صدر كتاب جديد بعنوان "أفضل الملائكة داخلنا .. تراجع العنف في التاريخ وأسبابه" لستيفن بينكر ، ربما يدعو لقدر من التفاؤل رغم كل ما يحفل به هذا العالم من أسباب للتشاؤم والسوداوية ومظاهر للعنف. ويتحدث ستيفن بينكر عن تراجع منسوب العنف فى كتاب غير تقليدى وصف بأنه يمكن أن يغير الأفكار والعقول، فيما يرى أن الماضى الحافل بأكثر ألوان العنف وحشية وقسوة قد ولى إلى غير رجعة.
يدافع مؤلف الكتاب عن وجهة نظره بالاستناد للتاريخ واستدعاء فظائع وألوان بشعة للتعذيب وتنافس الحكومات فى أيام خلت على ابتكار آلات التعذيب، مؤكدا أن هذه الفظائع والبشاعات لم يعد لها وجود غالبا فى الحاضر.
وإذا كان القرن المنصرم قد شهد وقائع إبادة جماعية ومذابح بشرية وحروب دموية غير مسبوقة، فإن بينكر لم ينف فى كتابه الجديد أن الإنسان في القرن الحادي والعشرين مازال قادرا على ارتكاب أعمال وحشية وهمجية، غير أن المحك والمعيار فى نظره يتعلق بمدى استجابة البشر لهذا العنف والترويع.
ففى أوقات سابقة كانت الاستجابة للعنف هى مزيد من العنف على حد قول المؤلف، غير أن الوضع اختلف الآن حسب تقديره، مستشهدا في هذا السياق بالمذبحة التى وقعت فى هذا الصيف بالنرويج وعندما فتح ذلك المسلح النرويجى المهووس النار على حشد من الشباب والمراهقين فى شهر يوليو الماضى بجزيرة أوتويا ليحصد الأرواح البريئة.
ثارت تساؤلات عدة من بينها:هل كانت المذبحة عرضا جديدا من أعراض السآم حتى الجنون من هذا العالم؟، غير أن ستيفن بينكر يرى أن المذبحة أظهرت مدى قدرة الرأى العام النرويجى على ضبط النفس والتحلى بالتسامح بعيدا عن نزعات الانتقام أو الرغبة في التنكيل بالقاتل.
فهل نحن فعلا أقل عنفا مما نعتقد وأن الحاضر أحلى مما نظن، أم أن ستيفن بينكر يسرف فى التفاؤل والتعويل على مفردات مثل التحضر والاستنارة والمدنية؟.