سلطت مجلة تايم الأمريكية الضوء على الخلاف فى الرؤى داخل مصر حول القضايا العمالية بين النخبة السياسية والعمال، وعرضت قصة الإضراب الذى قام به المئات من عمال السكة الحديد فى مدينة الزقازيق، الذين يتقاضون رواتب ضعيفة لا تزيد فى بعض الحالات على 500 جنيه شهريا، مما أدى إلى توقف حركة القطارات قبل تدخل قوات الأمن لفض الإضراب. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن بعض الزعماء السياسيين والمسئولين الحكوميين يرفضون مثل هذا النوع من الاحتجاجات، باعتبارها تؤدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادى فى وقت تمر فيه البلاد بمنعطف خطير، وأن كثيرا من الليبراليين والشباب والسياسيين والمجلس العسكرى الحاكم يتبنون هذا المنطق، بينما تؤيد الطبقات المتعلمة الاحتجاجات من أجل الإصلاح السياسى ويرونها ضرورية لأن نمط الحكم المقبل سوف يحدد مستقبل مصر على المستويات كافة، وفى هذا السياق، يدعو هؤلاء إلى إرجاء الإضرابات العمالية وأشكال الاحتجاجات الأخرى. لكن الطبقات العاملة لها رأى مختلف، بحسب التايم، خاصة أن الكثير من العمال لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر، وهو ما كان دافعا لعشرات الإضرابات والاعتصامات التى عطلت الإنتاج فى القطاعين العالم والخاص أخيرا. ونقلت التايم عن القادة والنشطاء العماليين أن الثورة لم تعترف بعد بمطالب الطبقات العاملة، «منذ قيام الثورة لم يزرنا أى وفد من ائتلافات الشباب لكى يسمعوا مطالبنا» بحسب ما قاله سعد شعبان، رئيس اتحاد النقابات المستقلة بمدينة السادات الصناعية، ل«الشروق»، وذلك لأن «الحياة السياسية فى مصر تتجاهل المطالب العمالية» بحسب تعبيره. وبالرغم من أن أحد الاحزاب الليبرالية سعى إلى استقطاب شعبان للانضمام له فى اطار الاستعدادات للانتخابات المقبلة، إلا أنه رفض ذلك، فبحسب قوله، كان الحزب يسعى إلى حشد أعضاء جدد لتقوية موقفه السياسى فقط، بينما توجهات برنامجه الاقتصادى لم تكن متوافقة مع مصالح العمال. ويصل الأمر بالبعض إلى القول إن هناك حربا طبقية تجرى الآن فى مصر. وفقا للتايم، التى تنقل عن خبراء غربيين متخصصين فى الشأن المصرى قولهم إن الشرائح العليا من الطبقة الوسطى التى حققت بعض مطالبها، لا تعنيها مشكلات ضعف الأجور أو انهيار نظام الرعاية الصحية. ولذلك فإن الخطاب المسيطر فى التليفزيون المصرى ينتقد الاحتجاجات العمالية، معتبرا أن الوقت الحالى ليس مناسبا لها، وأن على العمال ألا يكونوا أنانيين. وتشير التايم إلى أن النخبة السياسية فى مصر تعطى الأولوية للإصلاحات السياسية. وفى هذا السياق، يأتى الجدل الراهن حول الدستور والانتخابات، وأيهما يجب أن يأتى قبل الآخر. ويتعلق هذا الجدل فى كثير من جوانبه بخوف الليبراليين من سيطرة الإسلاميين حال إجراء الانتخابات البرلمانية فى وقت قريب. ومن جانبهم، يطرح الإسلاميون ضرورة الالتزام بنتائج الاستفتاء الذى أجرى فى مارس الماضى، والذى يقضى بانتخاب برلمان يضع دستور البلاد. كما تشير المجلة الأمريكية إلى أن العمال لا يعنيهم الجدل حول الدستور، وأن ما يشغلهم فى المقام الأول هو مشكلة توفير المأكل والحاجات الأساسية «لقد أعلنت الحكومة عن تطبيق حد أدنى للاجور ب700 جنيه، ولكن وزير القوى العاملة مازال عاجزا عن فرضه على القطاع الخاص، نحن لم نشعر بهذا الإجراء حتى الآن» يقول شعبان. ويتفاعل بعض الليبراليين مع مطالب العمال، حيث تنقل التايم عن أحمد ماهر، القيادى فى حركة 6 أبريل الليبرالية، أنه بالرغم من أن الحركة ترى أولوية لقضية الدستور على المطالب الاقتصادية، فإن الناس فى الشارع لا يدركون ذلك، وهو ما يدعو الحركة إلى التفاعل مع هذه المطالب. وكانت الحركة قد وزعت نشرة فى «جمعة الغضب الثانية» ترفع شعار «المطالب الاقتصادية أولا». فيما يدعو اتحاد النقابات المستقلة، الذى تشكل فى مارس الماضى، إلى مليونية عمالية تطالب الحكومة بإلغاء المحسوبية عند التعيين فى الوظائف، والوفاء بوعودها حول الدفاع عن حقوق العمال.