«عشماوي» يستقبل وفد الهيئة الليبية لضمان جودة التعليم لبحث التعاون المشترك    جامعة كفرالشيخ ال 518 عالميًا في تصنيف «يو إس نيوز» الأمريكي لعام 2025    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مستلزمات الطاقة الشمسية ب 200 مليون دولار    جيش الاحتلال يبدأ تنفيذ موجة جديدة من الهجمات على طهران    انخفاض الحرارة وأمطار.. تفاصيل حالة الطقس في مصر حتى الأحد 22 يونيو    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    ضبط 14 مركزا لعلاج الإدمان بدون ترخيص    تنفيذ 9264 عملية عيون للمرضى غير القادرين بأسوان    ب«34 خلسة».. إطلاق حملة لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة بدمياط الجديدة (تفاصيل)    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    وزير الدفاع الإسرائيلى: سنقصف رموزا سيادية وحكومية إضافية فى إيران قريبا    «جوتيريش» يطالب بالتحقيق في «قتلى الجوع» بغزة.. ويشدد على ضرورة إدخال المساعدات    قنصل مصر في نيويورك يدعم بعثة الأهلي    جامعة قناة السويس تطلق الدورة العاشرة في الاستراتيجية والأمن القومي    التعليم تكشف آلية توزيع الكتب المدرسية للمدارس الخاصة .. مستند    محافظ قنا يبحث مع البنك الزراعي المصري دعم المشروعات الزراعية وتعزيز الشراكة المجتمعية    تحرير 576 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 906 رخص خلال 24 ساعة    نتيجة الشهادة الإعدادية فى 7 محافظات بالاسم ورقم الجلوس    «الداخلية» تلاحق تجار الموت.. مصرع عنصرين وضبط مخدرات ب50 مليون جنيه    الموت يفجع الفنانة هايدي موسى    ارتفع أسعار النفط وسط مخاوف التوترات بشأن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران    بتكلفة تجاوزت 87 مليار جنيه.. «الصحة»: 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    "فات الميعاد" يتصدر المشاهدات وأسماء أبو اليزيد تشارك أول لحظات التصوير    بحضور رئيس جامعة حلوان.. رسالة علمية عن "منير كنعان" بمجمع الفنون والثقافة    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    تداول 11 الف طن بضائع و632 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    محافظ الدقهلية: تركيب رادارات ولوحات ارشادية لتقنين السرعات على دائري المنصورة    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    الهلال ضد الريال وظهور مرموش الأول.. مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية 2025    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    غادة عبدالرازق راقصة كباريه في فيلم «أحمد وأحمد» بطولة السقا وفهمي (فيديو)    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    كوريا الجنوبية تمنع توتنهام من بيع سون لهذا السبب!    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    سي بي إس: لا يوجد توافق بين مستشاري ترامب بشأن إيران    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    المنيا خلال يومين.. حقيقة زيادة أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية «التالجو» الفاخرة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخائفون من التوافق
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 07 - 2011

فى 17 مارس الماضى كتب المستشار طارق البشرى مقالا فى جريدة الشروق بعنوان «الخائفون من الديمقراطية» اعتبر فيه أن المنادين بتأجيل الانتخابات البرلمانية إنما يخشون تطبيق الديمقراطية. وهنا أنا أستعير منه الشق الأول من عنوان مقاله لأتحدث عن الخائفين من التوافق.
فما أن ألقى اللواء محسن الفنجرى بيانه الشهير الذى أشار فيه إلى اعتزام المجلس الأعلى وضع وثيقة مبادئ حاكمة للدستور وضوابط لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع هذا الدستور حتى تفجرت عاصفة من الرفض هبت من طرف مختلف فصائل التيارات الإسلامية، ووصل الأمر إلى حد أن حازم أبو اسماعيل أحد المرشحين للرئاسة ذكر ما نصه « هى لعبة يستخدمها المجلس العسكرى ولن نسمح له بتنفيذها. وفى حالة إعداد تلك الوثيقة سنعد أنفسنا لمعركة لا تبقى ولا تذر».
وفى موضع آخر قال «إذا التفوا على إرادة الشعب فسيجدون رقابنا ودماءنا أمامهم». مشهد درامى مرعب سأحاول التخلص من ضغط مفرداته الدموية وأناقش قضية المبادئ الحاكمة للدستور بموضوعية، بدءا بتبرير الحاجة لها.
●●●
نحتاج إلى تلك المبادئ احتياجا ماسا لأن المواقف والتحالفات تتغير بصورة مدهشة على نحو ينذر بأن يصبح معسول الكلام عن الحقوق والحريات ككلام الليل المدهون بزبدة تسيح عندما تشرق شمس الصباح كما فى المثل الشعبى، وذلك ما لم يُحدد ويُحَصن ويُعَلن ويُلَزم به واضعو الدستور.
وكمثال فإن من يقرأ المنشور عن وثيقة التحالف الديمقراطى من أجل مصر التى شارك فى صياغتها 28 حزبا منهم حزب الحرية والعدالة للإخوان سيجدها تتكلم عن مبادئ غاية فى الروعة منها المواطنة وما توجبه من عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرِق أو الجنس، ومنها حرية العقيدة والعبادة، ومنها الدولة المدنية والمرجعية القضائية ولا شئ سواها لتقرير ما يخالف الدستور والقانون والنظام العام والآداب، ومنها حرية تكوين الأحزاب والجمعيات..
لكن من يقرأ البيان الصادر عما سمى بائتلاف القوى الإسلامية والذى حمل أيضا توقيع الإخوان المسلمين سيجده يعتبر أن «فكرة إعداد وثيقة مبادئ حاكمة للدستور المصرى الجديد فى هذا التوقيت هى فكرة مرفوضة من حيث الأصل»، هذا مع العلم بأن مجموعة المبادئ المذكورة كانت ستسترشد بمختلف الوثائق الصادرة عن جهات شتى منها الأزهر الشريف ومنها أيضا التحالف الديمقراطى، فأيهما نصدق والحال هذه: إخوان التحالف الديمقراطى أم إخوان ائتلاف القوى الإسلامية؟ والمدهش أن بعض الأحزاب التى تحالفت مع الإخوان عقبت على تلك المفارقة بالقول إن موقف الجماعة لم يفاجئها لأنها دائما تعلى صالحها الخاص على الصالح العام فلماذا إذن كان التحالف من الأصل؟ ولماذا الحج إلى مقر الجماعة من مرشحى الرئاسة الواحد تلو الآخر؟
●●●
نحتاج ثانيا إلى تلك المبادئ لأن بعض القوى النشطة مؤخرا على الساحة السياسية لازالت تنكر الديمقراطية وتكفرها، ومع ذلك هى تمارس إجراءاتها من تصويت فى الاستفتاء إلى تأهب لخوض الانتخابات إلى تشكيل الأحزاب السياسية وهذا يعنى تعاملها مع الديمقراطية كوسيلة لا أكثر ولا أقل. فقبل أيام انتقد الشيخ سعيد عبدالعظيم عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية التصريحات التى أدلى بها بعض مسئولى حزب النور الذى خرج من رحم التيار السلفى إلى حد اضطر معه هؤلاء المسئولون إلى الاعتذار بأن تصريحاتهم أسيئ فهمها.
فماذا يا ترى تضمنت تلك التصريحات؟ تخيلوا لقد وصفت نجيب محفوظ بأنه «الأديب الكبير» فيما هو وفق عبدالعظيم «العلمانى المارق»، ثم أنها تكلمت عن الديمقراطية وامتدحتها وطالبت بها من دون أن توضح مثالبها وسوءاتها.
وخلص عبدالعظيم فى حديثه الذى بثته مواقع سلفية إلى أن حزب النور وإن انبثق عن الدعوة السلفية، إلا أن الحزب كالشراب يتعاطاه كل احد وقد يتنجس أما الدعوة فهى كالماء الطهور الذى هو قوام الحياة، فمن يضمن لنا حرية الرأى والتعبير و«الطهارة» الحزبية فى الدستور ناهيكم عن التعددية من دون ميثاق غليظ؟
●●●
ثم نحن نحتاج إلى المبادئ الدستورية لأن لنا ميراث طويل من الاستبداد بالسلطة، ومن الوهم تصور أن هذا الاستبداد كان صفحة طويناها من تاريخنا للأبد يوم عزلنا مبارك، فها نحن مازلنا نمارس فى غلظة مختلف مظاهر الاستبداد بحق بعضنا البعض، وما تشظى الأحزاب والائتلافات وتبادل التكفير والتخوين إلا ناتجين عن ادعاء ملكية الحقيقة المطلقة.
ونحتاج أيضا إلى تلك المبادئ لأن الصورة غير واضحة وما نعلمه من الحقائق أقل بكثير من المخفى والمستور. فأنا شخصيا أذهلنى، وأظنه كذلك أذهل غيرى، ذلك الحوار الذى أجراه وائل الإبراشى مع د. صفوت حجازى فى برنامج « الحقيقة»، ففى هذا البرنامج خاطب حجازى المجلس العسكرى بهدوء مستفز قائلا «سلمنى السلطة وحافظ على البلد وارسِ فيها الديمقراطية وارجع ثكناتك وأنا مش حاافتح ملفات الفساد بتاعتك». ادعى الداعية «الإسلامى» أنه يتحدث باسم الشعب، ولم يجد فى نفسه ما يمنع من إجراء صفقة بالمعنى السابق مع المجلس، فإن كان اليوم بيننا من ينتحل صفة الشعب ويدعى تمثيله لعقد صفقات تمرر الفساد قبل إجراء الانتخابات فما الحال إن ثبتت له الصفة التمثيلية بعد الاقتراع؟ الكلمة المفتاح هى» سلمنى السلطة».
●●●
إن جميع الحجج التى سيقت لرفض فكرة المبادئ الدستورية الحاكمة يسهل تفنيدها، فالأمر لا علاقة له البتة بالنيل من الشريعة بدليل أن كل المواثيق المتداولة تدمج فى متونها المادة الثانية، والتلبيس الذى وقع فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية لن ينطلى مجددا على المواطن المصرى الفَطن وهو بصدد المبادئ الحاكمة. والاعتراض على شخص أسامة الغزالى المكلف بإعداد الوثيقة لا موضع له فالتعديلات الدستورية صيغت بواسطة لجنة لم يُستشر الشعب فى تشكيلها وغلب عليها هوى دينى واضح، وبالتالى فكما أعطى الإسلاميون المجلس الأعلى حق تشكيل لجنة التعديلات فإنهم لا يملكون منازعته حق تفويض من يراه فى صياغة وثيقة تجميعية، مع ملاحظة أن التجميع أقل شأنا من التعديل.
ثم أنه لا شبهة فى إقصاء طرف بعينه لأن كافة المواثيق المتداولة معروضة على الرأى العام، بل إن الوثيقة الصادرة عن المجلس الوطنى قام بالتوقيع عليها 2700 شخص وذلك كخطوة أولى لإدارة حوار مجتمعى موسع من حولها، علما بأن عدد الفقهاء الدستوريين الذين قاموا بصياغتها يبلغ 40 عَلما فى طليعتهم المستشارة تهانى الجبالى ود. نور فرحات. أما القول بأن المبادئ الحاكمة سابقة غير معمول بها فى دول العالم، فقد ذكر الفقيه القانونى الدكتور جابر جاد نصار أن أحكام المحكمة الدستورية العليا استعانت مرارا بمثل تلك المبادئ غير المدونة أصلا فى الدستور، لكن تدوينها فى صلب الدستور يعد أحكم وأضمن. هذا إلى أن ثمة سوابق فى دول أخرى كألمانيا وتركيا، علما بأن سوابقنا القضائية المشار إليها لا تحتاج لمزيد.
●●●
تصر القوى الدينية على رفض تأجيل الانتخابات، ورفض البدء بوضع الدستور، ورفض تحديد ضوابط لاختيار الجمعية التأسيسية، ورفض الوثيقة الوفاقية المتضمنة المبادئ الحاكمة للدستور، ورفض تحصين تلك المبادئ بضمانات معتبرة.
هذا كله لا معنى له إلا أن القوى الدينية ترفض التوافق المجتمعى وتتمسك بأن تكون وحدها هى «المعلقة» التى تقلب السكر (أى الخير) فى الشاى (أى الشعب) كما صرح بذلك عضو الإخوان مجاهد هريدى فى مؤتمر الجماعة بأسيوط يوم 12 من هذا الشهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.