سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المحكمة الدستورية تستقبل أول طعن على إحالة المدنيين للقضاء العسكرى المادة 48 من قانون القضاء العسكرى تخالف 8 مواد من الإعلان الدستورى ومبدأ الشرعية الإجرائية
حصلت «الشروق» على الطعن الذى قدمه المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية المادة 48 من قانون القضاء العسكرى التى تسمح بمحاكمة المدنيين عسكريا، وذلك بعدما قررت محكمة القضاء الإدارى إحالة هذه المادة للمحكمة الدستورية العليا لأول مرة، تمهيدا للفصل فى هذه المسألة نهائيا، بعد ما يقرب من 20 عاما من الأحكام القضائية المتناقضة بشأنها. وطالب الطعن الذى أعده المحاميان خالد على وأحمد حسام، بتحديد جلسة سريعة لهيئة مفوضى المحكمة الدستورية لبدء نظر الطعن، المقدم باسم عبدالوهاب عبدالفتاح، وهو ولى أمر شاب أحيل للقضاء العسكرى فى القضية رقم 147 لسنة 2011 وصدر الحكم النهائى ضده بالحبس المشدد 7 سنوات مع آخرين.
ذكر الطاعنون أن حالات إحالة المدنيين للقضاء العسكرى ارتفع لنحو 12 ألف حالة بعد ثورة يناير، تزامنا مع انتشار عناصر القوات المسلحة وشرطتها العسكرية فى المناطق المختلفة من أنحاء البلاد بدعوى مواجهة حالة الفوضى الأمنية، ومن ثم حلولها محل هيئة الشرطة المخولة دستوريا كفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين نظرا لقيام حالة من حالات الضرورة الملحة لحلول القوات المسلحة محل هيئة الشرطة التى امتنعت عن أداء دورها الذى رسمه لها الدستور فى خروج واضح منها على الشرعية الدستورية وإفصاح جهير عن عدم احترامها لسيادة القانون، ولكن لم يكن هناك أى سند من الدستور والقانون أو حتى ثمة مبرر من حالات الضرورة لحلول القضاء العسكرى محل القضاء العادى والتوسع المجافى للمنطق فى استخدامه.
وأضافوا أن القضاء العسكرى عرفته العديد من دول العالم بل وأفردت لهذا النوع القضائى تشريعا مستقلا، كما قصرت اختصاصه على الجرائم العسكرية دون الجرائم العادية، ومنها من بسطه إلى الجرائم العادية الواردة فى قانون العقوبات، إلا أن أغلب تلك التشريعات العسكرية تكاد تتفق على عدم إخضاع المدنيين العاديين للقضاء العسكرى أيا كانت الجرائم المرتكبة وأيا كانت الظروف. وأكد الطعن أن المادة 48 من قانون القضاء العسكرى المصرى غير دستورية البتة، حيث تنص على أن «السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما إذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أم لا» مما يتعارض مع 8 مواد من الإعلان الدستورى السارى حاليا ودستور 1971 الساقط بعد الثورة، وهى المواد 1 و3 و7 و20 و21 و46 و50 و51 و68، وهذه المواد تنص فى مجملها على أن المواطنين أمام القانون سواء، وأن التقاضى حق مصون للناس كافة أمام قاضيهم الطبيعى، وأن السلطات القضائية مستقلة، وأن القانون يحدد اختصاصات القضاء العسكرى بما لا يتعارض مع مبادئ الدستور.
كما أشار إلى أن حق كل مواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى هو مبدأ يقتضى أن يكون إنشاء المحاكم وتحديد اختصاصها قبل وقوع الجريمة، وبقانون، وليس أن تتحدد جهة التقاضى بعد وقوع الجريمة، مع عدم جواز تفويض جهة ما كالنيابة العسكرية فى تحديد جهة التقاضى، وإلا كان فى ذلك مخالفة لمبدأ الشرعية الإجرائية.
ومما سبق يتبين أن المشرع الدستورى منح المشرع فقط عند سنه القوانين المنظمة للقضاء العسكرى تحديد الجرائم التى يمكن إخضاع المتهمين المدنيين فيها للقضاء العسكرى، ولم يمنح المحاكم العسكرية بنفسها السلطة ذاتها، مما يؤكد بطلان المادة 48 من القانون.
وأوضح الطعن أن معظم حالات إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية مؤخرا غير منصوص عليها حصرا بالمواد 4 و5 و6 و7 و8 من قانون القضاء العسكرى، بل إن السند الوحيد لإحالتها إليه هى المادة 48 من القانون، حيث قررت النيابة العسكرية ذلك وفق تقديرها الخاص دون أى غطاء دستورى، بما يعنى شبهة عدم دستورية قرارات الإحالة.
وأشار الطعن إلى أن نصوص الدستور تدل أيضا على أن القضاء العسكرى ينحصر اختصاصه فى النطاق العسكرى، أى يختص بمخالفات العسكريين والعاملين بالقوات المسلحة وجرائم التخلف عن أداء الخدمة العسكرية، باعتبار أن النص عليه ورد فى الفصل السابع من دستور 1971 الساقط، وليس فى الفصل الرابع المنظم للسلطة القضائية، أى أنه ليس جزءا منها.
وشدد الطعن على أن المادة 48 تعتبر منسوخة وملغية بالمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا، التى أسندت لهذه المحكمة فقط الفصل فى حالات التنازع الإيجابى أو السلبى بين جهات القضاء المختلفة حول نظر قضية معينة.