على خلفية قصة أسطورية مازالت تسكن فى مخيلة العجائز فى قرية «البطاطخة» إحدى قرى مركز قنا، يرجع الأهالى تدهور وتدنى الخدمات الأساسية فى بلدتهم إلى دعوة «الولى الجريح، بطيخ بن قوير بن هاشم الشريف، والذى دعا عليهم بالفرقة وغياب السعادة عنهم». جاء «بطيخ» من المملكة العربية السعودية إلى محافظة الشرقية ليستقر بعدها فى محافظة قنا، والتى كان اسمها حينذاك «جنا» ليسكن هذا المكان تحديدا وتسمى القرية باسمه وتصبح عاصمة لقرى الأشراف البحرية. وكما يروى عجائز القرية أنه قبل 500 عام كان يعيش بهذه القرية 99 فارسا يتسمون بالشجاعة والقوة ويعشقون ركوب الخيل والرماح وفى ذلك الوقت كان يأتى حاكم الصعيد التركى إلى مرسى قرية تدعى الطربخانة «الطوابية حاليا» ليقدم الهدايا والأموال لمحبيه والمتقربين إليه، ولما رفض هؤلاء الفرسان الذهاب إليه والتقرب منه، غضب الحاكم عليهم وقرر الانتقام منهم فأرسل إليهم دعوة لحضور «فرح» والدخول فى مهرجان الخيل والرماح الذى سيعقد بالقرب من النيل، ولما ذهب الفرسان كان الحاكم قد أعد لهم مذبحة كبرى وخدعهم وأدخل اثنين اثنين من الفرسان إلى مكان الفرح وقام بقتل عدد كبير منهم، ولما علم بقية الفرسان بالأمر من أحد خادمى الحاكم وقصة زملائهم الذين قتلوا، بعدما ضمنوا له حمايته من أى خطر قرروا الانتقام من الحاضرين الذين اشتركوا فى هذه المذبحة وكان من بين هؤلاء شيخ «ولى يلقب بالقطب» فأخذوا أمواله فما كان من الولى إلا أنه ألقى عليهم بنوايا التمر ودعا عليهم بالفرقة والتشتت، وهو ما فسره عجائز القرية حاليا بأن دعوة الولى استجابة وذلك بعدما كان تعداد القرية يزيد على 5000 أسرة، هاجر أكثر من نصفهم إلى المدينة والمحافظات الأخرى حتى وصلوا إلى الدول الأوربية وأصبحوا موجودين فى كل مكان بالعالم وأصبح ساكنو وقاطنو القرية حاليا لا يتعدون 150 أسرة. قرية «البطاطخة» لا تبعد كثيرا عن مدينة قنا سوى بضعة كيلو مترات، إلا أنها تعيش فى عزلة تامة وتعانى من نقص الخدمات المقدمة إليها، قرية نسيها المسئولون فى غفلة من الزمن فهجرها الآلاف من أهلها بحثا عن رزقهم وعن سبل الراحة والرفاهية. طرق العذاب منازل القرية والتى بنى معظمها من الطوب اللبن أصبحت مهددة بالانهيار لعدم توافر شبكة صرف صحى بداخلها، فكل أسرة تقوم بحفر بئر مياه بداخل منزلها كبديل للصرف الصحى، كما يقوم الأهالى برشح المياه الزائد فى الشوارع التى لا يتجاوز عرضها 5 أمتار، ومع مرور الزمن أصبحت معظم هذه المنازل مهددة بالانهيار فوق رءوس ساكنيها لقدمها وتأثرها بالمياه الجوفية، هذا بالإضافة إلى دور مديرية الرى فى تشويه منظر القرية فهى تقوم بتطهير الترع والمصارف ثم تلقى مستخرجات التطهير من طمى ورواسب على جانبى الترع ولا تقوم بإزالتها وهو ما أدى إلى ضيق الطريق الرئيسى للقرية والذى يزيد طوله على كيلو متر وأصبح الطريق مليئا بالمطبات ولا يسع سوى مرور سيارة واحدة فقط. ورغم أن الزراعة هى مصدر الرزق الوحيد بداخل القرية لعدم وجود أى صناعة أخرى انتشرت زراعة البرسيم والقمح وأصبحت من الزراعات الأساسية بين الأهالى، ولكن دائما ما يأتى عليهم ما ينغص عليهم حياتهم، ففى نهاية العام الماضى انقطعت مياه الرى عن الترع والمصارف لأكثر من 40 يوما متصلة مما أدى إلى تلف زراعة القمح وبعدما أرسل المزراعون شكاوى إلى المسئولين قامت مهندسة الرى بمعاينة الخسائر التى وقعت على كاهل المزراعين والتى تقدر بآلاف الجنيهات ولم يعوض هؤلاء المزارعون ولو بجزء بسيط من هذه الخسارة. المشكلات التى تعانى منها هذه القرية ليست بقليلة فرغم أن معظم أهل هذه القرية يعتمدون على الزراعة كمصدر لرزقهم ولا يوجد بالقرية أى مظاهر ترفيهية، إلا أنها تعانى ارتفاع الأسعار مقارنة بباقى القرى المحيطة، هذا ما أكده أحد أبناء القرية، مبارك خليفة، موظف، فبعد إغلاق مستودع البوتاجاز بالقرية بقرار من رئيس الوحدة المحلية استغل التجار هذه الأزمة فى بيع أسطوانة البوتاجاز بسعر 10 و15 جنيها وأرجع السبب فى تدهور وتدنى الخدمات أيضا إلى كون القرية غير ممثلة فى المجالس المحلية فلا يوجد عضو مجلس محلى قروى أو مركز يمثل القرية، بالإضافة إلى غياب الرقابة وعدم دخول أى مسئول بالمحافظة هذه القرية منذ انشائها وحتى الآن وكأنه تم انتزاع هذه الرقعة من الخريطة. بلا صحة أما الوحدة الصحية الموجودة بالقرية فتم إنشاؤها منذ أكثر من 15 عاما وهى عبارة عن مبنى حديث مكون من طابقين يحتوى على عدد كبير من الغرف، تم انشاؤها على الطريقة الحديثة فهو مشروع منحة أوروبية وكما قال هانى منصور أحد الأهالى، إنه بعد افتتاحها كان الطبيب يقيم بها طوال الوقت ويبيت بداخلها وبعد فترة انتقل الطبيب لاستكمال دراسته بالقاهرة وتم استبداله بطبيبة وهى تعمل حاليا 5 ساعات يوميا فقط من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية ظهرا وذلك طبقا لتعليمات وزارة الصحة، وإذا مرض الأطفال أو الكبار بعد هذه المواعيد يذهبون إلى المستشفى العام بداخل مدينة قنا والتى تبعد حوالى 15 كيلو مترا عن القرية. لم تكن مشكلة الطبيب هى الوحيدة بالوحدة الصحية، بل أيضا نقص الأجهزة الطبية وعدم دخول الوحدة ضمن مشروعات التطوير التى اتخذتها وزارة الصحة كلها من الأسباب التى ساهمت فى تأخر دورها.