أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس الأربعاء، مرسومًا يقضي بإجراء استفتاء على مشروع دستور جديد في سوريا ينهي الدور القيادي لحزب البعث ويحدد الولاية الرئاسية بسبع سنوات تجدد لمرة واحدة، فيما تواصل السلطات عملياتها العسكرية والأمنية.
وفي أول رد فعل دولي على مشروع الدستور، سارعت روسيا حليفة سوريا إلى الترحيب بمشروع الدستور الجديد واعتبرته خطوة إلى الأمام. إلا أن البيت الأبيض وصف الإعلان بأنه مثير للسخرية. وقال جاي كارني- المتحدث باسم البيت الأبيض، "الأمر فعلاً مثير للسخرية، إنه يسخر من الثورة السورية".
وتابع كارني "إن الوعود بالإصلاح عادة ما تلاها تصعيد للعنف ولم يطبقها هذا النظام منذ انطلاق التظاهرات السلمية في سوريا قبل 11 شهرًا".
ويأتي قرار الأسد فيما واصلت القوات السورية هجماتها في أنحاء البلاد، حيث أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 36 شخصًا أمس الأربعاء.
ويخلو مشروع الدستور الجديد الذي نشرت الوكالة نصه تمهيدًا للاستفتاء عليه في 26 فبراير، من ذكر أي دور قيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يحكم البلاد منذ عام 1963 كما هي الحال في الدستور الحالي.
وتؤكد المادة الثامنة من مشروع الدستور الجديد أن النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيًا عبر الاقتراع. وبحسب هذه المادة أيضًا تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية. وتحل هذه المادة مكان المادة الثامنة في الدستور الحالي التي تنص على أن حزب البعث الذي يحكم سوريا منذ 1963 هو قائد الحزب والمجتمع.
وكان إلغاء هذه المادة في صلب مطالب الحركة الاحتجاجية في سوريا لدى انطلاقها في مارس العام الماضي.
كما ينص المشروع على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية. إلا أن المادة السابعة والثمانون أشارت إلى أنه إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد.
وكان الدستور السابق المطبق منذ 1973 ينص على ترشيح رئيس الجمهورية من قبل مجلس الشعب بناء على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه.
وكان الاستفتاء الأخير أجري في مايو 2007، وأيد بموجبه انتخاب الرئيس بشار الأسد (41 عامًا) نجل الرئيس الراحل حافظ الأسد لولاية جديدة من سبعة أعوام. كما أعاد مشروع الدستور سن الترشح لرئاسة البلاد إلى أربعين عامًا بعد تعديله في العام 2000 على إثر وفاة الرئيس حافظ الأسد تم بموجبه تخفيض العمر إلى 34 سنة للسماح لابنه بشار الأسد بتولي الرئاسة.
وينص المشروع أيضًا على أن دين الرئيس الإسلام والفقه الإسلامي مصدر رئيس للتشريع، مشيرًا إلى أن الدولة تحترم جميع الأديان، وأن الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.
ولكن المشروع لم يجز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، ما يغلق الباب أمام جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الكردية بممارسة العمل السياسي.
واتخذت الحكومة السورية في أبريل 2011 قرارًا بإلغاء حالة الطوارئ وتبنت في يوليو الماضي قانونًا يسمح بالتعددية في إطار الإصلاحات السياسية التي أعلنت لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد منذ منتصف مارس، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ثمانية آلاف شخص، وفق منظمات حقوقية.