تكريم الفائزين في الموسم الخامس لمسابقة عباقرة جامعة بنها(صور)    شوشة: مدينة السيسي الجديدة سيتم إنشاؤها على نمط التجمعات التنموية    البورصة المصرية تربح 51.6 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    رئيس مصنع نوفا: وفرنا 300 فرصة عمل.. وتخصيص 30% من الإنتاج للتصدير    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    السيسي يعزي قيادة وشعب الإمارات في وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    أردوغان: من يتشدقون بحقوق الإنسان اكتفوا بمشاهدة مقتل 35 ألف فلسطيني في غزة    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    وزير البترول ينعى رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ    طريق الزمالك.. البداية أمام بروكسي.. والإسماعيلي في مسار الوصول لنهائي الكأس    رانجنيك يوجه صدمة كبرى ل بايرن ميونيخ    مصر تستسضيف بوركينا فاسو 7 يونيو وتواجه غينيا 10 يونيو في تصفيات كأس العالم    ضبط متهمين عرضا حياة المواطنين للخطر في القاهرة    ضبط طن لحوم ودواجن وأسماك فاسدة بالمنوفية    بسبب أزمة نفسية.. شخص ينهي حياته شنقًا في المنيرة الغربية    حبس طالب جامعي تعدى على زميلته داخل كلية الطب في الزقازيق    الثانوية العامة 2024.. مواصفات امتحان اللغة العربية    بحضور سوسن بدر.. انطلاق البروفة الأخيرة لمهرجان بردية لسينما الومضة بالمركز الثقافي الروسي    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    مصير مقعد رئيس لجنة القوى العاملة بالشيوخ بعد وفاته    «القومي للأمومة» يطلق برلمان الطفل المصري لتعليم النشئ تولي القيادة والمسؤولية    وزراة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قوات الجيش على بيرديتشي شرقي أوكرانيا    الأرصاد: الأجواء مستقرة ودرجة الحرارة على القاهرة الآن 24    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    الأهلي والالومنيوم والزمالك مع بروكسي.. تفاصيل قرعة كأس مصر    بعد طرح فيلم السرب.. ما هو ترتيب الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر؟    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 4.. جد بينو وكراكيري يطاردهما في الفندق المسكون    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    فيديو وصور.. مريضة قلب تستغيث بمحافظ الجيزة.. و"راشد" يصدر قرارا عاجلا    غرامة "200 جنيه".. مطالب بتغليظ عقوبة انتحال صفة طبيب    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    محامي بلحاج: انتهاء أزمة مستحقات الزمالك واللاعب.. والمجلس السابق السبب    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    علاوة 3% الأبرز.. منح وتسهيلات كفلها القانون ل عمال مصر    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    دورتموند يقتنص فوزا ثمينا أمام سان جيرمان في دوري الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحالف يبحث عن معنى
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 06 - 2011

هناك حالة من الاضطراب تسود البلاد والعباد. سؤال يتكرر على لسان كل واحد «إلى أين يتجه المجتمع المصرى؟». لا ألوم الناس الذين وجدوا أنفسهم فجأة فى قلب مجتمع سياسى غير ناضج، تسوده العصبيات، والغريزية، وميراث طويل من الشكوك المتبادلة بين الفرقاء السياسيين، وتضفى مساجلات وتحولات النخبة التى تصدرت المشهد حالة من الالتباس والقلق والتعميم الذى ينتج اللا معنى كان آخرها اتفاق اثنى عشر حزبا وفصيلا سياسيا على تحالف انتخابى، جمع بين خصوم الأمس.. جيد أن يسعى المجتمع إلى الخروج من الاستقطاب، ولكن هل يتمتع هذا التحالف بماء الحياة التى تمكنه من تحقيق ذلك؟
(1)
ظهر منذ أيام ما سمى «جبهة التحالف الوطنى للعمل المشترك» التى تضم ممثلى اثنى عشر حزبا وفصيلا سياسيا، تؤكد التزامها بمدنية الدولة، وسيادة القانون، والمواطنة كمبادئ أساسية للدستور. ويشمل التحالف كلا من أحزاب الوفد، الحرية والعدالة، التجمع، الناصرى، الغد، الكرامة، مصر الحرية، العدل، العمل، الوسط، التوحيد العربى، والجمعية الوطنية للتغيير. وذكر البيان الصادر عنه أنه «تحالف وطنى يضم جميع الأحزاب السياسية والقوى السياسية المتوافقة على مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية لحشد القوى للعمل المشترك فى معركة الانتخابات القادمة».
جيد أن يحدث توافق بين القوى السياسية حول استحقاقات ما بعد المرحلة الانتقالية، وقد سبق أن طالبت بذلك، ولكن المسألة أكثر تعقيدا، ولا تحل على هذا النحو من التعتيم البرجماتى المخل للتناقضات بين القوى السياسية المكونة للتحالف. الحديث عن مدنية الدولة والمواطنة غائم وغير محدد، وكان ولا يزال موضع اختلاف بين الفصائل المكونة للتحالف، فإذ به يتحول بين يوم وليلة إلى عامل مشجع على العمل المشترك بينهم. واللافت أن بعضا من أطراف هذا التحالف كانت تقود معارك فى مواجهة بعضها بعضا استنادا إلى الاختلاف فى المواقف تجاه المواطنة والدولة المدنية.
أليس الأمر بحاجة إلى إيضاح حتى يفهم الناس مسار التحولات وعلامات تغيير الاتجاهات؟ ما الذى يجمع حزب التجمع، برئاسة الدكتور رفعت السعيد مع حزب العدالة والتنمية، المعبر عن الإخوان المسلمين؟ هل هو موقف مشترك من المواطنة؟. وإذا كان هذا الموقف موجودا وقائما، وعاملا للتآلف والعمل المشترك فلماذا جرى استدعاؤه على مدار عقود فى المساجلات السياسية الانقسامية، وكان حزب التجمع رأس الحربة فى مواجهة الإسلاميين؟. وهل غيّر الإخوان المسلمون موقفهم من المواطنة الذى كان دائما سببا فى النقد اللاذع لهم حتى يتحول إلى داع للتحالف معهم؟ وهل تطهرت أحزاب المعارضة القديمة من تحالفها مع نظام مبارك، وهو ما وصفه المهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط أحد أعضاء التحالف بأنه «تواطؤ» فى ندوة عقدت فى نفس يوم الإعلان عن التحالف.
(2)
الناس تحتاج أن تفهم، وهذا حقها. احتكار النخبة السياسية للمشهد، وتحويل الجمهور إلى «مستهلكين» تتبدل أذواقهم حسب «الماركات السياسية» المتداولة أمر يحتاج إلى مراجعة. ليس يسيرا أن نرى الدكتور رفعت السعيد مقاتلا ضد الإخوان المسلمين على مدار عقود، ثم يضع يداه فى أيديهم استنادا إلى «قواسم مشتركة» هى فى ذاتها نظريا جوهر الاختلاف بينهم.
نفس الأمر ينطبق على فصائل وقوى جمعتهم الخصومة مثل حزب الوسط والإخوان، الوفد والغد... إلخ. إذا كان الجميع قد قرر أن يطوى خلافات الماضى فليقولوا هذا صراحة، ويعلنوا أنهم يبدأون صفحة جديدة بمنطلقات جديدة، أما أن نجد تحالفا غير مفهوم، ولا يستند إلى أسس واضحة، فهذا أمر يزيد الناس بلبلة، وكفى ما هم فيه من حيرة. والذى يجعلنا نطرح هذه الأسئلة هو تباين النظرة إلى المستقبل السياسى بين القوى المطالبة بالدستور بعد الانتخابات مثل الإخوان والوسط، والقوى المطالبة بالدستور أولا مثل الأحزاب الجديدة كالعدل ومصر الحرية إلى جانب الجمعية الوطنية للتغيير، وبين أحزاب غير واضح موقفها، وهم كثر. والدليل على ذلك أن بعضا من القوى السياسية التى شاركت فى التحالف، هى ذاتها وقعت بعد ساعات على إعلان التحالف على خطاب الجمعية الوطنية للتغيير (عضو التحالف) إلى المجلس العسكرى تطالب فيه بالاحتكام للجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة للمطالبة بتعديل دستورى يسمح بوضع الدستور أولا قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
المشهد ملتبس، يعكس التباس أبطاله الأساسيين، فلا نلوم الناس العاديين الذين يرون تحولات الساعة تسير فى مسارات متضاربة. وإذا كانت القوى السياسية تتمسح الآن فى «الدولة المدنية» بوصفها جسرا تتلاقى عليه، فإن كل فصيل يرى دولته المدنية على طريقته الخاصة، أليس من حق الناس أن يعرفوا ما هى «الدولة المدنية» التى يدعو إليها كل منهم؟ فإذا أضفنا حزب «النور» السلفى إلى «جبهة التحالف الوطنى للعمل المشترك»، مثلما يتردد انضمامه لها، نكون بصدد سوق سياسية بلا معالم أو دروب آمنة للسير فيها.
(3)
المسألة واضحة. أحزاب المعارضة القديمة، وقد استدفأت كثيرا فى حضن الحزب الوطنى المنحل، وتمتعت بفتات خيراته، ترى نفسها فى وضع لا تحسد عليه. فهى لا تستطيع المنافسة بعد أن تكلست وتيبست أطرافها التنظيمية من ناحية، وتتوقع مزاحمة قادمين جدد للساحة الحزبية من بنى جلدتها يحملون على ظهورهم خلافات السنين من ناحية أخرى، فوجدت فى حزب العدالة والتنمية الملاذ للبقاء على الساحة.
أما الأخير، أى حزب الحرية والعدالة، فوجد فى التحالف شكلا يخفف من حدة الهجوم الذى ينهال عليه، ويعطيه مساحة من التفاعل يظهر فيه بمظهر «المشارك» وليس «المغالب». ودخلت أحزاب جديدة فى طور التشكل على الخط بحثا عن مساحة حركة فى ظل منافسة آتية خالية من الدسم، ولاسيما أن كل الأحزاب الصاعدة «مصر الحرية»، «العدل»، «الديمقراطى الاجتماعى»، «المصريين الأحرار»، قد يبدو بينهم اختلافات، ولكنهم جميعا يقفون على أرضية مشتركة هى الليبرالية والعدالة الاجتماعية.
التحالفات التى تبقى ينبغى أن تبنى على أسس واضحة، تحدد المشتركات ومظاهر الاختلاف. لا تتجاهل خلافات تجذرت، وتعمقت، وشكلت وجدان قطاعات من المجتمع. نعم ليس فى السياسة عداوة دائمة، ولا صداقة مستمرة، ولكن فى كل الأحوال منطق العداء ينبغى أن يكون مفهوما، وأسباب الصداقة يلزم أن تكون واضحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.