يستيقظ الكثير منا صباحا ولديه أمنية وهو أن يتمكن من إنجاز عمله من المنزل، حتى لا يتعرض لمشكلة البحث عن وسيلة نقل ملائمة، ومريحة، ورخيصة، أو لأزمات المرور والازدحام، واستهلاك البنزين إذا كان من مالكى السيارات. وقد كشف السؤال الذى تلقاه وزير التنمية الإدارية، أحمد درويش فى أحد المؤتمرات الصحفية التى عقدها مؤخرا عن وجود مادة فى قانون العمل تسمح لموظف الحكومة بهذا إذا كانت طبيعة عمله تسمح بذلك، وهو ما يحدده رئيس المصلحة أو الهيئة التى يتبعها الموظف، ويعزز آمال الكثيرين فى إمكانية تعميم هذا القانون. «إن هذه المادة موجودة منذ الثمانينيات من القرن الماضى» كما قال ناصر فؤاد المتحدث الرسمى باسم الوزارة، مشيرا إلى أنها وضعت فى الأساس لمساندة المرأة العاملة، ثم سمح القانون بعد ذلك باستفادة الجنسين منها. وانتقد فؤاد طريقة طرح وتناول وسائل الإعلام للإجابة عن السؤال، «إذ بدا الأمر كأنه مبادرة جديدة ونسعى إلى تطبيقها»، حسب تعبيره، وقال إن وزارة التنمية تستفيد من هذا البند القانونى القديم، حيث يعمل البعض من المنزل بكامل الأجر وقد حصلت إحدى الموظفات على جائزة العامل المثالى مؤخرا، رغم أنها تعمل من المنزل. ولا تنسحب هذه المادة على كل الوظائف، ولكن على أنواع معينة يستطيع العامل إنجازها من المنزل، وقال درويش فى بيان صدر مؤخرا، «إنه من الضرورى أن تسمح طبيعة الوظيفة بذلك، فموظف الشباك الذى يتلقى الطلبات و«الكثير» من الوظائف الأخرى لا يلائمها ذلك فى حين أن المترجم والباحث القانونى للشكاوى وغيرها قد يصلح معها ذلك». وقال الوزير فى بيانه، إن تجربة العمل عن بعد مطبقة بالفعل وإن كانت فى حدود ضيقة كما أن العمل بالإنتاجية معروف لدى جميع المنظمات والاعتقاد أنه كلما كان هناك وسيلة لقياس الأداء وتوسع فى البنية التكنولوجية «فإننا سنرى المزيد». وأشار فؤاد إلى أنه لا يوجد حاليا تقدير لعدد الموظفين المستفيدين حتى الآن من هذه الميزة وإن كان من المرجح أن العدد محدود، لأن هذا النظام لا تطبقه حتى الآن إلا وزارة أحمد درويش، وقد عرض الأخير فى لقائه الشهرى مع الصحفيين مساعدة الجهات الحكومية الراغبة فى تطبيق هذا النظام. وشدد درويش على أنه من الضرورى أن تكون هناك وسيلة رقمية واضحة لقياس الأداء مثل عدد الصفحات التى تمت ترجمتها أو عدد الشكاوى التى تم بحثها والرد عليها ومن ثم تتم معرفة ما إذا كان يستحق الراتب كاملا أم لا. ويتمنى كثير من العاملين تعميم هذا القانون على قطاعى العمل، سواء الحكومى أو الخاص. وتواجه المرأة العاملة فى مصر تحديات أكبر من مجرد التعرض للأذى فى وسائل النقل، أو ازدحام الطرق عند قيادتها سيارتها، حيث تعانى عند رعاية أطفالها خاصة فى السنوات الأولى من عمرهم، فمثلا تقول مها، إنها تعمل موظفة فى الجامعة فى الصباح، وتدرس مساء فى تمهيدى ماجستير، ولكن المشكلة الكبيرة التى تواجهها تتلخص فى رعاية ابنها عمر، وعمره عام واحد، وأضافت أنها اضطرت إلى التخلى عن دراستها المسائية فى البداية، وعملها فيما بعد «بعد بهدلة ابنها»، فقد ألحقته بدار حضانة، وكانت كل يوم تجد خدوشا على جسد ابنها تشير إلى أنه تعرض إلى الضرب من أطفال أكبر منه، وذات مرة تعرضت لصدمة وهى أن وجه ابنها «مليان خرابيش»، بعدها قررت ترك العمل. وأضافت هند، وهى موظفة حكومية، إن مستوى دور الحضانة فى مصر سيئ جدا، خاصة إذا كانت «رخيصة» بعض الشىء، حيث يتعرض فيها الأطفال إلى الإهمال، وسوء الرعاية، مثل تعرضهم لانتقال الأمراض المعدية، وتحولهم إلى أطفال تعساء، وهذا ما تعرضت له ابنتها مروة ذات الثلاث السنوات. ولا يقتصر المستفيدون المحتملون من هذا النظام على السيدات فقط، فيقول محمد 33 عاما، يعمل مترجما فى أحد المكاتب الخاصة، إنه تعود على العمل ليلا، والنوم حتى وقت متأخر صباحا، ولا يستطيع تغيير تلك العادات، «ويفقد تركيزه تماما فى الصباح»، لكنه يضطر إلى الاستيقاظ، والذهاب إلى العمل متأخرا كل يوم، ويتم الخصم من أجره، ولا ينجز عمله كما ينبغى. وتسعى الوزارة للاستفادة من تفعيل بند القانون الخاص بالعمل من المنزل للتحول إلى تقييم الإنجاز فى العمل بمعيار الوقت الذى يقضيه الموظف فى مقر العمل إلى معيار الإنتاجية، كما قال فؤاد. ويوضح فؤاد أن وجود إدارات الوزارة فى 4 مبان متفرقة ما بين الدقى، ومدينة نصر، جعل فكرة العمل عن بعد، والتى تشابه العمل من المنزل، مطبقة لتتواصل حلقات العمل بين الموظفين فى كل هذه المبانى. وبناء على ذلك أشار إلى ضرورة أن تتوافر البنية التكنولوجية، حتى يتاح تبادل الوثائق داخل الجهة إلكترونيا وأن يكون لدى الموظف حاسب بالمنزل متصل على الإنترنت.