أغلقت السلطات الإيرانية صحيفة إصلاحية اليوم الأحد بعد أن نشرت هجوما ضاريا شنه أحد مساعدي الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على المحافظين المنافسين للرئيس في أحدث مؤشر على حدوث انقسام بين القيادات العليا بالجمهورية الإسلامية. وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن مكتب النائب العام في طهران أمر بإغلاق صحيفة "اعتماد" اليومية لمدة شهرين بسبب "نشر أكاذيب وإهانات لمسؤولين في الحكومة". ونقلت فارس عن إلياس حضرتي مدير صحيفة "اعتماد" قوله إن أحد الأسباب الرئيسية وراء حظر الصحيفة يتمثل في مقابلة أجريت مع على أكبر جوانفكر المستشار الإعلامي لأحمدي نجاد.
وشن جوانفكر في المقابلة هجوما مضادا على المعارضين الذين يتهمون أحمدي نجاد بالخنوع لدائرة "منحرفة" تسعى إلى تقويض رجال الدين الإسلامي ويقولون إنهم "سمموا" الساحة السياسية بما يعني أن كثيرا منهم فاسدون. وقال جوانفكر لصحيفة "اعتماد" الصادرة أمس السبت "ما الذي انحرفنا عنه؟ نعم نحن انحرفنا عن أولئك الأصدقاء وعن معتقداتهم وسلوكهم وتأويلاتهم". وأضاف: "إذا كانوا يقصدون بالتيار المنحرف الانحراف عن معتقداتهم فإننا نؤكد ذلك" الانحراف.
ويشير الهجوم المضاد الذي نشرته صحيفة "اعتماد" كاملا على ثلاثة صفحات إلى عزم معسكر أحمدي نجاد الدفاع عن نفسه في الوقت الذي تستعد فيه إيران لإجراء الانتخابات البرلمانية في مارس المقبل. وبعد القضاء على "الحركة الخضراء" في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت ضد إعادة انتخاب أحمدي نجاد في عام 2009 بات التنافس على السلطة في إيران الآن بين المحافظين المتشددين ومعسكر أحمدي نجاد الأكثر شعبوية.
وصار ذلك الصدع الذي تشهده الساحة السياسية أكثر وضوحا بعد أن أجبر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي الرئيس الإيراني على إعادة وزير الاستخبارات إلى منصبه بعد أن أقاله أحمدي نجاد في أبريل وهي خطوة اعتبرها معارضو الأخير مناورة سياسية. ومنذ ذلك الحين تبنى البرلمان وجهاز القضاء نهجا مضادا للرئيس الإيراني حيث هدد نواب بتوجيه اتهام له بالتقصير واعتقلت النيابة بعض الأشخاص المقربين من فصيله.
وفي معرض تفنيده للاتهامات القائلة بأن فصيل أحمدي نجاد يسعى وراء تقويض نظام رجال الدين الحاكم في إيران قال جوانفكر إن الرئيس الإيراني نال تأييد المرشد الأعلى. وأضاف "وصف المرشد الأعلى للثورة حكومة أحمدي نجاد بأنها حكومة عمل واجتهاد. إذا كانوا يعتقدون أن الحكومة لا تخدم الشعب فمن المحبذ أن يقولوا إن لديهم مشكلة مع المرشد الأعلى".
ويقول محللون إن خامنئي يفضل الإبقاء على أحمدي نجاد في منصبه عن السماح لمنافسيه بالإطاحة به مما يعرض استقرار البلاد للخطر في وقت تشهد فيه صعوبات اقتصادية فضلا عن خطر امتداد الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي إليها.
غير أن جوانفكر قال إن أحمدي نجاد بعيد كل البعد عن كونه قوة عفا عليها الزمان وأنه لا يزال يحتفظ بتأييد الشعب ما يعني أنه ليس في حاجة إلى دعم المحافظين الذين أيدوه في عام 2009 باعتباره خير رهان أمام أداء قوي للإصلاحيين.
وقال "لم نكن نحن من انكر الجميل بل كانوا هم الذين لم يعترفوا بأحمدي نجاد وحكومته... أحمدي نجاد له شعبيته". وانتقد جوانفكر معاملة محمد شريف مالك زاده الحليف لأحد كبار معاوني أحمدي نجاد والذي ألقي القبض عليه في يونيو الماضي قائلا إنه احتجز في حبس انفرادي وعانى من آثار نفسية وجسدية.
وصحيفة "اعتماد" واحدة من بين الصحف الإصلاحية القليلة التي واصلت صدورها بعد انتخابات يونيو حزيران 2009. وشهدت الصحيفة حظرا مؤقتا لعدة مرات منذ ذلك الحين بسبب ما تردد حول انتهاكها قانون الإعلام الأمر الذي وصفه معارضون بأنها اتهامات مرسلة تستخدم لقمع المعارضة.