حالات الإصابة بمرض السكر من النوع الثانى «الذى يظهر فى فترة من العمر متأخرة نتيجة نقص إنتاج هورمون الأنسولين الأمر الذى يترتب عليه تراكم سكر الجلوكوز فى الدم وارتفاع نسبته» فى ازدياد مستمر. نشرت مجلة اللانست الطبية الدورية دراسة هذا الشهر تشير إلى أن هناك 350 مليون إنسان يعانون من مرض السكر فى العام حتى إنه أصبح خطرا عالميا متصاعدا كوصفها (Rising Global Hayarel). تشير الدراسة أيضا إلى أن عدد المرضى بارتفاع نسبة السكر قد تضاعفوا منذ عام 1980 إلى عام 2008، أما السبب الحقيقى فيرجع فى 70٪ من الحالات إلى السن إذ إن احتمالات الإصابة ترتبط بالتقدم فى العمر بينما نسبة الثلاثين بالمائة المتبقية فهى غالبا نتيجة عوامل مختلفة أهمها البدانة وأنماط الغذاء المختلفة. رغم نذر الخطر التى استعرضتها الدورية العلمية لانسيت (lancet) إلا أن هناك دراسة أخرى نشرت فى ذات التوقيت تحمل أملا جديدا فى علاج السكر إذا تم اكتشافه مبكرا دون اللجوء لأى علاجات طبية معروفة بل تعتمد بصورة كاملة على نظام غذائى قاس إذ لا يتجاوز ما يتناوله الإنسان ستمائة سعر حرارى من الطاقة يوميا لمدة ثمانية أسابيع متصلة. الدراسة تأتى من جامعة new castlr university البريطانية وإن كانت قد أجريت على عدد قليل نسبيا من المتطوعين (أحد عشر شخصا) إلا أن تفاصيل نتائجها العلمية قد لفتت الأنظار إليها، الأمر الذى بدا واضحا فى عدد التعليقات عليها من مراكز أبحاث متخصصة عديدة من أنحاء العالم كله والتى وإن أشادت بها إلا أن البعض منها أكد على ضرورة إعادة الدراسة على مستوى أوسع، وإضافة بعض من الاختبارات المتابعة للتأكد من أن هورمون الأنسولين قد عاد لمستوياته الطبيعية الكافية لإعادة التوازن لسكر الجلوكوز بين معدلاته فى الدم ووجوده فى الأنسجة المختلفة كمصدر للطاقة. التجربة التى أجريت فى جامعة ينوكسل اعتمدت على عزل الأحد عشر متطوعا اكتشفت إصابتهم بمرض السكر خلال أربع سنوات سابقة ولا يعانون من أى أمراض أخرى تجعل تعريضهم لهذا الحرمان المقنن من الطعام يؤثر فيهم بصورة سلبية أو يضاعف من متاعبهم أو يتسبب فى نقص ما فيما يحتاجه الجسم من فيتامينات ومعادن وأملاح تدخل فى التفاعلات البيولوجية المهمة. استمرت التجربة الغذائية لثمانية أسابيع لم يتناول فيها المتطوعون إلا وجبات محددة من السوائل والخضراوات التى لا تحتوى نشويات مثل ذات الأوراق الخضراء الداكنة (البروكلى، السبانخ) مع الطماطم والخيار والكوسة وفى غياب البطاطس والبطاطا. كانت الملاحظة المهمة عند إجراء تقنية الرنين المغناطيسى فى بداية ونهاية التجربة هى تناقص الدهون فى الكبد والبنكرياس أما عند إجراء تحليل معدل السكر فى الدم فى الصباح (صائما) فقد جاءت كل النتائج طبيعية تماما عند الجميع. بعد انتهاء التجربة وعودة الجميع إلى منازلهم مع نصائح طبية تقطع بضرورة تعديل أنماطهم الغذائية إلى أنماط صحية تتناسب مع قابليتهم لارتفاع نسبة السكر مرة أخرى وإرشادهم إلى تقليل حجم الوجبات وحينما أجريت لهم اختبارات المتابعة بعد شهور ثلاثة كانت معدلات السكر فى الدم فى جميع الاختبارات التى أجريت (سكر صائم سكر بعد ساعتين من الطعام هيمجلوبين سكرى) طبيعية. نتائج التجربة تحمل قدرا من التفاؤل أيضا لمن تم تشخيصهم لفترة تزيد على أربع سنوات إذ إن الأمر يتوقف على قدرة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين على تجديد نشاطها واستعادة قدرتها على تصنيعه الأمر الذى يبقى متاحا لسنوات طويلة وإن اختلفت من إنسان لآخر. أما عن الاعتماد على طاقة من الطعام لا تزيد على ستمائة وحدة طاقة فى اليوم فأمر لا يمكن الإقدام عليه بدون تحضير طبى له وإشراف كامل عليه لمتابعة أثره على الإنسان وربما أخطاره. تجربة تستحق بالفعل جهودا أكبر لتنفيذها على عدد أكبر من المرضى للتأكد من النتيجة ليست مؤقتة إنما بالفعل هى تعديل مسار وخطوات أكيدة فى الطريق العكسى بعيدا عن المعروف من مضاعفات السكر التى تطال كل أعضاء جسم الإنسان بلا تفرقة تذكر.