«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لكلمة الرئيس الأمريكي في جامعة القاهرة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 06 - 2009

حرص الرئيس باراك أوباما على التعبير عن مشاعر التقدير للقاهرة وتراثها الإسلامى فى بداية خطابه، كما وجّه تحيات الشعب الأمريكى للحاضرين.. قائلا باللغة العربية «السلام عليكم»، وفيما يلى نص رسالة أوباما للعالم الإسلامى من جامعة القاهرة.
إنه لمن دواعى شرفى أن أزور مدينة القاهرة الأزلية، حيث تستضيفنى فيها مؤسستان مرموقتان للغاية إحداهما الأزهر الذى بقى لأكثر من ألف سنة منارة العلوم الإسلامية، بينما كانت جامعة القاهرة على مدى أكثر من قرن بمثابة منهل من مناهل التقدم فى مصر. ومعا تمثلان حسن الاتساق والانسجام ما بين التقاليد والتقدم. وإننى ممتن لكم لحسن ضيافتكم ولحفاوة شعب مصر. كما أننى فخور بنقل أطيب مشاعر الشعب الأمريكى لكم مقرونة بتحية السلام من المجتمعات المحلية المسلمة فى بلدى.. «السلام عليكم».
إننا نلتقى فى وقت يشوبه التوتر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى، وهو توتر تمتد جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز أى نقاش سياسى راهن. وتشمل العلاقة بين الإسلام والغرب قرونا سادها حسن التعايش والتعاون، كما تشمل هذه العلاقة صراعات وحروبا دينية. وأسهم الاستعمار خلال العصر الحديث فى تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق والفرص، كما أسهم فى ذلك الحرب الباردة التى عوملت فيها كثير من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بلا حق كأنها مجرد دول وكيلة لا يجب مراعاة تطلعاتها الخاصة. وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذى رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين إلى اعتبار الغرب معاديا لتقاليد الإسلام.
لقد استغل المتطرفون الذين يمارسون العنف هذه التوترات فى قطاع صغير من العالم الإسلامى بشكل فعال. ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 واستمر هؤلاء المتطرفون فى مساعيهم الرامية إلى ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين، الأمر الذى حدا بالبعض فى بلدى إلى اعتبار الإسلام معاديا لا محالة ليس فقط لأمريكا وللبلدان الغربية وإنما أيضا لحقوق الإنسان. ونتج عن ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة.
هذ؛ا وما لم نتوقف عن تحديد مفهوم علاقاتنا المشتركة من خلال أوجه الاختلاف فيما بيننا فإننا سنسهم فى تمكين أولئك الذين يزرعون الكراهية ويرجحونها على السلام ويروِّجون للصراعات ويرجحونها على التعاون الذى من شأنه أن يساعد شعوبنا على تحقيق الازدهار. هذه هى دائرة الارتياب والشقاق التى يجب علينا إنهاؤها.
لقد أتيت إلى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهى بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض ولا داعى أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهى مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان.
إننى أقوم بذلك إدراكا منى بأن التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها. ولا يمكن لخطاب واحد أن يلغى سنوات من عدم الثقة كما لا يمكننى أن أقدم الإجابة عن جميع المسائل المعقدة التى أدت بنا إلى هذه النقطة. غير أننى على يقين من أنه يجب علينا من أجل المضى قدما أن نعبر بصراحة عما هو فى قلوبنا، وعما هو لا يقال إلا وراء الأبواب المغلقة. كما يجب أن يتم بذل جهود مستدامة للاستماع إلى بعضنا البعض وللتعلم من بعضنا البعض والاحترام المتبادل والبحث عن أرضية مشتركة. وينص القرآن الكريم على ما يلى: (اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا). وهذا ما سوف أحاول بما فى وسعى أن أفعله، وأن أقول الحقيقة بكل تواضع أمام المهمة التى نحن بصددها اعتقادا منى كل الاعتقاد بأن المصالح المشتركة بيننا كبشر هى أقوى بكثير من القوى الفاصلة بيننا.
يعود جزء من اعتقادى هذا إلى تجربتى الشخصية. إننى مسيحى بينما كان والدى من أسرة كينية تشمل أجيالا من المسلمين. ولما كنت صبيا قضيت عدة سنوات فى إندونيسيا واستمعت إلى الأذان ساعات الفجر والمغرب. ولما كنت شابا عملت فى المجتمعات المحلية بمدينة شيكاغو، حيث وجد الكثير من المسلمين فى عقيدتهم روح الكرامة والسلام.
إننى أدرك بحكم دراستى للتاريخ أن الحضارة مدينة للإسلام الذى حمل معه فى أماكن مثل جامعة الأزهر نور العلم عبر قرون عدة، الأمر الذى مهّد الطريق أمام النهضة الأوروبية وعصر التنوير. ونجد روح الابتكار التى سادت المجتمعات الإسلامية وراء تطوير علم الجبر، وكذلك البوصلة المغناطسية وأدوات الملاحة وفن الأقلام والطباعة، بالإضافة إلى فهمنا لانتشار الأمراض وتوفير العلاج المناسب لها. حصلنا بفضل الثقافة الإسلامية على أروقة عظيمة وقمم مستدقة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ عالية الارتفاع، وكذلك على أشعار وموسيقى خالدة الذكر وفن الخط الراقى وأماكن التأمل السلمى. وأظهر الإسلام على مدى التاريخ قلبا وقالبا الفرص الكامنة فى التسامح الدينى والمساواة ما بين الأعراق.
أعلم كذلك أن الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أمريكا، حيث كان المغرب هو أول بلد اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية. وبمناسبة قيام الرئيس الأمريكى الثانى جون أدامز عام 1796 بالتوقيع على معاهدة طرابلس فقد كتب ذلك الرئيس أن «الولايات المتحدة لا تكن أى نوع من العداوة تجاه قوانين أو ديانة المسلمين أو حتى راحتهم».
منذ عصر تأسيس بلدنا أسهم المسلمون الأمريكان فى إثراء الولايات المتحدة. لقد قاتلوا فى حروبنا، وخدموا فى المناصب الحكومية، ودافعوا عن الحقوق المدنية، وأسسوا المؤسسات التجارية، كما قاموا بالتدريس فى جامعاتنا وتفوقوا فى الملاعب الرياضية وفازوا بجوائز نوبل، وبنوا أكثر عماراتنا ارتفاعا، وأشعلوا الشعلة الأوليمبية. وعندما تم أخيرا انتخاب أول مسلم أمريكى فى الكونجرس قام ذلك النائب بأداء اليمين الدستورية، مستخدما فى ذلك نفس النسخة من القرآن الكريم التى احتفظ بها أحد آبائنا المؤسسين توماس جيفرسون فى مكتبته الخاصة.
إننى إذن تعرفت على الإسلام فى قارات ثلاث قبل مجيئى إلى المنطقة التى نشأ فيها الإسلام. ومن منطلق تجربتى الشخصية أستمد اعتقادى بأن الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقة الإسلام، وليس إلى ما هو غير إسلامى، وأرى فى ذلك جزءا من مسئوليتى كرئيس للولايات المتحدة حتى أتصدى للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت.
لكن نفس المبدأ يجب أن ينطبق على صورة أمريكا لدى الآخرين، ومثلما لا تنطبق على المسلمين الصورة النمطية البدائية فإن الصورة النمطية البدائية للإمبراطورية التى لا تهتم إلا بمصالح نفسها لا تنطبق على أمريكا. وكانت الولايات المتحدة أحد أكبر المناهل للتقدم عبر تاريخ العالم. وقمنا من ثورة ضد إحدى الإمبراطوريات وأسست دولتنا على أساس مثال مفاده أن جميع البشر قد خلقوا سواسية، كما سالت دماؤنا فى الصراعات عبر القرون لإضفاء المعنى على هذه الكلمات داخل حدودنا، وفى مختلف أرجاء العالم. وقد أسهمت جميع الثقافات من كل أنحاء الكرة الأرضية فى تكويننا تكريسا لمفهوم بالغ البساطة باللغة اللاتينية: من الكثير واحد.
لقد تم تعليق أهمية كبيرة على إمكانية انتخاب شخص من أصل أمريكى إفريقى يدعى باراك حسين أوباما إلى منصب الرئيس. ولكن قصتى الشخصية ليست فريدة إلى هذا الحد. ولم يتحقق حلم الفرص المتاحة للجميع بالنسبة لكل فرد فى أمريكا، ولكن الوعد قائم بالنسبة لجميع من يصل إلى شواطئنا، ويشمل ذلك ما يضاهى سبعة ملايين من المسلمين الأمريكان فى بلدنا اليوم. ويحظى المسلمون الأمريكان بدخل ومستوى للتعليم يعتبران أعلى مما يحظى به معدل السكان.
علاوة على ذلك، لا يمكن فصل الحرية فى أمريكا عن حرية إقامة الشعائر الدينية. كما أن ذلك السبب وراء وجود مسجد فى كل ولاية من الولايات المتحدة ووجود أكثر من 1200 مسجد داخل حدودنا. وأيضا السبب وراء خوض الحكومة الأمريكية إجراءات المقاضاة من أجل صون حق النساء والفتيات فى ارتداء الحجاب، ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن من ذلك الحق.
ليس هناك أى شك فى أن الإسلام هو جزء لا يتجزأ من أمريكا. وأعتقد أن أمريكا تمثل التطلعات المشتركة بيننا جميعا بغض النظر عن العرق أو الديانة أو المكانة الاجتماعية.. ألا وهى تطلعات العيش فى ظل السلام والأمن، والحصول على التعليم والعمل بكرامة، والتعبير عن المحبة التى نكنها لعائلاتنا ومجتمعاتنا، وكذلك لربنا.
هذه هى قواسمنا المشتركة، وهى تمثل أيضا آمال البشرية جمعاء.
يمثل إدراك أوجه الإنسانية المشتركة فيما بيننا بطبيعة الحال مجرد البداية لمهمتنا. إن الكلمات لوحدها لا تستطيع سد احتياجات شعوبنا، ولن نسد هذه الاحتياجات إلا إذا عملنا بشجاعة على مدى السنين القادمة وإذا أدركنا حقيقة أن التحديات التى نواجهها هى تحديات مشتركة، وإذا أخفقنا فى التصدى لها فسوف يلحق ذلك الأذى بنا جميعا.
لقد تعلمنا من تجاربنا الأخيرة ما يحدث من إلحاق الضرر بالرفاهية فى كل مكان إذا ضعف النظام المالى فى بلد واحد. وإذا أصيب شخص واحد بالإنفلونزا فيعرض ذلك الجميع للخطر. وإذا سعى بلد واحد وراء امتلاك السلاح النووى فيزداد خطر وقوع هجوم نووى بالنسبة لكل الدول. وعندما يمارس المتطرفون العنف فى منطقة جبلية واحدة يعرض ذلك الناس من وراء البحار للخطر.
وعندما يتم ذبح الأبرياء فى دارفور والبوسنة يسبب ذلك وصمة فى ضميرنا المشترك. هذا هو معنى التشارك فى هذا العالم بالقرن الحادى والعشرين، وهذه هى المسئولية التى يتحملها كل منا تجاه الآخر كأبناء البشرية.
إنها مسئولية تصعب مباشرتها، وكان تاريخ البشرية فى كثير من الأحيان بمثابة سجل من الشعوب والقبائل التى قمعت بعضها البعض لخدمة تحقيق مصلحتها الخاصة. ولكن فى عصرنا الحديث، تؤدى مثل هذه التوجهات إلى إلحاق الهزيمة بالنفس، ونظرا إلى الاعتماد الدولى المتبادل فأى نظام عالمى يعلى شعبا أو مجموعة من البشر فوق غيرهم سوف يبوء بالفشل لا محالة. وبغض النظر عن أفكارنا حول أحداث الماضى فلا يجب أن نصبح أبدا سجناء لأحداث قد مضت. إنما يجب معالجة مشكلاتنا بواسطة الشراكة، كما يجب أن نحقق التقدم بصفة مشتركة.
لا يعنى ذلك بالنسبة لنا أن نفضل التغاضى عن مصادر التوتر، وفى الحقيقة فإن العكس هو الأرجح.. يجب علينا مجابهة هذه التوترات بصفة مفتوحة. واسمحوا لى انطلاقا من هذه الروح أن أتطرق بمنتهى الصراحة وأكبر قدر ممكن من البساطة إلى بعض الأمور المحددة التى أعتقد أنه يتعين علينا مواجهتها فى نهاية المطاف بجهد مشترك.
إن المسألة الأولى التى يجب أن نجابهها هى التطرف العنيف بجميع أشكاله.
وقد صرحت من مدينة أنقرة بكل وضوح بأن أمريكا ليست ولن تكون أبدا فى حالة حرب مع الإسلام. وعلى أية حال؛ سوف نتصدى لمتطرفى العنف الذين يشكلون تهديدا جسيما لأمننا. والسبب هو أننا نرفض ما يرفضه أهل المعتقدات كافة.. قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال. ومن واجباتى كرئيس أن أتولى حماية الشعب الأمريكى.
يبين الوضع فى أفغانستان أهداف أمريكا وحاجتنا إلى العمل المشترك. وقبل أكثر من سبع سنوات قامت الولايات المتحدة بملاحقة تنظيم القاعدة ونظام طالبان بدعم دولى واسع النطاق. لم نذهب إلى هناك باختيارنا وإنما بسبب الضرورة.
إننى على وعى بالتساؤلات التى يطرحها البعض بالنسبة لأحداث 11 سبتمبر أو حتى تبريرهم لتلك الأحداث. ولكن دعونا أن نكون صريحين.. قام تنظيم القاعدة بقتل ما يضاهى 3000 شخص فى ذلك اليوم. وكان الضحايا من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء. ورغم ذلك اختارت القاعدة بلا ضمير قتل هؤلاء الأبرياء وتباهت بالهجوم، وأكدت إلى الآن عزمها على ارتكاب القتل مجددا وبأعداد ضخمة. إن هناك للقاعدة من ينتسبون لها فى عدة بلدان، وممن يسعون إلى توسعة نطاق أنشطتهم. وما أقوله ليس بآراء قابلة للنقاش، وإنما هى حقائق يجب معالجتها.
ولابد أن تكونوا على علم بأننا لا نريد من جيشنا أن يبقى فى أفغانستان، ولا نسعى لإقامة قواعد عسكرية هناك. خسائرنا بين الشباب والشابات هناك تسبب لأمريكا بالغ الأذى، كما يسبب استمرار هذا النزاع تكاليف باهظة ومصاعب سياسية جمة. ونريد بكل سرور أن نرحب بجميع جنودنا وهم عائدون إلى الوطن إذا استطعنا أن نكون واثقين من عدم وجود متطرفى العنف فى كل من أفغانستان وباكستان، والذين يحرصون على قتل أكبر عدد ممكن من الأمريكيين.
ورغم ذلك كله لن تشهد أمريكا أى حالة من الضعف لإرادتها. ولا ينبغى على أحد منا أن يتسامح مع أولئك المتطرفين. لقد مارسوا القتل فى كثير من البلدان. لقد قتلوا أبناء مختلف العقائد ومعظم ضحاياهم من المسلمين.
إن أعمالهم غير متطابقة على الإطلاق مع كل من حقوق البشر وتقدم الأمم والإسلام. وينص القرآن الكريم على أن «من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا».
ولا شك أن العقيدة التى يتحلى بها أكثر من مليار مسلم تفوق عظمتها بشكل كبير الكراهية الضيقة التى يكنها البعض.
إن الإسلام ليس جزءا من المشكلة المتلخصة فى مكافحة التطرف العنيف، وإنما يجب أن يكون الإسلام جزءا من حل هذه المشكلة.
علاوة على ذلك نعلم أن القوة العسكرية وحدها لن تكفى لحل المشكلات فى كل من أفغانستان وباكستان. ولذلك وضعنا خطة لاستثمار 1.5 مليار دولار سنويا على مدى السنوات الخمس القادمة لإقامة شراكة مع الباكستانيين لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمؤسسات التجارية، وكذلك توفير مئات الملايين لمساعدة النازحين. وهذا أيضا السبب وراء قيامنا بتخصيص ما يربو على 2.8 مليار دولار لمساعدة الأفغان على تنمية اقتصادهم وتوفير خدمات يعتمد عليها الشعب.
اسمحوا لى أيضا أن أتطرق إلى موضوع العراق. لقد اختلف الوضع هناك عن الوضع فى أفغانستان، حيث وقّع القرار بحرب العراق بصفة اختيارية، ما أثار خلافات شديدة سواء فى بلدى أو فى الخارج. ورغم اعتقادى بأن الشعب العراقى فى نهاية المطاف هو الطرف الكاسب فى معادلة التخلص من الطاغية صدام حسين فإننى أعتقد أيضا أن أحداث العراق قد ذكّرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية لتسوية مشكلاتنا؛ كلما كان ذلك ممكنا. وفى الحقيقة فإننا نستذكر كلمات أحد كبار رؤسائنا توماس جيفرسون الذى قال: «إننى أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوتنا، وأن تعلمنا هذه الحكمة درسا مفاده أن القوة ستزداد عظمة كلما قل استخدامها».
تتحمل أمريكا اليوم مسئولية مزدوجة تتلخص فى مساعدة العراق على بناء مستقبل أفضل وترك العراق للعراقيين. إننى أوضحت للشعب العراقى أننا لا نسعى لإقامة أى قواعد فى العراق أو لمطالبة العراق بأى من أراضيه أو موارده. يتمتع العراق بسيادته الخاصة به بمفرده. لذا أصدرت الأوامر بسحب الوحدات القتالية مع حلول شهر أغسطس القادم، ولذا سوف نحترم الاتفاق المبرم مع الحكومة العراقية المنتخبة بأسلوب ديمقراطى، والذى يقتضى سحب القوات القتالية من المدن العراقية بحلول شهر يوليو، وكذلك سحب جميع قواتنا بحلول عام 2012. سوف نساعد العراق على تدريب قواته الأمنية وتنمية اقتصاده. ولكننا سنقدم الدعم للعراق الأمن والموحد بصفتنا شريكا له، وليس بصفة الراعى.
وأخيرا؛ مثلما لا يمكن لأمريكا أن تتسامح مع عنف المتطرفين فلا يجب علينا أن نقوم بتغيير مبادئنا أبدا. قد ألحقت أحداث 11 سبتمبر إصابة ضخمة ببلدنا، حيث يمكن تفهم مدى الخوف والغضب الذى خلفته تلك الأحداث، ولكن فى بعض الحالات أدى ذلك إلى القيام بأعمال تخالف مبادئنا. إننا نتخذ إجراءات محددة لتغيير الاتجاه. وقد قمت بمنع استخدام أساليب التعذيب من قبل الولايات المتحدة منعا باتا، كما أصدرت الأوامر بإغلاق السجن فى خليج جوانتانامو مع حلول مطلع العام القادم.
نحن فى أمريكا سوف ندافع عن أنفسنا محترمين فى ذلك سيادة الدول وحكم القانون. وسوف نقوم بذلك فى إطار الشراكة بيننا وبين المجتمعات الإسلامية التى يحدق بها الخطر أيضا لأننا سنحقق مستوى أعلى من الأمن فى وقت أقرب إذا نجحنا بصفة سريعة فى عزل المتطرفين مع عدم التسامح معهم داخل المجتمعات الإسلامية.
أما المصدر الرئيسى الثانى للتوتر الذى أود مناقشته فهو الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم العربى.
إن متانة الأواصر الرابطة بين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع. ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبدا، وهى تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية، وكذلك الاعتراف بأن رغبة اليهود فى وجود وطن خاص لهم هو رغبة متأصلة فى تاريخ مأساوى لا يمكن لأحد نفيه.
لقد تعرض اليهود على مر القرون للاضطهاد وتفاقمت أحوال معاداة السامية فى وقوع المحرقة التى لم يسبق لها عبر التاريخ أى مثيل. وإننى سوف أقوم غدا بزيارة معسكر بوخنفالد الذى كان جزءا من شبكة معسكرات الموت التى استخدمت لاسترقاق وتعذيب وقتل اليهود رميا بالأسلحة النارية وتسميما بالغازات.
لقد تم قتل 6 ملايين من اليهود يعنى أكثر من إجمالى عدد اليهود بين سكان اسرائيل اليوم. إن نفى هذه الحقيقة هو أمر لا أساس له وينم عن الجهل وبالغ الكراهية. كما أن تهديد اسرائيل بتدميرها أو تكرار الصور النمطية الحقيرة عن اليهود هما أمران ظالمان للغاية ولا يخدمان إلا غرض استحضار تلك الأحداث الأكثر إيذاء إلى أذهان الإسرائيليين وكذلك منع حلول السلام الذى يستحقه سكان هذه المنطقة.
أما من ناحية أخرى، فلا يمكن نفى أن الشعب الفلسطينى مسلمين ومسيحيين قد عانوا أيضا فى سعيهم إلى إقامة وطن خاص لهم. وقد تحمل الفلسطينيون آلام النزوح على مدى أكثر من 60 سنة، حيث ينتظر العديد منهم فى الضفة الغربية وغزة والبلدان المجاورة لكى يعيشوا حياة يسودها السلام والأمن هذه الحياة التى لم يستطيعوا عيشها حتى الآن. يتحمل الفلسطينيون الإهانات اليومية صغيرة كانت أم كبيرة، والتى هى ناتجة عن الاحتلال. وليس هناك أى شك فى أن وضع الفلسطينيين لا يطاق، ولن تدير أمريكا ظهرها عن التطلعات المشروعة للفلسطينيين ألا وهى: تطلعات الكرامة ووجود الفرص ودولة خاصة بهم.
لقد استمرت حالة الجمود لعشرات السنوات.. شعبان لكل منهما طموحاته المشروعة ولكل منهما تاريخ مؤلم يجعل من التراضى أمرا صعب المنال. إن توجيه اللوم أمر سهل إذ يشير الفلسطينيون إلى تأسيس دولة إسرائيل، وما أدت إليه من تشريد للفلسطينيين، ويشير الإسرائيليون إلى العداء المستمر والاعتداءات التى يتعرضون لها داخل حدود إسرائيل وخارج هذه الحدود على مدى التاريخ. ولكننا إذا نظرنا إلى هذا الصراع من هذا الجانب أو من الجانب الآخر فإننا لن نتمكن من رؤية الحقيقة.. لأن السبيل الوحيد للتوصل إلى تحقيق طموحات الطرفين يكون من خلال دولتين يستطيع فيهما الإسرائيليون والفلسطينيون أن يعيشوا فى سلام وأمن.
إن هذا السبيل يخدم مصلحة إسرائيل ومصلحة فلسطين ومصلحة أمريكا، ولذلك سوف أسعى شخصيا للوصول إلى هذه النتيجة متحليا بالقدر اللازم من الصبر الذى تقتضيه هذه المهمة. إن الالتزامات التى وافق عليها الطرفان بموجب خريطة الطريق هى التزامات واضحة. لقد آن الأوان من أجل إحلال السلام لكى يتحمل الجانبان مسئولياتهما ولكى نتحمل جميعنا مسئولياتنا كذلك.
يجب على الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف. إن المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ولا يؤدى إلى النجاح. لقد عانى السود فى أمريكا طوال قرون من الزمن سوط العبودية ومهانة التفرقة والفصل بين البيض والسود، ولكن العنف لم يكن السبيل الذى مكنهم من الحصول على حقوقهم الكاملة والمتساوية، بل كان السبيل إلى ذلك إصرارهم وعزمهم السلمى على الالتزام بالمُثل التى كانت بمثابة الركيزة التى اعتمد عليها مؤسسو أمريكا، وهذا هو ذات التاريخ الذى شاهدته شعوب كثيرة تشمل شعب جنوب أفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا الشرقية وإندونيسيا.
وينطوى هذا التاريخ على حقيقة بسيطة ألا وهى أن طريق العنف طريق مسدود، وأن إطلاق الصواريخ على الأطفال الاسرائيليين فى مضاجعهم أو تفجير حافلة على متنها سيدات مسنات لا يعبر عن الشجاعة أو عن القوة، ولا يمكن اكتساب سلطة التأثير المعنوى عن طريق مثل هذه الأعمال إذ يؤدى هذا الأسلوب إلى التنازل عن هذه السلطة.
والآن على الفلسطينيين تركيز اهتمامهم على الأشياء التى يستطيعون إنجازها، ويجب على السلطة الفلسطينية تنمية قدرتها على ممارسة الحكم من خلال مؤسسات تقدم خدمات للشعب وتلبى احتياجاته. إن تنظيم حماس يحظى بالدعم من قبل بعض الفلسطينيين ولكنه يتحمل مسئوليات كذلك، ويتعين على تنظيم حماس حتى يؤدى دوره فى تلبية طموحات الفلسطينيين وتوحيد الشعب الفلسطينى أن يضع حدا للعنف وأن يعترف بالاتفاقات السابقة وأن يعترف بحق اسرائيل فى البقاء.
وفى نفس الوقت؛ يجب على الإسرائيليين الإقرار بأن حق فلسطين فى البقاء هو حق لا يمكن إنكاره مثلما لا يمكن إنكار حق إسرائيل فى البقاء. إن الولايات المتحدة لا تقبل مشروعية من يتحدثون عن إلقاء اسرائيل فى البحر كما أننا لا نقبل مشروعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية. إن عمليات البناء هذه تنتهك الاتفاقات السابقة وتقوِّض من الجهود المبذولة لتحقيق السلام. لقد آن الأوان لكى تتوقف هذه المستوطنات.
كما يجب على اسرائيل أن تفى بالتزاماتها لتأمين تمكين الفلسطينيين من أن يعيشوا ويعملوا ويطوروا مجتمعهم. لأن أمن إسرائيل لا يتوافر عن طريق الأزمة الإنسانية فى غزة التى تصيب الأسر الفلسطينية بالهلاك، أو عن طريق انعدام الفرص فى الضفة الغربية. إن التقدم فى الحياة اليومية التى يعيشها الشعب الفلسطينى يجب أن يكون جزءا من الطريق المؤدى للسلام، ويجب على إسرائيل أن تتخذ خطوات ملموسة لتحقيق مثل هذا التقدم.
وأخيرا؛ يجب على الدول العربية أن تعترف بأن مبادرة السلام العربية كانت بداية مهمة، وأن مسئولياتها لا تنتهى بهذه المبادرة، كما ينبغى عليها ألّا تستخدم الصراع بين العرب وإسرائيل لإلهاء الشعوب العربية عن مشكلاتها الآخرى، بل يجب أن تكون هذه المبادرة سببا لحثهم على العمل لمساعدة الشعب الفلسطينى على تطوير مؤسساته التى سوف تعمل على مساندة الدولة الفلسطينية ومساعدة الشعب الفلسطينى على الاعتراف بشرعية إسرائيل واختيار سبيل التقدم بدلا من السبيل الانهزامى الذى يركز الاهتمام على الماضى.
سوف تنسق أمريكا سياساتنا مع سياسات أولئك الذين يسعون من أجل السلام، وسوف تكون تصريحاتنا التى تصدر علنا هى ذات التصريحات التى نعبر عنها فى اجتماعاتنا الخاصة مع الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب. إننا لا نستطيع أن نفرض السلام، ويدرك كثيرون من المسلمين فى قرارة أنفسهم أن إسرائيل لن تختفى، وبالمثل يدرك الكثيرون من الإسرائيليين أن قيام دولة فلسطينية أمر ضرورى. لقد آن الأوان للقيام بعمل يعتمد على الحقيقة التى يدركها الجميع.
لقد تدفقت دموع الكثيرين وسالت دماء الكثيرين، وعلينا جميعا تقع مسئولية العمل من أجل ذلك اليوم الذى تستطيع فيه أمهات الإسرائيليين والفلسطينيين مشاهدة أبنائهن يتقدمون فى حياتهم دون خوف، وعندما تصبح الأرض المقدسة التى نشأت فيها الأديان الثلاث العظيمة مكانا للسلام الذى أراده الله لها، وعندما تصبح مدينة القدس وطنا دائما لليهود والمسيحيين والمسلمين المكان الذى يستطيع فيه أبناء سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يتعايشوا فى سلام تماما، كما ورد فى قصة الإسراء عندما أقام الأنبياء موسى وعيسى ومحمد سلام الله وصلواته عليهم.
إن المصدر الثالث للتوتر يتعلق باهتمامنا المشترك بحقوق الدول ومسئولياتها بشأن الأسلحة النووية.
لقد كان هذا الموضوع مصدرا للتوتر الذى طرأ مؤخرا على العلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية التى ظلت لسنوات كثيرة تعبر عن هويتها من خلال موقفها المناهض لبلدى، والتاريخ بين بلدينا تاريخ عاصف بالفعل إذ لعبت الولايات المتحدة إبان فترة الحرب الباردة دورا فى الإطاحة بالحكومة الإيرانية المنتخبة بأسلوب ديمقراطى. أما إيران فإنها لعبت دورا منذ قيام الثورة الإسلامية فى أعمال اختطاف الرهائن وأعمال العنف ضد القوات والمدنيين الأمريكيين. هذا التاريخ تاريخ معروف. لقد أعلنت بوضوح لقادة إيران وشعب إيران أن بلدى بدلا من أن يتقيد بالماضى يقف مستعدا للمضى قدما. والسؤال المطروح الآن لا يتعلق بالأمور التى تناهضها إيران، ولكنه يرتبط بالمستقبل الذى تريد إيران أن تبنيه.
إن التغلب على فقدان الثقة الذى استمر لعشرات السنوات سوف يكون صعبا ولكننا سوف نمضى قدما مسلحين بالشجاعة واستقامة النوايا والعزم. سيكون هناك الكثير من القضايا التى سيناقشها البلدان، ونحن مستعدون للمضى قدما دون شروط مسبقة على أساس الاحترام المتبادل. إن الأمر الواضح لجميع المعنيين بموضوع الأسلحة النووية أننا قد وصلنا إلى نقطة تتطلب الحسم، وهى ببساطة لا ترتبط بمصالح أمريكا، ولكنها ترتبط بمنع سباق للتسلح النووى قد يدفع بالمنطقة إلى طريق محفوف بالمخاطر ويدمر النظام العالمى لمنع انتشار الأسلحة النووية.
إننى مدرك أن البعض يعترض على حيازة بعض الدول لأسلحة لا توجد مثلها لدى دول أخرى، ولا ينبغى على أى دولة أن تختار الدول التى تملك أسلحة نووية، وهذا هو سبب قيامى بالتأكيد مجددا وبشدة على التزام أمريكا بالسعى من أجل عدم امتلاك أى من الدول للأسلحة النووية، وينبغى على أى دولة بما فى ذلك إيران أن يكون لها حق الوصول إلى الطاقة النووية السلمية إذا امتثلت لمسئولياتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهذا الالتزام هو التزام جوهرى فى المعاهدة، ويجب الحفاظ عليه من أجل جميع الملتزمين به.
إن الموضوع الرابع الذى أريد أن أتطرق إليه هو الديمقراطية.
إن نظام الحكم الذى يسمع صوت الشعب ويحترم حكم القانون وحقوق جميع البشر هو النظام الذى أومن به. وأعلم أن جدلا حول تعزيز الديمقراطية وحقوق جميع البشر كان يدور خلال السنوات الأخيرة وأن جزءا كبيرا من هذا الجدل كان متصلا بالحرب فى العراق. اسمحوا لى أن أتحدث بوضوح وأقول ما يلى: لا يمكن لأى دولة ولا ينبغى على أى دولة أن تفرض نظاما للحكم على أى دولة أخرى.
ومع ذلك؛ لن يقلل ذلك من التزامى تجاه الحكومات التى تعبر عن إرادة الشعب، حيث يتم التعبير عن هذا المبدأ فى كل دولة وفقا لتقاليد شعبها. إن أمريكا لا تفترض أنها تعلم ما هو أفضل شىء بالنسبة للجميع، كما أننا لا نفترض أن تكون نتائج الانتخابات السلمية هى النتائج التى نختارها، ومع ذلك يلازمنى اعتقاد راسخ بأن جميع البشر يتطلعون لامتلاك قدرة التعبير عن أفكارهم وآرائهم فى أسلوب الحكم المتبع فى بلدهم، ويتطلعون للشعور بالثقة فى حكم القانون وفى الالتزام بالعدالة والمساواة فى تطبيقه، ويتطلعون كذلك لشفافية الحكومة وامتناعها عن نهب أموال الشعب، ويتطلعون لحرية اختيار طريقهم فى الحياة. إن هذه الأفكار ليست أفكارا أمريكية فحسب، بل هى حقوق إنسانية وهى لذلك الحقوق التى سوف ندعمها فى كل مكان.
لا يوجد طريق سهل ومستقيم لتلبية هذا الوعد، ولكن الأمر الواضح بالتأكيد هو أن الحكومات التى تحمى هذه الحقوق هى فى نهاية المطاف الحكومات التى تتمتع بقدر أكبر من الاستقرار والنجاح والأمن. إن قمع الأفكار لا ينجح أبدا فى القضاء عليها. ان أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمى يراعى القانون حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا وسوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة شرط أن تحترم جميع أفراد الشعب فى ممارستها للحكم.
هذه النقطة لها أهميتها لأن البعض لا ينادون بالديمقراطية إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة ولا يرحمون الغير فى ممارساتهم القمعية لحقوق الآخرين عند وصولهم إلى السلطة. إن الحكومة التى تتكون من أفراد الشعب وتدار بواسطة الشعب هى المعيار الوحيد لجميع من يشغلون مراكز السلطة بغض النظر عن المكان الذى تتولى فيه مثل هذه الحكومة ممارسة مهامها.. إذ يجب على الحكام أن يمارسوا سلطاتهم من خلال الاتفاق فى الرأى وليس عن طريق الإكراه، ويجب على الحكام أن يحترموا حقوق الأقليات وأن يعطوا مصالح الشعب الأولوية على مصالح الحزب الذى ينتمون إليه.
أما الموضوع الخامس الذى يجب علينا الوقوف أمامه معا فهو موضوع الحرية الدينية.
إن التسامح تقليد عريق يفخر به الإسلام. لقد شاهدت بنفسى هذا التسامح عندما كنت طفلا فى إندونيسيا إذ كان المسيحيون فى ذلك البلد الذى يشكل فيه المسلمون الغالبية يمارسون طقوسهم الدينية بحرية. إن روح التسامح التى شاهدتها هناك هى ما نحتاجه اليوم إذ يجب أن تتمتع الشعوب فى جميع البلدان بحرية اختيار العقيدة وأسلوب الحياة القائم على ما تمليه عليهم عقولهم وقلوبهم وأرواحهم بغض النظر عن العقيدة التى يختارونها لأنفسهم لأن روح التسامح هذه ضرورية لازدهار الدين، ومع ذلك تواجه روح التسامح هذه تحديات مختلفة.
ثمة توجه فى بعض أماكن العالم الإسلامى ينزع إلى تحديد قوة عقيدة الشخص وفقا لموقفه الرافض لعقيدة الآخر. إن التعددية الدينية هى ثروة يجب الحفاظ عليها ويجب أن يشمل ذلك الموارنة فى لبنان أو الأقباط فى مصر، ويجب إصلاح خطوط الانفصال فى أوساط المسلمين كذلك لأن الانقسام بين السنيين والشيعيين قد أدى إلى عنف مأساوى ولا سيما فى العراق.
إن الحرية الدينية هى الحرية الأساسية التى تمكن الشعوب من التعايش ويجب علينا دائما أن نفحص الأساليب التى نتبعها لحماية هذه الحرية فالقواعد التى تنظم التبرعات الخيرية فى الولايات المتحدة على سبيل المثال أدت إلى تصعيب تأدية فريضة الزكاة بالنسبة للمسلمين، وهذا هو سبب التزامى بالعمل مع الأمريكيين المسلمين لضمان تمكينهم من تأدية فريضة الزكاة.
وبالمثل من الأهمية بمكان أن تمتنع البلدان الغربية عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهم من التعبير عن دينهم على النحو الذى يعتبرونه مناسبا فعلى سبيل المثال عن طريق فرض الثياب التى ينبغى على المرأة المسلمة أن ترتديها. إننا ببساطة لا نستطيع التظاهر بالليبرالية عن طريق التستر على معاداة أى دين.
ينبغى أن يكون الإيمان عاملا للتقارب فيما بيننا ولذلك نعمل الآن على تأسيس مشروعات جديدة تطوعية فى أمريكا من شأنها التقريب فيما بين المسيحيين والمسلمين واليهود. إننا لذلك نرحب بالجهود المماثلة لمبادرة جلالة الملك عبدالله المتمثلة فى حوار الأديان، كما نرحب بالموقف الريادى الذى اتخذته تركيا فى تحالف الحضارات. إننا نستطيع أن نقوم بجهود حول العالم لتحويل حوار الأديان إلى خدمات تقدمها الأديان يكون من شأنها بناء الجسور التى تربط بين الشعوب وتؤدى بهم إلى تأدية أعمال تدفع إلى الأمام عجلة التقدم لجهودنا الإنسانية المشتركة سواء كان ذلك فى مجال مكافحة الملاريا فى أفريقيا أو توفير الإغاثة فى أعقاب كارثة طبيعية.
إن الموضوع السادس الذى أريد التطرق إليه هو موضوع حقوق المرأة.
أعلم أن الجدل يدور حول هذا الموضوع وأرفض الرأى الذى يعبر عنه البعض فى الغرب ويعتبر المرأة التى تختار غطاء لشعرها أقل شأنا من غيرها ولكننى أعتقد أن المرأة التى تحرم من التعليم تحرم كذلك من المساواة. إن البلدان التى تحصل فيها المرأة على تعليم جيد هى غالبا بلدان تتمتع بقدر أكبر من الرفاهية؛ وهذا ليس من باب الصدفة.
اسمحوا لى أن أتحدث بوضوح.. إن قضايا مساواة المرأة ليست ببساطة قضايا للإسلام وحده لقد شاهدنا بلدانا غالبية سكانها من المسلمين مثل تركيا وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا تنتخب المرأة لتولى قيادة البلد. وفى نفس الوقت يستمر الكفاح من أجل تحقيق المساواة للمرأة فى بعض جوانب الحياة الأمريكية وفى بلدان العالم ولذلك سوف تعمل الولايات المتحدة مع أى بلد غالبية سكانه من المسلمين من خلال شراكة لدعم توسيع برامج محو الأمية للفتيات ومساعدتهن على السعى فى سبيل العمل عن طريق توفير التمويل الأصغر الذى يساعد الناس على تحقيق أحلامهم.
باستطاعة بناتنا تقديم مساهمات إلى مجتمعاتنا تتساوى مع ما يقدمه لها أبناؤنا وسوف يتم تحقيق التقدم فى رفاهيتنا المشتركة من خلال إتاحة الفرصة لجميع الرجال والنساء لتحقيق كل ما يستطيعون تحقيقه من إنجازات. أنا لا أعتقد أن على المرأة أن تسلك ذات الطريق الذى يختاره الرجل لكى تحقق المساواة معه كما أحترم كل امرأة تختار ممارسة دور تقليدى فى حياتها ولكن هذا الخيار ينبغى أن يكون للمرأة نفسها.
وأخيرا أريد أن أتحدث عن التنمية الاقتصادية وتنمية الفرص.
أعلم أن الكثيرين يشاهدون تناقضات فى مظاهر العولمة لأن شبكة الإنترنت وقنوات التليفزيون لديها قدرات لنقل المعرفة والمعلومات ولديها كذلك قدرات لبث مشاهد جنسية منفرة وفظة وعنف غير عقلانى وباستطاعة التجارة أن تأتى بثروات وفرص جديدة ولكنها فى ذات الوقت تحدث فى المجتمعات اختلالات وتغييرات كبيرة وتأتى مشاعر الخوف فى جميع البلدان حتى فى بلدى مع هذه التغييرات. وهذا الخوف هو خوف من أن تؤدى الحداثة إلى فقدان السيطرة على خياراتنا الاقتصادية وسياساتنا، والأهم من ذلك على هوياتنا وهى الأشياء التى نعتز بها فى مجتمعاتنا وفى أسرنا وفى تقاليدنا وفى عقيدتنا.
ولكنى أعلم أيضا أن التقدم البشرى لا يمكن إنكاره فالتناقض بين التطور والتقاليد ليس أمرا ضروريا إذ تمكنت بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية من تنمية أنظمتها الاقتصادية والحفاظ على ثقافتها المتميزة فى ذات الوقت. وينطبق ذلك على التقدم الباهر الذى شاهده العالم الإسلامى من كوالالمبور إلى دبى لقد أثبتت المجتمعات الإسلامية منذ قديم الزمان وفى عصرنا الحالى أنها تستطيع أن تتبوأ مركز الطليعة فى الابتكار والتعليم.
وهذا أمر مهم إذ لا يمكن أن تعتمد أى إستراتيجية للتنمية على الثروات المستخرجة من تحت الأرض، ولا يمكن إدامة التنمية مع وجود البطالة فى أوساط الشباب. لقد استمتع عدد كبير من دول الخليج بالثراء المتولد عن النفط وتبدأ بعض هذه الدول الآن فى التركيز على قدر أعرض من التنمية، ولكن علينا جميعا أن ندرك أن التعليم والابتكار سيكونان مفتاحا للثروة فى القرن الواحد والعشرين. إننى أؤكد على ذلك. فى بلدى كانت أمريكا فى الماضى تركز اهتمامها على النفط والغاز فى هذا الجزء من العالم ولكننا نسعى الآن للتعامل مع أمور تشمل أكثر من ذلك.
فيما يتعلق بالتعليم سوف نتوسع فى برامج التبادل ونرفع من عدد المنح الدراسية مثل تلك التى أتت بوالدى إلى أمريكا وسوف نقوم فى نفس الوقت بتشجيع عدد أكبر من الأمريكيين على الدراسة فى المجتمعات الإسلامية، وسوف نوفر للطلاب المسلمين الواعدين فرصا للتدريب فى أمريكا وسوف نستثمر فى سبل التعليم الافتراضى للمعلمين والتلاميذ فى جميع أنحاء العالم عبر الفضاء الإلكترونى وسوف نستحدث شبكة إلكترونية جديدة لتمكين المراهقين والمراهقات فى ولاية كنساس من الاتصال المباشر مع نظرائهم فى القاهرة.
وفيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية سوف نستحدث هيئة جديدة من رجال الأعمال المتطوعين لتكوين شراكة مع نظرائهم فى البلدان التى يشكل فيها المسلمون أغلبية السكان وسوف أستضيف مؤتمر قمة لأصحاب المشروعات المبتكرة هذا العام لتحديد كيفية تعميق العلاقات بين الشخصيات القيادية فى مجال العمل التجارى والمهنى والمؤسسات وأصحاب المشروعات الابتكارية الاجتماعية فى الولايات المتحدة وفى المجتمعات الإسلامية فى جميع أنحاء العالم.
وفيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا سوف نؤسس صندوقا ماليا جديدا لدعم التنمية والتطور التكنولوجى فى البلدان التى يشكل فيها المسلمون غالبية السكان وللمساهمة فى نقل الأفكار إلى السوق حتى تستطيع هذه البلدان استحداث فرص للعمل وسوف نفتتح مراكز للتفوق العلمى فى أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وسوف نعين موفدين علميين للتعاون فى برامج من شأنها تطوير مصادر جديدة للطاقة واستحداث فرص خضراء للعمل لا تضر بالبيئة وسبل لترقيم السجلات وتنظيف المياه وزراعة محاصيل جديدة.
واليوم؛ أعلن عن جهود عالمية جديدة مع منظمة المؤتمر الإسلامى للقضاء على مرض شلل الأطفال وسوف نسعى من أجل توسيع الشراكة مع المجتمعات الإسلامية لتعزيز صحة الأطفال والأمهات.
يجب إنجاز جميع هذه الأمور عن طريق الشراكة. إن الأمريكيين مستعدون للعمل
مع المواطنين والحكومات ومع المنظمات الأهلية والقيادات الدينية والشركات التجارية والمهنية فى المجتمعات الإسلامية حول العالم من أجل مساعدة شعوبنا فى مساعيهم الرامية لتحقيق حياة أفضل.
إن معالجة الأمور التى وصفتها لن تكون سهلة ولكننا نتحمل معا مسئولية ضم صفوفنا والعمل معا نيابة عن العالم الذى نسعى من أجله، وهو عالم لا يهدد فيه المتطرفون شعوبنا.. عالم تعود فيه القوات الأمريكية إلى ديارها.. عالم ينعم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بالأمان فى دولة لكل منهم.. وعالم تستخدم فيه الطاقة النووية لأغراض سلمية.. وعالم تعمل فيه الحكومات على خدمة المواطنين.. وعالم تحظى فيه حقوق جميع البشر بالاحترام. هذه هى مصالحنا المشتركة وهذا هو العالم الذى نسعى من أجله والسبيل الوحيد لتحقيق هذا العالم هو العمل معا.
أعلم أن هناك الكثيرين من المسلمين وغير المسلمين الذين تراودهم الشكوك حول قدرتنا على استهلال هذه البداية وهناك البعض الذين يسعون إلى تأجيج نيران الفرقة والانقسام والوقوف فى وجه تحقيق التقدم ويقترح البعض أن الجهود المبذولة فى هذا الصدد غير مجدية ويقولون إن الاختلاف فيما بيننا أمر محتم وأن الحضارات سوف تصطدم حتما وهناك الكثيرون كذلك الذين يتشككون ببساطة فى امكانية تحقيق التغيير الحقيقى.. فالمخاوف كثيرة وانعدام الثقة كبير. ولكننا لن نتقدم أبدا إلى الإمام إذا اخترنا التقيد بالماضى.
إن الفترة الزمنية التى نعيش فيها جميعا مع بعضنا البعض فى هذا العالم هى فترة قصيرة والسؤال المطروح علينا هو هل سنركز اهتمامنا خلال هذه الفترة الزمنية على الأمور التى تفرق بيننا أم سنلتزم بجهود مستدامة للوصول إلى موقف مشترك وتركيز اهتمامنا على المستقبل الذى نسعى إليه من أجل أبنائنا واحترام كرامة جميع البشر.
هذه الأمور ليست أمورا سهلة. إن خوض الحروب أسهل من إنهائها كما أن توجيه اللوم للآخرين أسهل من أن ننظر إلى ما يدور فى أعماقنا كما أن ملاحظة الجوانب التى نختلف فيها مع الآخرين أسهل من العثور على الجوانب المشتركة بيننا ولكل دين من الأديان قاعدة جوهرية تدعونا لأن نعامل الناس مثلما نريد منهم أن يعاملونا وتعلو هذه الحقيقة على البلدان والشعوب وهى عقيدة ليست بجديدة وهى ليست عقيدة السود أو البيض أو السمر وليست هذه العقيدة مسيحية أو مسلمة أو يهودية.. هى عقيدة الإيمان الذى بدأت نبضاتها فى مهد الحضارة والتى ما زالت تنبض اليوم فى قلوب آلاف الملايين من البشر.. هى الإيمان بالآخرين.. الإيمان الذى أتى بى إلى هنا اليوم.
إننا نملك القدرة على تشكيل العالم الذى نسعى من أجله ولكن يتطلب ذلك منا أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لاستحداث هذه البداية الجديدة آخذين بعين الاعتبار ما كتب فى القرآن الكريم: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا».
ونقرأ فى التلمود ما يلى«إن الغرض من النص الكامل للتوراة هو تعزيز السلام».
ويقول لنا الكتاب المقدس «هنيئا لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدعونَ».
باستطاعة شعوب العالم أن تعيش معا فى سلام. إننا نعلم أن هذه رؤية الرب وعلينا الآن أن نعمل على الأرض لتحقيق هذه الرؤية. شكرا لكم والسلام عليكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.