الأسبوع الماضى، نشرنا قراءة فى التصور المقترح من الفنان عادل السيوى لاستقلال المجلس الأعلى للثقافة عن الوزارة، والاقتراح مطروح حاليا للمناقشة وسط الجماعة الثقافية، وفى دردشة مع السيوى قال إن الأمر قابل للمشاركة، وأن العمل ليس مقصورا على جماعة بعينها، وأن الباب مفتوح أمام كل من يرغب فى المشاركة والتغيير. بعدها عرفت «الشروق» أن الفنان د.أحمد نوار، لديه تصور آخر للمسألة نفسها، يتمثل فى إلغاء المجلس الأعلى للثقافة، وهى النقطة الأهم تقريبا فى أوجه الاختلاف بين التصورين. ولكن كان السؤال الذى راودنى فى الطريق إلى مرسم نوار بالقرب من ترعة المريوطية، هو لماذا لم يقترح نوار فكرته أيام عمله بوزارة الثقافة، وهو كان أحد القيادات المؤثرة بالوزارة، وعضو بالمجلس، وتولى عددا كبيرا من المناصب، وكان من الممكن وقتها أن يوضع اقتراحه محل اهتمام؟. وكانت المفاجأة فى إجابة الرجل أنه بالفعل تقدم بهذا الاقتراح عندما كان رئيسا لقطاع الفنون التشكيلية، وأعطاه للدكتور عماد أبوغازى، الذى كان رئيسا للإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس، والذى رحب بدوره بالفكرة، وقال لنوار إن المسألة تستلزم وقتا لدراستها، وكيفية تحويل الفكرة إلى واقع، ومرت السنوات ولم تنفذ الفكرة، وأنهى نوار عمله بالوزارة، وأصبح أبوغازى وزيرا للثقافة، ونجحت ثورة 25 يناير، وطرحت مشكلة المجلس من جديد للنقاش، فرأى نوار جدوى للمشاركة بتصوره مرة أخرى، حيث يرى أن «ثقافة الثورة تفرض منهجا جديدا على المجتمع بمؤسساته الرسمية والمدنية، مما يستوجب التأمل فى أهمية الثقافة بمعناها الشمولى، كمسئولية قومية على عاتق المؤسسات المكونة للمجتمع، وتأتى وزارة الثقافة فى مقدمة هذه المؤسسات كمرجعية أصيلة»، يكمل: «لتحقيق التوازن والتكامل بين المؤسسات، يجب علينا مراجعة هيكلة وزارة الثقافة، ودراسة مدى أثرها فى المجتمع، وتحديد أوجه القصور، التى أدت إلى تردى المنتج الثقافى ووصوله إلى مستحقيه فى المدن والقرى والنجوع، وتحقيق العدالة والرعاية الثقافية اللازمة». قبل الدخول إلى تفاصيل تصور نوار، يلفتك حديثه عن سلبيات عمل المجلس، والتى منها مثلا مشاكل جوائز الدولة التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، وهو أمر يتحدث فيه كل من يعمل بالثقافة، ولكن بطبيعة الحال، يختلف أثر الحديث عن مشاكل جوائز الدولة عندما يتكلم عنها أحد أعضاء المجلس، الذين كان لهم حق التصويت على من يفوز، يقول: «منح الجوائز دائما يشوبه الكثير من السلبيات لسببين رئيسيين أولهما أن معظم أعضاء المجلس غير متابعين للحركة الإبداعية، وبناء عليه يتم التصويت عشوائيا، بل إن بعض هؤلاء، كان الواحد منهم أحيانا يميل علىّ ليسألنى من هذا المرشح أو ذاك، والسبب الثانى أن الأعضاء الممثلين لهيئات وزارة الثقافة، والذين يتم تعيينهم فى عضوية المجلس لمناصبهم، تملى على معظمهم بعض الأسماء التى يكون متفقا عليها مسبقا، ما يفرغ قيمة الجوائز من أهميتها!». يتفق نوار مع الفنان عادل السيوى، فيما يتعلق بمهام هذا «البرلمان الثقافى» حيث وضع الاستراتيجيات والسياسات الثقافية فى مصر، ومتابعة تنفيذها عن قرب وبدقة، ولكن على أن يتم إلغاء المجلس تماما، وإنشاء برلمان يضم مبدعين ومفكرين ممثلين لجميع المجالات الإبداعية، ويتم تخليصه من فكرة اختيار أعضاء «لمناصبهم»، وينتخب رئيس البرلمان من قبل هؤلاء الأعضاء. وفيما يخص جوائز الدولة، يرى نوار أن تشكل لجانا سنوية من المبدعين فى كل مجال على حدة، فتناقش مبررات الترشيح، واختيار الفائز بالتصويت داخل اللجنة المختصة، ثم ترفع النتيجة إلى أعضاء البرلمان المنتخبين لإقرارها وليس للتصويت، ويقترح نوار تغيير اسم جائزة مبارك إلى جائزة «مصر». من النقاط التى اتفق فيها نوار مع السيوى أيضا، تخليص هذا الكيان من القطاعات التابعة له، ويقترح إنشاء هيئة عامة تتبع الوزارة، لتضم جميع الإدارات المركزية، ومنها المركز القومى للسينما، والبيت الفنى للمسرح والمركز القومى لثقافة الطفل وغيرها. من المشاكل التى تعرض لها نوار فى تصوره، ما يتعلق بصندوق التنمية الثقافية، فهو يرى أن الصندوق أنشئ لأهداف واضحة تتلخص فى: «دعم المشروعات المتعثرة ماليا بقطاعات الوزارة، ولكنه يقوم بهذه المهمة على نحو ضئيل لا يتناسب مع المطلوب رغم ميزانية الصندوق الكبيرة»، ويُرجع نوار سبب هذه المشكلة إلى أن الصندوق تحول من ممول إلى إدارة تضم مراكز فنية ومكتبات وأنشطة تنفذ على مدى العام مثل سيمبوزيوم النحت الدولى بأسوان، الذى كان يتبع قطاع الفنون التشكيلية، ثم آلت إدارته إلى الصندوق، بالإضافة إلى مركز الإبداع بالإسكندرية، والذى كان يتبع هيئة قصور الثقافة، وكان اسمه قصر ثقافة الحرية، وغيرها من الأنشطة التى تستهلك جزءا ضخما من ميزانيته، فأصبح منافسا لبعض قطاعات الوزارة، بعد أن تهاوت أهدافه الأصلية دون مبرر، لذا يقترح نوار إعادة توزيع الأنشطة الثقافية لتبعيتها الأصلية، واعتبار صندوق التنمية الثقافية جهة تمويل للمشروعات.