شاهد أرسنال وتشيلسي في الدوري الإنجليزي بث مباشر مجانا.. مباراة تشيلسي وأرسنال 2024    أحال بيان المالية للموازنة.. مجلس النواب يرفع أعمال الجلسة العامة ل7 مايو المقبل    «العربي لعمال الغزل والنسيج» ينتخب عبد الفتاح إبراهيم أمينا عاما للاتحاد    في جولة ميدانية.. وزير قطاع الأعمال العام يتفقد تطوير شركة النصر لصناعة السيارات    لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة .. "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد    إدخال 261 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم    أبو عبيدة: الاحتلال يحاول لململة صورته منذ طوفان الأقصى.. وفشله مدو أمام المقاومة    الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على تسليح أوكرانيا بصواريخ باتريوت    وكيل مجلس الشيوخ يهنئ السيسي ووزير الدفاع بذكري تحرير سيناء    حسام حسن يقود هجوم سموحة أمام بلدية المحلة    عمر عصر: فوجئت بوصولي لأعلى تصنيف بمسيرتي.. وأثق في قدرتي على منافسة أفضل اللاعبين    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. انطلاق مهرجان «سيناء أولا» بمشاركة 1000 طالب    رسمياً.. أستون فيلا يعلن تمديد عقد أوناي إيمري حتى 2027    ابتداءً من مساء اليوم.. لا ينصح بالغسيل ويجب شرب المياه بكثره.. تفاصيل    27 أبريل.. إستكمال محاكمة 73 متهما ب "خلية التجمع"    مقتل حلاق على يد راعي غنم في الفيوم    سامح حسين ينعى تامر عبدالحميد مؤلف «القبطان عزوز»    الكتاب.. مفتاح لعوالم لا حدود له | يوم الكتاب العالمي    تكريم خيري بشارة.. تفاصيل افتتاح فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية    شباك التذاكر.. «شقو» يتصدر و«فاصل من اللحظات اللذيذة» الوصيف    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول تنفيذ مشروع تطوير البر الغربي    أحمد بلال البرلسي يطالب بضوابط واضحة لتغطية الجنازات والعزاءات (تفاصيل)    «الرعاية الصحية»: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل تبدأ في دمياط ومطروح    11 معلومة مهمة بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ما الضوابط الجديدة؟    البورصة المصرية تختتم بهبوط المؤشرات وتراجع رأس المال السوقي    شقتك هتضيع.. مهلة أخيرة لاستلام شقق جنة وسكن ودار مصر وبيت الوطن    روسيا تهدد بتعزيز الهجمات على أوكرانيا ردا على المساعدات الأمريكية لكييف    ترامب يهاجم جلسات محاكمته: وصمة عار وفوضى    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    إحالة بيان الحكومة بشأن الموازنة إلى لجنة "الخطة".. ورفع الجلسة العامة حتى 7 مايو    محافظ المنوفية يتابع استعدادت المحافظة لامتحانات آخر العام والأعياد والإزالات    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    عبير فؤاد تتوقع ظاهرة غريبة تضرب العالم خلال ساعات.. ماذا قالت؟    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    الثلاثاء 23 أبريل 2024.. الدولار يسجل 48.20 جنيه للبيع فى بداية التعاملات    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(أنا رجل)
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 05 - 2011

ترسم متابعة الانتفاضات العربية هذه الأيام ابتسامة على وجهى، وتصيبنى بشوكة فى معدتى. تأتى الابتسامة من مشاهدة كتلة بشرية بأكملها تتخلى عن خوفها وتستعيد كرامتها. ويأتى الألم من زيادة القلق من أن الربيع العربى ربما كان محتوما وجاء بعد فوات الأوان فى نفس الوقت. فإذا لم تكن تشعر بكل من هذين الشعورين، فأنت لا تولى اهتماما. وبالنسبة للابتسامة، فقد نبهنى صديق ليبى إلى أنه كان يشاهد قناة فضائية تبث تقريرا من بنغازى، ولفت نظره لافتة رفعها متظاهر عاليا تقول «أنا رجل». فإذا كانت هناك دلالة تلخص الانتفاضة العربية بالكامل، فهى تلك اللافتة.
وكما حاولت أن أوضح، فهذه الانتفاضة ليست سياسية فى الأساس. وإنما وجودية. فهى تنتمى لألبير كامى أكثر من انتمائها لتشى جيفارا. فقد جردت هذه الأنظمة العربية جميعها شعوبها من الكرامة الأساسية بدرجة أو بأخرى. وحرمت مواطنيها من الحرية ولم تسمح لهم أبدا بالاقتراب من تطوير إمكاناتهم. ومع زيادة الارتباط بين أنحاء العالم، بات واضحا لكل مواطن عربى مدى تخلف بلاده ليس فقط بالنسبة للغرب، ولكن أيضا بالنسبة للصين والهند وأجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأثار هذا الارتباط بين معاملتهم كأطفال على أيدى حكامهم المستبدين، وكمتخلفين على أيدى الغرب، شعورا بالمهانة، ظهر فى علامات مثل تلك اللافتة فى ليبيا، تعلن للجميع «أنا رجل» لى قيمة، ولدّى تطلعات، أريد الحقوق التى يمتلكها جميع الآخرين فى العالم. ونظرا لأن كثيرين من العرب يتشاركون فى هذه المشاعر، لن ينتهى هذا الربيع العربى، بصرف النظر عن عدد من ستقتلهم هذه الأنظمة.
•••
وأفضل من يعبرون عن هذا الحال هم الروائيون، لا علماء السياسة. ويعكف ريموند ستوك، الذى يتولى تدريس اللغة العربية فى جامعة درو فى ماديسون بولاية نيوجيرسى، بكتابة سيرة ذاتية لنجيب محفوظ المصرى الحائز على جائزة نوبل. وفى مقال نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية، أوضح ستوك أن محفوظ تنبأ فى روايته «أمام العرش» بالعديد من المشاعر التى تحرك الربيع العربى. حيث وضع محفوظ على لسان زعيم متمرد وهو يدافع عن ثورته ضد الفرعون كلمات يمكن أن تكون ترددت فى أى وقت فى ميدان التحرير هذا العام.
«لقد تحملنا آلاما تتجاوز قدرة البشر على الاحتمال وعندما ثار غضبنا العنيف ضد عفن القمع والظلامية، أطلقوا على ثورتنا الفوضى، ووصفونا بأننا مجرد لصوص. غير أنها لم تكن سوى ثورة ضد الاستبداد باركتها الآلهة».
غير أن ذلك أيضا يشرح الشوكة فى المعدة. فقد حرصت هذه الأنظمة العربية على منع ظهور مجتمع مدنى أو أحزاب تقدمية تحت حكمها. وبالتالى فعندما تتحطم هذه الأنظمة من القمة، يتجه المصعد من القصر إلى المسجد مباشرة. حيث لا يوجد شىء آخر بينهما؛ لا أحزاب ولا مؤسسات شرعية.
•••
ومن ثم، يواجه الغرباء معضلة قاسية: فأولئك الذين يقولون إن أمريكا كان ينبغى أن تقف إلى جانب حسنى مبارك، أو لا يجب عليها أن تؤيد الإطاحة ببشار الأسد فى سوريا باسم الاستقرار ينسون أن استقرارهما بنى على ركود ملايين العرب، بينما تتحرك بقية العالم إلى الأمام. فالأنظمة العربية لم تقدم الاستقرار على نمط الاستبداد الصينى: سنسلب حريتكم ونعطيكم التعليم وارتفاع مستوى المعيشة. وإنما كانوا يفرضون استقرار الاستبداد العربى: سوف نسلب حريتكم ونطعمكم الصراع العربى الإسرائيلى، والفساد والظلامية الدينية.ولكن تبنى إسقاط هؤلاء الطغاة كما ينبغى علينا يماثل الدفاع عن هدم بناء فاسد من دون ضمان لإمكانية إعادة بنائه. وذلك ما حدث فى العراق، وكان أمرا مكلفا للغاية بالنسبة لنا أن نعيد بناء نظام جديد، لكنه ما يزال واهيا. ولن تقدم جهة خارجية على القيام بذلك مرة أخرى. ومن ثم، فإن احتضان سقوط هؤلاء الطغاة، هو أن نأمل أن تستطيع شعوبهم التوحد من أجل توليد الديمقراطية فى مصر وسوريا واليمن وليبيا. ولكن ينبغى على المرء هنا أن يسأل بأمانة: هل الانهيار فى هذه المجتمعات أعمق من أن يستطيع أحد بناء أى شىء لائق عليه؟ هل كان الربيع العربى حتمى، وفات أوانه فى نفس الوقت؟ وإجابتى هى: إن الأوان لا يفوت أبدا، لكن بعض الثغرات أعمق من غيرها، ونحن نشهد الآن أن الحفرة التى يتعين على الديمقراطيين العرب الخروج منها عميقة بالفعل. ونتمنى لهم النجاح.
ويشير ستوك مرة أخرى إلى فقرة فى رواية نجيب محفوظ «أمام العرش» يتحدى فيها كل زعيم مصرى خليفته. وفى هذه الحالة، يهاجم مصطفى النحاس، زعيم حزب الوفد الليبرالى الذى تعرض للسحق عندما قاد جمال عبدالناصر انقلابا عسكريا فى 1952.
ويقول النحاس لناصر إن أولئك الذين أقاموا ثورة 1919 كانوا أصحاب مبادرة وابتكار فى السياسة والاقتصاد والثقافة. ويوضح له كيف لوث بغطرسته أعماقه الطيبة، ويلفت نظره إلى سوء التعليم وانتشار الفساد فى القطاع العام.. ويوضح له كيف أدى تحديه لقوى العالم إلى خسائر رهيبة وهزائم مخزية. ويوبخه لأنه لم يحاول الاستفادة من رأى الآخرين.. وهو ما كانت نتيجته الصخب والنشاز والأساطير الفارغة التى انهالت على كومة من الأنقاض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.