من نافذة منزلها تطل نهلة أحمد على منظر خلاب لجبال شمال الضفة الغربية , إلا أن حياتها تحولت إلى كابوس بسبب الهجمات والمضايقات المستمرة للمستوطنين المتطرفين من سكان مستوطنة يتسحار التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن منزلها. وتقول هذه الفلسطينية الأم لأربعة أبناء : "وضعنا قضبانا على النوافذ بعد أول هجوم , كان ذلك منذ ثلاث سنوات وحدث في الثانية صباحا". وأضافت : "الآن يأتي المستوطنون اليهود كل أسبوع وأحيانا الجمعة والسبت" , مشيرة إلى نجمات داود المرسومة على جدران منزلها. ويقع منزل نهلة المنعزل على مدخل بلدة عسيرة القبلية في مواجهة مستوطنة يتسحار القريبة من نابلس والتي يعد مستوطنوها الأكثر تطرفا في الضفة الغربيةالمحتلة , ومنذ سنوات وهم يتفننون في إرهاب سكان هذا القطاع. ويعتبر هؤلاء أن "يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في يونيو 1967 "أرض يهودية" ملكا لهم. ويوم الإثنين قاموا بالتعدي على سكان المنطقة إثر أنباء تشير إلى أن قوات الأمن تنوي إخلاء مستوطنات عشوائية , ورشقوا مدنيين بالحجارة مصيبين أحدهم بجروح خطيرة وأحرقوا عدة حقول. وتتذكر نهلة - 36 سنة- : "في إحدى المرات جاؤوا ليلا وألقوا زجاجات مولوتوف داخل المنزل , كان ذلك في نوفمبر 2008". ويضيف زوجها جمال أحمد - 38 سنة - : "يريدون إخافتنا وجعلنا نرحل من هنا" , وتابع : "إنهم ياخذون الأرض على مراحل وبدون أي عقاب ، وبالنسبة لنا لا يوجد أي آمان ، فلا أحد يحمينا". وقد أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو عن استعداده لإزالة مستوطنات عشوائية في الضفة الغربية , إلا أن جمال أحمد لا يعتقد بإمكانية حدوث ذلك بسبب عدم وجود ضغوط دولية جادة. وتعهدت إسرائيل بإزالة هذه المستوطنات التي أقيمت بعد مارس 2001 وعددها لا يقل عن 24 مستوطنة , وهي لا تعتبر شرعية في إسرائيل بسبب عدم حصولها على موافقة السلطات , لكن منذ ذلك الحين لم يتم القيام بأي شيء تقريبا لإزالتها. وبالنسبة للمجتمع الدولي فإن كل المستوطنات تعتبر غير شرعية. وتقول منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أن 44% من الأراضي التي بنيت عليها مستوطنات عشوائية في الضفة الغربية ملكا للفلسطينيين. ويؤكد علي عيد رئيس بلدية بورين : "لدينا مشاكل ضخمة مع المستوطنين الذين نتعرض لهجماتهم بشكل دائم". ويوضح : "المستوطنون يعتدون على الناس ويحرقون منازلهم وسياراتهم ويطلقون النار عليهم ويقتلون الماشية أو يسرقونها , وهم يأخذون أيضا الأراضي بالقانون أو بالقوة". ومن ضحايا هذه التجاوزات صلاح سيدي - 48 سنة - من بلدة جت , هاجمه منذ عام ثمانية رجال من سكان مستوطنة خافات جلعاد العشوائية أثناء وجوده مع زوجته وإبنه في قطعة الأرض التي تملكها عائلته. ويروي ابنه مصطفى البالغ الثانية عشرة : "هجم المستوطنون علينا وقاموا بضربنا ورشقنا بالحجارة , كما أطلقوا كلبهم علي وأرادوا انتزاعي من بين ذراعي والدتي" , مضيفا : "لقد فزعت كثيرا ولم أعد أرغب في الذهاب إلى هناك". ولثلاث سنوات على التوالي تم اقتلاع أشجار الزيتون ال150 التي يملكها محمد حسين أبو بكر - 66 سنة- , وتعرض أيضا ولداه لهجمات عندما توجها للعمل في الحقل منذ ثلاثة أسابيع وقال : "لقد قاموا بثقب إطارات جراري ورشقوا ولدي بالحجارة". ويضيف شاكيا : "اليوم لم أعد استطيع الذهاب إلى أرضي بسبب المستوطنين , أنهم يقولون إنها ملكهم وإنها أرض إسرائيل".