ما حدث فى قنا وفى مصر عموما بعد انفجار الثورة يعيد انتاج مشكلة المطلق بكل ابعادها الفلسفية والسياسية والأجتماعية وهى مشكلة معرفية فى المقام الأول اى تخص مبحث المعرفة فى مجال الدراسات الفلسفية ولها انعكاساتها على مجالات الحياة الأخرى من سياسة واجتماع وسواه. وحقيقة هذة المشكلة تاريخياهى فيمن يعتقدون انهم اصحاب الحق المطلق فى الفهم ومن ثم الزام الآخر بما فهموه على اعتبار انه وانه وحده هو الحقيقة بل الحقيقة المطلقة ... وهذة القضيه عمرها قرون ربما مع ميلاد الفلسفة وربما تكون هى قضية الفلسفة الأولى منذ نشأتها فى بلاد اليونان وحتى يومنا هذا وما مشكلة نصر حامد ابو زيد ببعيدة . فدعاة الحقيقة المطلقة ليس لديهم تجاه الآخر الا الأستبعاد ( تكفيرا او تقتيلا) وهذا ما يحدث مرارا وتكرار مما يستوجب وقفة حاسمة لا تخلو من الصراحة والشفافية فبدونهما تكون المواجهة معلومة التنائج ........ وهنا يأتى دور النخب الغائبة من دعاة التنوير ودعاة الدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات والحرية والمساواه؟؟؟؟؟!!!!! ان التعامل مع هذة المشكلة يجب ان يتم على مستويين احدهما فلسفى معرفى والآخر سياسى اجتماعى. فلسفيا يستوجب الأمر استنفار كل العاملين فى حقل الدراسات الفلسفية لاعادة طرح اشكالية المطلق عبر تاريخها الفلسفى وتجسداتها سياسيا ومجتمعيا منذ اليونان وحتى اللآن فمعرفة الجذور تعين على دقة التعامل مع الثمار وهنا يظهر دور الفلاسفة فى مصر والعالم العربى والعالم اجمع والدارسين للفلسفة والمهتمين بها عليهم مسئوليةخطير فى تفكيك البنية المعرفية العتيقة والمتصلبة بفعل تراكمات عقود وقرون مضت .؛ومن ثم استدعاء دعاة التنوير من رجال الدين الذين يدركون ان التسامح هو الشرط الضرورى للتواصل مع الآخروالا فالبديل هو الصراع الدامى فنحن نرى الآن قتلى يعدون بالعشرات و بالمئات لكن لو تم تجاهل هذه الحقيقة سنجد بحار من الدماء لن تجف . اما على المستوى السياسىوالأجتماعى لابد من تبنى خطابا اعلاميا مدنيا يدعم نشر ثقافة دولة القانون والمجتمع المدنى القائم على مبادىء الحرية والمساوة .... فدولة القانون تقوم على قيمة المواطنة التى تحاسب مواطنيها وفقا لمرجعية واحدة هى القانون والقانون وحده الذى وضعه الأنسان لبنى جنسه لتحقيق السعادة والكرامة له وللجميع وفقا لقواعد مدنية بعيدة عن التحليق فىو فضاءات لا حدود لها مؤكدا على حقيقة ان الا يمان خاص والحكم عام فالأيمان يخص صاحبه وله الحرية المطلقة فيما يعتقد لانها مسالة تخصه وحده فالعقيدة تخص طرفيها المعتقد والمعتقد فيه اما الحكم فعام بعموم من يستظل بظله ومن ثم فلابد من مرجعية واحدة وقانون واحد نرجع اليه عند الأختلاف على قدم المساواة وذلك لان افعالنا وحدها هى القا بلة للخضوع للحكم اما معتقداتنا فهى فى منطقة خاصة جدا يصعب الدخول اليها والحكم عليها. ان ما يحدث فى قنا هو فهم خاص اسبغ عليه اصحابه قدسية العام والمطلق دون سند يقبله العقل فادارة شئون البلاد شان انسانى سياسى ومجتمعى لايشترط الا من يحسن القيام به ان احسن اثيب وان اخطا استبعد اما ما عدا ذلك فنحن بصدد استعادة مآاسى قديمة متجددة منذ مقتل سقراط وكوبر نيكوس مرورا بنفى وتكفير ابن رشد والشيخ على عبدالرازق وقتل فرج فودة ومحاولة ذلك مع نجيب محفوظ ومأساة نصر حامد ابو زيد ليست ببعيدة ولن تنتهى القائمة ..... لذا المطلوب حل المسألة فى اطارها المدنى ولتكن هذة الأزمة هى الأختبار الأمثل والأمتحان الصعب للثورة والقائمين عليها والمجلس العسكرى ومجلس الوزراء - بعيدا عن التباطؤ والتراخى الذى كان سمة الفترة الماضية – واعتقد ان هؤلاء هم اغلبية الشعب المصرى فقط الشعب المصرى دون توصيف او تصنيف . كلمتى الأخيرة فى هذا الأمر هى "ان الحاق الدولة بالدين هو البداية لانهيار كل منهما فلن تبقى الدولة ولن يبقى الدين والتاريخ خير شاهد على هذا"