«التالتة تابتة. محمود عيسى رئيس المعهد القومى للجودة وزيرا للتجارة والصناعة. أخيرا اختاروا وزيرا من داخل أروقة الوزارة بعد أن خلع الزى العسكرى تاركا الخدمة فى القوات المسلحة»، هكذا ظل عدد كبير من موظفى الوزارة يرددون ذلك طوال يوم أمس. بعد أن ظلت أحاديث التغيير الوزارى تسيطر على أروقة الوزارة خلال الأيام الماضية. ولم يعد يخلو مكتب من المكاتب من تبادل التكهنات وأحيانا النكات على إثر التأرجح الحكومى بين اختيار رجل أعمال هو أحمد فكرى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الهندسية، والعضو المنتدب لشركة مرسيدس، ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات الاستثمار العقارى، وبين أحمد جلال رئيس منتدى البحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمدير السابق للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية والخبير السابق فى البنك الدولى. ومحمود عيسى اللواء السابق بالقوات المسلحة والحاصل على شهادة الدكتوراة فى الهندسة من كل من جامعة القاهرة وجامعة سالفورد فى إنجلترا فى الثمانينيات جاء للعمل داخل الوزارة فى عام 2000 كرئيس للهيئة المصرية للتوحيد القياسى. وكان مسئولا عن وضع عدد كبير من المواصفات القياسية للسلع المصرية بهدف التواؤم مع المواصفات العالمية. وعلى الرغم من أن عيسى كان قد اتجه للعمل فى المجال الحكومى فإنه ظل محتفظا بعضوية مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع حتى عام 2007. وكان قد تدرج فى العمل كنائب مدير لمركز البحوث الفنية بالقوات المسلحة ومساعد لرئيس هيئة التسليح للقوات المسلحة فى التسعينيات حتى وصل إلى منصب نائب رئيس هيئة التسليح للقوات المسلحة حتى عام 2000. وكان عضوا فى مجلس إدارة 3 شركات من شركات المصانع الحربية. «هذا الرجل يتميز بالنزاهة إلى حد كبير. وكونه عمل داخل الوزارة منذ أكثر من 10 سنوات يجعله مناسبا لإدارة هذه الفترة التى لا تحتاج إلا إلى تسيير أعمال للوزارات التى ظل العمل متوقفا إلى حد كبير فيها طوال الفترات الماضية. وهى الفترة التى لم يكن الوزراء المؤقتون يشعرون خلالها بأن عليهم اتخاذ أى قرار. وهم كانوا معذورين فى هذا لأنهم يخشون من الوقوع فى أية أخطاء خلال فترة توليهم المسئولية، فهم يدركون أن فترة توليهم الوزارة قصيرة للغاية. «على العموم، اختيار مسئول من داخل الوزارة الآن أسلم حل» تبعا لما قاله أحد المسئولين فى الوزارة. أما سمير الصياد الوزير السابق الذى ترك منصبة رسميا أمس بعد أن حلف الوزير الجديد اليمين فظل قابعا فى مكتبه بمدينة نصر أمس الأول دون أن يوقع على أى قرار أو يقابل أحدا من المسئولين. وكان أشهر منشور وقعه الصياد قبل رحيله بأيام، على إثر بدء تسرب معلومات عن قرب إجراء تعديل وزارى، وتم توزيعه على رؤساء القطاعات كان يؤكد فيه على أهمية تحقيق مطالب المعتصمين فى التحرير والتى جاءت بعد يوم 18 يوليو الخاصة بمحاربة فساد كبار المسئولين. «جاءنا هذا المنشور دون أن نفهم فحواه ولا طريقة تطبيقه، ولا كيف يتم محاربة الفساد، أو ماذا كان يقصد الوزير»، هكذا قال أحد كبار المسئولين فى الوزارة. وكان اختيار الأحمدين: فكرى، وجلال مثارا لاعتراضات من جانب بعض من رأى فى الأول تكرارا لتجربة تولى رجال أعمال للمسئولية الوزارية وما قد يحمله ذلك الاختيار من تعارض فى المصالح، أو انحياز الوزير إلى طبقة رجال الأعمال التى ينتمى إليها. أما الاعتراض الآخر على جلال فلم يكن سوى توليه منصب مدير المركز المصرى للدراسات الإقتصادية فى فترة كان فيها جمال مبارك عضوا فى مجلس إدارته. إلا أن أحمد جلال ظل يتلقى التهانى باعتباره وزيرا حتى مساء أمس الأول قبل أن يعدل عصام شرف رئيس الوزراء عن الاختيار ظهر أمس الأول. وسيكون على عيسى الوزير الجديد فى أول مهام له عقب توليه المسئولية أن يصدر التعديلات على لائحة الاستيراد والتصدير التى انتهى المسئولون فى الوزارة من إعدادها منذ فترة لمعالجة الثغرات فى اللائحة الحالية، والتى لم يقم الصياد بالتوقيع عليها. ومن أهم أهداف التعديل عدم تسرب الملابس والأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات والأحذية الجلدية المغشوشة للسوق المحلية. إلى جانب اتخاذ قرار حاسم لمواجهة الخطر الذى يتهدد صادرات الحاصلات الزراعية المصرية للأسواق الخارجية بعد الحظر الذى قامت به الدول الأوروبية. إلى جانب دول أخرى مثل سويسرا وتركيا وروسيا وهو ما يهدد بدخول دول أخرى على خط الحظر. وعلى جانب آخر بينما كان عيسى وعدد من الوزراء الجدد يقابلون شرف فى مقر مجلس الوزراء قبل حلف اليمين الدستورية كان حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير المالية قد سبق جميع الوزراء الجدد وذهب إلى مقر وزارته (المالية) ليتولى مهام منصبه منذ صباح أمس. وعقد عددا من اللقاءات مع كبار القيادات فى الوزارة.