ساد الهدوء الحذر قلب العاصمة البلجيكية بروكسل صباح اليوم الأربعاء بعد أن شن مسلح هجوما بقنابل يدوية وأطلق النار على حشد من الناس أمس وسط ساحة "سانت لامبير" أكبر ساحات مدينة "لييج" جنوب شرق بلجيكا قبل أن يقتل نفسه.. وذلك في وقت كانت يستعد فيه قلب العاصمة النابض بالحياة لتوديع عام واستقبال عام آخر وسط فرح وصخب المواطنين الذين كانوا يتوافدون إليها استعدادا لاحتفالات العام الجديد.
وفتحت الشرطة ميدان بلاس سان لامبير الذى وقع فيه الهجوم الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 125 آخرين بينهم طفل وسط مدينة لييج. ذكرت ذلك هيئة الاذاعة البريطانية "بى بى سى" اليوم، مشيرة إلى أن بقايا الدماء وشظايا الزجاج ما زالت ظاهرة للعيان في الميدان.
واستبعد مسئولون أن يكون للاعتداء خلفية سياسية إرهابية أو أن يكون منفذ الهجوم مختلا عقليا، فيما تحقق الشرطة فيما اذا كانت هناك مؤشرات مسبقة لوقوع الهجوم. كان التليفزيون البلجيكى أعلن عن ارتفاع حصيلة القتلى جراء الهجوم الذي نفذ باستخدام أسلحة نارية وقنابل يدوية بوسط مدينة لييج البلجيكية إلى أربعة أشخاص، وإصابة 125 آخرين.
وتحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى عدد من شهود العيان المتواجدين فى المنطقة التى شهدت الانفجارات..وقالت "ديبرو" وهى سيدة مالكة لأحد المحال التجارية فى ساحة "سانت لامبير" إنها سمعت أصوات انفجارات وطلقات أعيرة نارية حوالى الساعة الثالثة والنصف (بالتوقيت المحلي) ثم شاهدت المارة وهم يهرولون فى كل الاتجاهات ولكن سرعان ما فرضت السلطات حظر التجول الا لعربات الإسعاف التى هرعت إلى المكان بأعداد كبيره ، مؤكدة على أنها شاهدت خمس عربات فى أقل من عشر دقائق وهى تهرع إلى مكان الحادث لنقل المصابين إلى المستشفيات المجاورة.
وبسؤال أصحاب المتاجرالأخرى ، جاءت شهادتهم مطابقة للسيدة "ديبرو" ، وقال "شودوار" إنه فور سماعه للأطلقة النارية شهد أحد الشباب وهو يجرى نحوه هروبا من وابل النيران وباحثا عن مكان آمن داخل جدران متجره.
وقال نيكولا غيلين وهو صحفي وأحد شهود العيان "كنت خارجا من قصر العدل عندما رأيت رجلا يرفع ذراعه بقوة ويلقي شيئا على الموجودين ثم سمعت صوت انفجار".. واستطرد "إن الرجل عاد وتناول شيئا آخر وعندها بدأت في العدو. وكان يبدو مسيطرا على تصرفاته ويريد أن يصيب أكبر عدد من الناس. سمعت دوي أربعة انفجارات وطلقات نارية لنحو عشر ثوان".
ووسط هذه الأجواء التى خيم عليها الذعر والهلع والارتباك ، توقفت حركة القطارات فى المدينة وبسؤال العاملين ، قالوا إنهم "لا يعرفون على وجه التحديد ماذا يجرى غير أنهم تلقوا تعليمات بإيقاف الرحلات بصورة مؤقتة".
وكان رجل في الثالثة والثلاثين من العمر قد أقدم أمس على إطلاق النار وإلقاء قنابل يدوية وسط أكبر ساحات مدينة لييج جنوب شرق بلجيكا ، ما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 75 آخرين قبل أن يعثر على الجاني ميتا في ظروف لم تتضح بعد.
وقال المدعي العام البلجيكي دانيال ريندرز إن الجاني يدعى نور الدين عمراني وهو من مواليد 1978 ، من سكان لياج ، وقد سبق إدانته ووجهت إليه عقوبات مشددة بتهم حيازة أسلحة ومخدرات وجرائم أخلاقية أخرى ..ففى سبتمبر 2008 ، أصدرت المحكمة التأديبية لمدينة "لييج" حكما بالحبس ضد المتهم لمدة 58 شهرا بتهمة حيازة أسلحة وتهريب مخدرات وذلك فى أعقاب الكشف عن حيازتة لتسعة آلاف و900 قطعة سلاح من بينها بنادق الية و كواتم للصوت وعشرات الاسلحة الأخرى.
كما كشف تحقيق أكثر قدما يرجع تاريخه إلى نهاية 2007 عن وجود ما يزيد على ألفين و800 من مخدر الحشيش فى منزل نوراليدن (البالغ حينذاك 29 عاما) كان قد اعترف فى ذلك الوقت بالواقعة ، كاشفا أن زراعة الحشيش فى منزله تتم لحساب شخص آخر. وقد نفت الشرطة البلجيكية - نفيا قاطعا - تكهنات بعض وسائل الإعلام بأن تكون إحدى المنظمات الإرهابية ضالعة فى هذا الحادث ، وأرجعته إلى أن الجانى قد يكون "اليأس القاتل" قد دفعه إلى الإقدام على هذا العمل.
وذكرت الشرطة أنه كان من المفترض أن يتوجه الجاني إلى الشرطة صباح يوم الحادث (الثلاثاء) لاستجوابه حول تورطه فى ارتكاب أعمال منافية للأخلاق ، لكنه بدلا من أن يتوجه إلى مركز الشرطة ارتدى زيا عسكريا وتوجه حاملا بندقية آلية خفيفة ومسدسا وقنابل يدوية إلى ساحة سان لومبير المقابلة لقصر العدالة حيث تقام سوق للوازم عيد الميلاد تشهد إقبالا كبيرا.
وفى أول رد فعل رسمى ، وصف رئيس وزراء بلجيكا إليو دي روبو الحادث "بأنه عمل مخيف ولا يمكن إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن حجم المأساة التى أوقعها"، مؤكدا على أن هذا العمل "فرديا" و لا ينتسب إلى أية جماعة إرهابية". غير أن وزيرة الداخلية فى بلجيكا جويل ميلكيت قالت إن حادث إطلاق النار أحدث صدمة في بلجيكا ، مؤكدة أيضا "أن الحادث ليس له كما يبدو أي علاقة بالإرهاب" ولكنه "عمل منفرد مفجع العواقب".
أما على الصعيد الأوروبى ، فقد توالت برقيات التعزية من عدد من رؤساء وقادة الدولة الأوروبية حيث بعث رئيس المجلس الأوروبى هيرمان فان رومباى برقية عزاء لرئيس الوزراء البلجيكى ، فيما طالب رئيس البرلمان "جيرسى بوزاك" بإجراء تحقيقات جادة وعميقة حول هذا العمل الذى وصفه ب"الجبان".. فيما وصف رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويال باروسو هذا الحادث ب"المجزرة الوحشية" ، كاشفا عن صدمته العميقة.
وندد قادة أوروبا ، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس وزراء لوكسمبروج جان كلود جانكي ، بأقسى العبارات بالعمل "الإجرامى" ، معربين عن تعاطفهم مع عائلات الضحايا ومع المصابين. أما أسقف مدينة لييج "مونسنيور الويس جوستان" فقد أصدر بيانا الليلة الماضية ، أعرب فيه عن أسفه لما أسفرت عنه هذه الجريمة من معاناة غير مقبولة وغير مبررة نتيجة لهذا "العنف الأعمى وغير الإنسانى الذى بث الرعب فى القلوب وأشاع الموت فى ربوع مدينة لييج الآمنة و المسالمة".