أزمة جديدة أثارها اقتراح لجنة المستشار أحمد مكى، فى تصور تعديل مشروع قانون السلطة القضائية، بوضع نص يقصر إعارة القضاة على مرة واحدة لمدة 6 سنوات طوال مدة وجود القاضى بالخدمة لتحقيق العدالة وإتاحة الفرصة أمام الآخرين. ويرى عدد كبير من القضاة أن هذا النص سيكون مجحفا، إذا تم ضمه لقانون السلطة القضائية؛ لأنه يمنع عن قضاة حق مكفول لهم وهو أن كفاءتهم وتميزهم هى التى تجعل الدول تطلبهم دون غيرهم، كما أنه لا يجب أن يكون الحل فى تحسين دخول القضاة بإتاحة الفرصة أمامهم بالإعارة باعتبارها منحة من الدولة فى حين أنها تأتى للقاضى من دولة خارجية. وأرسل قضاة، ومنهم من هم فى تيار استقلال القضاء الذى تنتمى إليه لجنة مكى، خطابات للجنة يطالبون بضرورة الرجوع عن هذا النص. وحصلت «الشروق» على نص خطاب أرسله الرئيس بمحاكم الاستئناف، القاضى هشام رءوف، إلى اللجنة وجاء فيه «هل كانت الإعارة إلى الخارج هى أحد أسباب الفساد أو انتقاص استقلال القضاء؟».. الإجابة قطعا لا، فإن الدور الحضارى لمصر فى محيطها العربى والإسلامى قام على أيدى أبنائها من علماء الأزهر الشريف، والمدرسين، والأطباء، والمهندسين، والأدباء، والفنانين، والرياضيين، والحرفيين، فى جميع التخصصات، والمجالات. فهؤلاء جميعا كانوا رسلا لها أعادوا اللغة العربية لشعوب كان الاستعمار قد حرمها عليهم، وأنطقهم بلغته، ونقلوا البلدان التى عملوا بها إلى العصر الحديث، وكان على رأس هؤلاء جميعا القضاة. ومن ثم فإن الحديث عن الإعارات كمصدر رزق أمر فى حقيقته يتضمن إهانة للقضاة، حتى لو كانت هذه هى نظرة البعض منهم، فإن الأصل أن لهم دورا حضاريا تقدره الشعوب العربية حق قدره. ويضيف القاضى فى رسالته ان تنفيذ الأحكام الصادرة بالتسويات المالية للقضاة مع مجلس الدولة ولم تنفذ حتى الآن أجدر وأكثر تحقيقا للغرض. وختم المستشار هشام رءوف رسالته بالقول «أخيرا أعلم أنى قد أكون متهما أو صاحب مصلحة ولكن ذلك لن يمنعنى عن قول كلمة أراها حقا من وجهة نظرى والله من وراء القصد إنه نعم المولى ونعم النصير». ومن جانبه جدد رئيس نادى قضاة مصر، المستشار أحمد الزند، انتقاده للجنة المستشار أحمد مكى المكلفة بصياغة تعديل قانون السلطة القضائية، مؤكدا أنه «لن يتم إصدار قانون جديد للسلطة القضائية لا يرضى عنه القضاة ورغما عن إرادتهم أيا كانت الجهة التى تقوم بإعداده وتسليمه»، فى إشارة لرئيس مجلس القضاء الأعلى، المستشار حسامى الغريانى، الذى كلف لجنة مكى. وأكد الزند، خلال كلمته بحفل تكريم أقامه نادى الليلة الماضية لتكريم الشخصيات القضائية التى بلغت سن التقاعد أمس الأول، أنه لمس عن قرب احترام المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء للقضاء والقضاة، تقديرا للرسالة السامية التى يؤدونها فى إقرار العدالة، وصون الحقوق والحريات، وترسيخ دعائم دولة سيادة القانون. واستنكر عدد من رؤساء أندية القضاة بالأقاليم من مؤيدى الزند فى كلمات لهم خلال الاحتفال ما وصفوه بانفراد رئيس مجلس القضاء الأعلى بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون السلطة القضائية دون استشارة مجلس القضاء الأعلى فى تشكيلها وتجاهل فيها تمثيل نادى القضاة الممثل الشرعى لقضاة مصر والمعبر عن إرادتهم حسب تعبيرهم وطالبوا رئيس مجلس القضاء الأعلى بالعدول عن قراره بتشكيل تلك اللجنة على ذلك النحو الذى رفضه القضاة وناديهم والعديد من أندية الأقاليم.