تجددت العمليات التي يقوم بها الجيش السوري على معاقل الاحتجاج ضد النظام الرسمي رغم قرار الجامعة العربية التي دعت إلى إرسال "قوات عربية أممية" لحفظ السلام على أراضيها، ورفضته دمشق. وأكدت روسيا من جهتها أنها "تدرس" اقتراح إرسال هذه القوات، لكنها شددت على ضرورة وقف لإطلاق النار في سوريا قبل القيام بذلك.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "القصف تجدد على مدينة الرستن إثر محاولة اقتحام فاشلة نفذتها القوات السورية فجرا من المدخل الجنوبي للمدينة وتصدت لها مجموعات منشقة".
وأشار المرصد إلى أن عملية الاقتحام ادت الى "مقتل ما لا يقل عن ثلاثة جنود وتدمير الية مدرعة"، موضحا انه "لم ترد معلومات موثقة حتى الان عن الخسائر البشرية او المادية داخل مدينة الرستن التي نتجة عن القصف بسبب صعوبة الاتصالات".
وفي حمص، قال المرصد ان "حي بابا عمرو يتعرض منذ الساعة الخامسة (3.00 تغ) لقصف متقطع بقذائف الهاون من قبل الجيش السوري". ويحاول الجيش وقوات الامن السورية منذ ثمانية ايام اخضاع حمص، ثالث المدن السورية والتي تعتبر معقلا للمعارضين السوريين منذ بدء الانتفاضة الشعبية المناهضة للنظام في مارس 2011.
وفي حماة، اشار المرصد الى "استشهاد مواطن بعد منتصف ليل الاحد الاثنين اثر اصابته برصاص قناصة في حي طريق حلب". وفي ريف درعا (جنوب)، تحدث المرصد عن "اشتباكات عنيفة تدور بين مجموعة منشقة وقوات من الجيش السوري الذي اقتحم منطقة اللجاة واعتقل اربع نساء هن امهات عناصر منشقة".
وفي هذه المنطقة، لفت المرصد الى عملية مداهمات واعتقالات في مدينة بصرى الشام فيما هز انفجار الحي الجنوبي في مدينة داعل، بدون ان يؤكد ما اذا كان الانفجار استهدف قوات الجيش المتمركزة بالمنطقة. واكدت دمشق الاثنين انها مصممة على "تحقيق الامن والسلام" رغم قرار للجامعة العربية التي دعت الى تشكيل قوات مشتركة من الجامعة العربية والامم المتحدة للاشراف على تنفيذ وقف لاطلاق النار.
واتخذت الجامعة العربيةق قرارها في ختام اجتماعها الوزاري في القاهرة للتوجه مجددا الى مجلس الامن ودعوته الى اصدار قرار بتشكيل "قوات حفظ سلام عربية اممية مشتركة". واعلن الاتحاد الاوروبي انه يدعم مبادرة الجامعة العربية بينما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان لندن "ستناقش بشكل عاجل" مع شركائها الاقتراح.
وجاءت هذه المحاولة الجديدة من الجامعة العربية بعدما عطل حق النقض (الفيتو) الذي استخدمته كل من الصين وروسيا تبني قرار ضد سوريا في مجلس الامن الدولي في الرابع من فبراير. ونقلت وكالة الانباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول لم تسمه ان قرار الجامعة العربية "وغيره لن يثني الحكومة السورية عن متابعة مسؤولياتها في حماية مواطنيها وتحقيق الامن والاستقرار لشعبها".
واعتبرت سوريا قرارات الجامعة العربية "تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية ومساسا بالسيادة الوطنية" بحسب المصدر. وحرص الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي خلال افتتاح اعمال اجتماع الجامعة على التأكيد ان التوجه الى مجلس الامن هذه المرة سيتم بالتنسيق مع روسيا والصين.
وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين "ندرس هذه المبادرة وننتظر من اصدقائنا في الدول العربية توضيح بعض النقاط. لنشر قوة لحفظ السلام يجب الحصول على موافقة الطرف الذي يستقبلها". واضاف "نحتاج الى شىء يشبه وقفا لاطلاق النار". من جهتها، دعت الصين مجددا الاثنين الى وقف اعمال العنف في سوريا عبر "الحوار" و"الوساطة السياسية" وامتنعت عن تأييد الدعم المادي الذي تريد الجامعة العربية تقديمه للمعارضة السورية وتشكيل قوة دولية عربية.
واكدت الجامعة ايضا التزامها "بالتنفيذ الكامل لكافة قرارات مجلس الجامعة بشأن خطة خارطة الحل السلمي للازمة السورية وحث الحكومة السورية على الوفاء باستحقاقاتها والتجاوب الجدي السريع مع الجهود العربية لايجاد مخرج سلمي للازمة في سوريا". واضافت ان ذلك "يجنبها التدخل العسكري كما اكد المجلس على ذلك مرارا".
واطلق وزراء الخارجية العرب الشهر الماضي مبادرة جديدة لانهاء الازمة السورية تدعو الى تشكيل حكومة وفاق وطني خلال شهرين وتطالب الرئيس السوري بتفويض نائبه صلاحيات كاملة للتعاون مع هذه الحكومة. كان سفير سوريا في الجامعة العربية يوسف احمد الذي لم يحضر اجتماع الجامعة بسبب تجميد عضوية بلاده فيها، سارع قبل انتهاء اجتماع الجامعة الى التاكيد ان سوريا "ترفض قرار جامعة الدول العربية الصادر اليوم جملة وتفصيلا".
واضاف ان بلاده "اكدت منذ البداية انها غير معنية باي قرار يصدر عن جامعة الدول العربية في غيابها". وانتقدت الصحف السورية الاثنين بشدة القرارات التي تبنتها الجامعة العربية مساء امس معتبرة انها مليئة "بالمغالطات" و"تعكس تهورا لحد الحماقة".
رأت صحيفة الثورة الرسمية ان "غيهم دفعهم لمزيد من الانزلاق في الخطيئة لمزيد من التهور لحد الحماقة وصولا الى ما لا يمكن السكوت عنه في لغة مقامرة ومغامرة ومفردة وضيعة وصفاقة سياسية غير معهودة". واعتبرت صحيفة الوطن المقربة من السلطة ان "لا جديد عند العرب سوى استدعائهم لقوات خارجية لاحتلال سوريا".
من جهته، رحب رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون مساء الاحد بقرارات الجامعة العربية ورأى فيها "الخطوات الاولى" التي ستدفع نحو القضاء على النظام القائم في سوريا. ومن المقرر ان تعقد الجمعية العامة للامم المتحدة الثلاثاء اجتماعا مخصصا لبحث الوضع في سوريا.