تجتمع القوى العالمية في العاصمة البريطانية لندن، اليوم الثلاثاء، لرسم صورة لليبيا بدون الزعيم معمر القذافي، رغم أن الرئيس باراك أوباما أبلغ الأمريكيين أن قوات الولاياتالمتحدة لن تشغل نفسها بمحاولة الإطاحة به. ودعا ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، اللذان قادا الدعوة إلى التدخل العسكري في الصراع الدائر في ليبيا، القذافي، أمس الاثنين، إلى الرحيل، وطالبا من حوله بالتخلي عنه قبل "فوات الأوان". وقال ساركوزي وكاميرون في بيان مشترك: "ندعوا الليبيين الذين يرون أن القذافي يقود البلاد إلى كارثة أخذ زمام المبادرة الآن وتنظيم عملية انتقالية". وكرر البيان المشترك موقف فرنسا وبريطانيا، الداعي إلى تنحي القذافي على الفور، لأن حكومته فقدت الشرعية، وقال: إن محادثات لندن ستكون مهمة بالنسبة للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد في ليبيا. وحث البيان المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا على فتح حوار وطني، يهدف إلى بدء انتقال نحو إصلاح دستوري وانتخابات حرة ونزيهة. وبعد أن دعمتها الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف على قوات القذافي تمكنت المعارضة الليبية المسلحة من السيطرة على النوفلية، وتقدمت غربا صوب سرت مسقط رأس القذافي التي بها قاعدة عسكرية مهمة في الأسبوع السادس من الانتفاضة، ضد حكمه المستمر منذ 41 عاما. وفي الغرب زعم كل جانب سواء الموالين للقذافي أو المناهضين له السيطرة على بلدة مصراتة، ويبدو أن القتال مستمر للسيطرة على ثالث أكبر المدن الليبية. وقالت المعارضة المسلحة الليبية، أمس الاثنين، إن قوات القذافي تسيطر الآن على جزء من مصراتة، رغم استمرار القتال فيما وصفته الحكومة بالمدينة " المحررة" في غرب البلاد. وانتقل صحفيون دوليون إلى ضاحية في المدينة، بعد ظهر أمس الاثنين، في إطار رحلة نظمتها الحكومة، وأشار متحدث حكومي ليبي إلى ما اسماه "مصراتة الحرة". وذكرت وسائل إعلام عربية وليبية، في ساعة متأخرة من أمس الاثنين، أن قوات التحالف قصفت غرب وجنوب العاصمة الليبية طرابلس. وقال التليفزيون الليبي، إن مصنعا للجلود قصفه "المعتدون المستعمرون الصليبيون"، حين قصفوا بلدة صرمان على بعد نحو 70 كيلو مترا إلى الغرب من العاصمة طرابلس. ونقل التليفزيون الليبي عن مسؤول عسكري قوله، أمس، إن قوات التحالف الغربي قصفت البلدة، وقالت وكالة الجماهيرية الليبية للأنباء، إن أهدافا مدنية وعسكرية أصيبت. ومن المقرر أن يشكل اجتماع لندن جماعة توجيه رفيعة المستوى بمشاركة دول عربية لتقديم المشورة السياسية لكيفية التعامل الدولي مع الأزمة، وتنسيق مساعدات طويلة الأمد لليبيين. وصرح مصدر دبلوماسي بأن بريطانيا دعت محمود جبريل، عضو المجلس الوطني الليبي الانتقالي، إلى لندن، وإن كان ليس مدعوا بشكل رسمي للمشاركة في المؤتمر. ويناقش نحو 40 حكومة ومنظمة دولية زيادة المساعدات الإنسانية، والدعوة إلى عملية سياسية تمكن الليبيين من تقرير مصيرهم. لكن مع تولي حلف شمال الأطلسي قيادة العملية العسكرية وتقدم مقاتلي المعارضة المسلحة غربا يقول بعض المعلقين، إنه ينبغي منح القذافي فرصة أخيرة لإسدال الستار على حكمه المستمر منذ 41 عاما. وقال أوباما في كلمة إلى الشعب الأمريكي أذيعت تليفزيونيا، ليل الاثنين: إنه لم يكن لديه خيار سوى العمل لتفادي "عنف على نطاق مروع" ضد الشعب الليبي. وقال أوباما في اقوى دفاع عن إستراتيجيته منذ بدء الضربات الجوية قبل 10 أيام: "كان لدينا قدرة فريدة لوقف ذلك العنف.. تفويض دولي للعمل، وائتلاف واسع مستعد للانضمام ألينا.. كان لدينا أيضا القدرة على وقف تقدم قوات القذافي". لكن أوباما حدد ضوابط صارمة لاستعداده لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية، موضحا أن واشنطن لن تتصرف كشرطي العالم الذي يتدخل "حيثما يحدث القمع"، في علامة على أنه سيتفادى التدخل المسلح في بؤر ساخنة أخرى في الشرق الأوسط. وتعهد بأن تقلص الولاياتالمتحدة دورها إلى "دور مساند" مع تولي حلف شمال الأطلسي مهام القيادة بالكامل من القوات الأمريكية غدا الأربعاء، لكنه لم يقدم أي تكهنات بشأن متى أو كيف ستنهي المهمة. وقال الرئيس الأمريكي، الذي كان يتحدث أمام ضباط عسكريين في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن: "إننا سرنا على ذلك الطريق في العراق.. ذلك شيء لا يمكننا أن نتحمل تبعة تكراره في ليبيا". وأصبحت قطر أمس أول دولة عربية تعترف بالمعارضة الليبية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب، وهي الخطوة التي قد تأتي بتحركات مماثلة من دول خليجية أخرى. وقالت وزارة الخارجية القطرية في مذكرة دبلوماسية، إن هذا الاعتراف يأتي عن قناعة أن المجلس قد أصبح عمليا ممثلا لليبيا "وشعبها الشقيق".