يتوجه المغربيون، الجمعة القادمة، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في استفتاء على دستور جديد يهدف إلى إعادة توزيع السلطات لصالح رئيس الوزراء، وذلك رغبة من الملك محمد السادس في استباق تاثير "الربيع العربي" والاستجابة في الوقت نفسه لمطالب شعبه الإصلاحية. وقد دعا نحو 13 مليون مغربي، بما فيهم المقيمون في الخارج وأفراد الجيش والأمن، إلى الإجابة ب"نعم" أو "لا" على مشروع الدستور. وكان العاهل المغربي الذي سيبلغ قريبا الثامنة والأربعين من العمر من أول القادة العرب الذي أخذوا في الاعتبار الانتفاضات التي تشهدها المنطقة بإعلانه منذ مارس عن الإصلاحات الدستورية. وفي خطاب إلى الأمة في 17 يونيو أكد العاهل المغربي أن هذا الدستور "يوطد دعائم نظام ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية واجتماعية". ورغم وجود معارضات ودعوات للمقاطعة، فإن الملك على ثقة تامة تقريبا في أن مشروعه سيتم إقراره كما يرى الخبراء". وقال فوزي رئيسي، وهو مهندس مدني: "سأقوم بواجبي وأصوت بنعم لأنني أرغب في أن يتقدم المغرب إلى الأمام. الإصلاحات جزء من تحرك لا شك في أنه سيكون في النهاية في مصلحة الجميع. الأمور يجب أن تسير تدريجيا كي نقف على أرض صلبة". وأضاف "ينبغي أيضا مكافحة الفساد والامتيازات التي تنخر المجتمع المغربي، لكنني أثق في حكمة الملك في القضاء على هذه الآفات". ويرى مصطفى حميد، نائب حزب العدالة والتنمية (معارضة إسلامية في البرلمان) "من الواضح أن المشروع يتضمن العديد من الإجراءات التي من شأنها أن تعزز المؤسسات الدستورية، ولهذا السبب نقول نعم. إلا أن ورشة الإصلاحات لا تزال مفتوحة (لتعزيز) الديموقراطية". وأضاف "يجب خاصة ضمان إجراء انتخابات حرة وعادلة وتعزيز الحريات". في المقابل يرى المعارضون أن المشروع الجديد لا يتضمن "أي تغيير" في جوهر الدستور الحالي. ويقول نزار الناشط في حركة 20 فبراير في الرباط "ندعو إلى مقاطعة الاستفتاء. إن الإصلاحات وإن كانت تزيد الحقوق المدنية والسياسية، إلا أنها لا تغير شيئا في جوهر الدستور الحالي". وتنظم هذه الحركة الاحتجاجية التي نشات في خضم الثورات الشبابية في تونس ومصر مسيرات سلمية في المدن المغربية الكبرى. وتدعو هذه الحركة التي تقول إنها تضم 60 ألف عضو إلى إصلاحات عميقة تقود إلى ملكية برلمانية حقيقية. وعلى النقيض من ذلك تؤيد الأحزاب السياسية الاستفتاء، كما دعا أئمة المساجد في خطبة يوم الجمعة الماضي إلى المشاركة فيه بكثافة. ويعرض الملك إعادة توزيع للسلطات مع إعطاء دور أكبر للسلطة التنفيذية والبرلمان، إلا أنه يظل ممسكا بمقاليد السلطة. حيث يبقى الملك بحسب الدستور الجديد قائدا للقوات المسلحة ويحافظ على صلاحية اعتماد السفراء والدبلوماسيين وتعيين المحافظين. كما يحتفظ بموقعه كامير للمؤمنين ما يجعل منه السلطة الدينية الوحيدة عمليا في المملكة. ومن ابرز التغيرات التي حملها المشروع الجديد تعزيز صلاحيات الوزير الاول الذي سيسمى "رئيس الحكومة" وسيتم تعيينه "من الحزب الذي يتصدر انتخابات مجلس النواب". وسيمنح رئيس الحكومة خصوصا صلاحية "حل مجلس النواب" التي كانت من اختصاص الملك وحده قبل مشروع الاصلاحات. ومن الاقتراحات الجديدة انشاء مجلس اعلى للسلطة القضائية يراسه الملك ويفترض به ان يضمن استقلالية القضاء. وباتباع سياسة الاصلاحات التدريجية يتميز ملك المغرب عن باقي الملوك العرب الذين يصمون آذانهم عن مطالب شعوبهم. وتندرج هذه الاصلاحات في سياق التحولات العميقة التي يشهدها العالم العربي والتي ادت الى سقوط انظمة استبدادية في حين ادت اخرى الى حروب وفوضى او قمع بلا رحمة.