم لكسب عقول اليمنيين وقلوبهم.وأضاف أنه إذا أراد هادي أن يحفر اسمه في التاريخ فعليه أن ينقل الشعب اليمني نحو التغيير بخدمة أهداف "الثورة" والتصدي لأصحاب النفوذ في إشارة إلى أقارب صالح والمقربين منه الذين يتولون مناصب مهمة في هيكل السلطة باليمن.
وظل هادي الرجل الثاني في اليمن لمدة 20 عاما وأظهر بالفعل أنه مستعد لاتخاذ قرارات مثيرة للجدل.وتأزمت علاقة هادي بصالح في يناير بعدما رفض أوامر الرئيس بإعادة حلفاء لصالح كانوا فقدوا مناصبهم خلال عملية تسليم السلطة.
لكن من غير الواضح بعد ماذا سيفعل هادي مع العشرات من الاقارب الاقوياء لصالح في السلطة. وصالح موجود حاليا في الولاياتالمتحدة حيث يتلقى العلاج من جروح لحقت به في محاولة اغتيال في يونيو مما يزيد نسبيا مساحة المناورة المتاحة لهادي.
لكن سيكون عليه الحفاظ على توازن صعب. فمن ناحية سيكون عليه تنفيذ انتقال سلس يشمل إصلاحات دستورية ويسمح له بإعادة هيكلة القوات المسلحة دون خلق المزيد من الاعداء.لكن على الناحية الاخرى يجب على هادي معالجة مطالب محتجين شبان وعناصر في الجيش نفسه بطرد بعض اقارب صالح ذوي الصلة الوثيقة بالرئيس السابق.ويحظى هؤلاء بهيمنة راسخة.
ويتذكر اليمنيون أنه حين كان مسؤولون غربيون يخطبون ود هادي كقائم بأعمال الرئيس أقام احمد نجل صالح وهو قائد الحرس الجمهوري في القصر الرئاسي مما اضطر هادي إلى ممارسة أعماله من مكتبه بوزارة الدفاع اليمنية. وأضطر هادي للعمل في ظل صالح لذا لم يكن يوما لاعبا قويا ولا مستقلا في المشهد السياسي اليمني. ومازال البعض يشير إلى هادي على أنه من زمرة صالح.
ووصف مسؤول حكومي من حزب الاصلاح الاسلامي وهو من أكثر الاحزاب المعارضة لصالح تنظيما هادي بأنه "ذكي وله علاقات جيدة لكنه ضعيف سياسيا."وكانت المرة الأخيرة التي تولى فيها هادي منصب القائم بأعمال الرئيس في يونيو حين كان صالح يتعافى في مستشفى بالسعودية بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها عندما وقع انفجار في مسجد كان فيه بالمجمع الرئاسي.
ومثل العديد من السياسيين البارزين في الحزب الحاكم باليمن بزغ نجم هادي من خلال الجيش وأرسل إلى بريطانيا عام 1966 لدراسة التكتيكات العسكرية بينما كانت عدن ما تزال مستعمرة تابعة للتاج البريطاني ثم عين في وقت لاحق وزيرا للدفاع.ودرس هادي أيضا العلوم العسكرية في مصر والاتحاد السوفيتي السابق حيث أعد دراسة عن استراتيجيات الدفاع في المناطق الجبلية.
وقال اللواء المتقاعد علي عودة الذي درس مع هادي في بريطانيا لرويترز إن هادي لم يكن يحب الحفلات مثل الشبان الاخرين عندما كان في بريطانيا. وأضاف أنه كان يقضى معظم وقت فراغه في المشي بالشوارع أو الذهاب إلى السينما أو القراءة.وكانت قائمة الكتب التي يقرأها هادي تتضمن السير الذاتية لقادة عسكريين. وأضاف عودة أن هادي لم يبدو طموحا وأنه كان شابا عاديا لكنه كان دؤوبا جدا.
ووصف بعض المحللين هادي بأنه قادر على النجاة من المزالق السياسية ولذلك فمن المرجح أن يقصر توجهه على تنفيذ خطة الاصلاح المتفق عليها.لكن من النادر أن يظهر هادي في مناسبات عامة مما يعني أنه غير معروف بدرجة كبيرة للشعب اليمني وهي عقبة سيكون عليه تجاوزها لكي يحقق النجاح.
وانعكس الغموض النسبي لشخصية هادي في تحليل نفسي له نشرته صحيفة الاضواء اليمنية يوم 13 فبراير استنادا إلى برج الثور الذي قالت الصحيفة إنه ينتمي إليه. ووصف التحليل هادي بأنه "مطبق الشفتين... قلما يرد على الهجمات بمثلها. أقصى مناه أن يترك لشأنه. صبور كثير الاحتمال يتظاهر بالبرود التام وقتا طويلا ثم ينفجر لأتفه الأسباب."وأضاف التحليل أن هادي "يهيج بين الحين والاخر هيجانا مريعا يجعله يندفع كالمجنون حاملا الخراب والدمار لكل من يعترض سبيله."