اجتماع "ساخن" وكثيف الحضور شهده "أتيليه القاهرة" مؤخرا، ورغم أن السبب الأساسي لعقده كان المناقشة والاتفاق علي الاقتراح الذي تقدم به الفنان التشكيلي عادل السيوي لفصل المجلس الأعلي للثقافة عن وزارة الثقافة، إلا أن الاجتماع لم يخل من آراء طالبت بإعطاء الأولوية لمناقشة رفض المثقفين لتولي المهندس محمد عبد المنعم الصاوي صاحب مشروع "ساقية الصاوي" لمنصب وزير الثقافة في حكومة تسيير الأعمال التي يتولاها الفريق أحمد شفيق حاليا، وهو ما تم بالفعل حينما فتح الفنان محمد عبلة باب النقاش حول أسباب رفض الصاوي، التي تم التوقيع عليها في بيان. كما وقّع الحضور علي بيان ثان ينص علي: "ضرورة أن يستقل المجلس الأعلي للثقافة عن سلطة وزارة الثقافة، باعتباره ممثلا لكل التيارات الثقافية والفنية في الوطن، وحتي يكون استقلاله فاعلا ومعبرا عن أغلبية المثقفين والكتاب والفنانين، وضرورة أن يكون اختيار رئيس المجلس ورؤساء اللجان عن طريق الانتخاب لا التعيين"، وكان من المفترض أن يصدر بيانا نهائيا جامعا يعلن عن موقف المثقفين من مطالب الثورة العامة، وموقفهم الخاص من وزير الثقافة ومقترحاتهم بشأن المجلس الأعلي للثقافة، لكنه لم يصدر. وفيما يخص المناقشات، طالب المخرج السينمائي مجدي أحمد علي الحضور بتحديد الخطوات التي يمكن من خلالها إزاحة محمد الصاوي من منصبه، فيما أشار فنان العرائس الشاب محمد حمدي إلي أن هيئات وزارة الثقافة مفككة ومنفصلة بالفعل وما علينا، كما قال، هو إلغاء الوزارة التي تتجمع تحتها هذه الهيئات، وعاد الناشر محمد هاشم، صاحب دار "ميريت" للتأكيد علي رفضه لمحمد الصاوي باعتباره عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني، ولما سبق من قيامه بعمل رقابة شديدة علي ما يعرض عنده في "ساقية الصاوي" من أعمال مسرحية وفنية ومنها قطع النور علي العارضين واقتطاع مشاهد من الأفلام التي تعرض في الساقية". وعاد الفنان عادل السيوي ليؤكد أن اللقاء غير معني بالصاوي بقدر ما هو معني بإمكانية الضغط من أجل نزع استقلالية المجلس الأعلي للثقافة باعتباره ممثلا للمثقفين، وكذلك سعي المثقفين لعمل مؤتمرهم الخاص وإعلان توصياتهم بعيدا عن وزارة الثقافة"، وأكمل الفنان التشكيلي محمد عبلة قائلا: تصور السيوي لا علاقة له بموقفنا من وزير الثقافة، بل هو نابع من كون المجلس الأعلي للثقافة لا يمارس دوره الذي من المفترض أن يقوم به" وعاد المخرج مجدي أحمد علي للحديث قائلا "فكرة انفصال المجلس الأعلي للثقافة، جاءت علي عجل، لأنه يتوجب مبدئيا أن نحدد من هو المثقف الذي يمكنه أن ينتخب رئيس المجلس الأعلي للثقافة، وكذلك أن نحدد طبيعة عمل المجلس ودوره وميزانيته"، ورد عليه السيوي بأن ذلك تحديدًا سيكون عبر لجنة يقوم الحاضرون بتشكيلها. وأكد الروائي محمود الورداني: لا يوجد تعارض بين حضورنا هنا ورغبتنا في تشكيل لجنة من المثقفين ينضم إليهم الدكتور عماد أبو غازي تصوغ اقتراحاتنا بشأن المجلس وبين حضورنا للاعتراض علي الصاوي"، وأعقب الناقد محمد بدوي قائلا: اقتراح فصل المجلس، فكرة نيرة تحتاج لنقاش طويل، خاصة أن نشأة المجلس الأعلي للثقافة كانت نتيجة لأحد أشكال التنافس بين رجال الثقافة، حيث دعا عدد من المثقيفن في السبعينيات إلي إنشاء المجلس ليكون بديلا لوزارة الثقافة". ودعا بدوي لفتح الحوار لجميع المثقفين وأن يتم البحث في موضوع علاقة الإدارة الحاكمة بالثقافة ونظرتها إليها كشيء مهمل، وأشار إلي أهمية تحديد موقف المثقفين من إلغاء وزارة الثقافة قبل الحديث عن وضع الصاوي، بينما دعت الفنانة الشابة فيروز كراوية، المثقفين لتقديم استقالات جماعية من المجلس الأعلي للثقافة اقتداء بالروائي جمال الغيطاني، إلي أن يتم الاتفاق علي شكل عمل المجلس، وعاد الناشر محمد هاشم ليؤكد علي وجود أكثر من موقع علي "الإنترنت والفيس بوك" تناقش نفس الأفكار ودعا لانضمام جميع هذه المواقع في موقع واحد، وأشار محمد عبلة إلي إمكانية أن تنضم جميع هذه النقاشات في موقع واحد اسمه "مثقفون مصريون"، ثم دعا عبلة الحضور لوقفة احتجاجية أمام مكتب وزير الثقافة، قبل أن يفتح الباب للنقاش حول أسباب رفض الحضور لمحمد الصاوي. الكاتبة نسرين جمعة، المسئولة السابقة عن النشاط الثقافي بساقية الصاوي قالت: كنت من مؤسسي النشاط الثقافي بالساقية ونظمت ما يتعدي ال300 ليلة ثقافية، لكن بدأت مضامين تلك الأنشطة التي اتفقنا عليها تختلف، وأصبح الحكم هو المال وليس الكيف"، وتابعت: نحن لا نعلم مدي شرعية العقد الموقع بين صاحب الساقية وبين محافظ القاهرة، والساقية تستغل طرح النهر وتتمتع بخمسة أنواع من الدخول كاشتراكات العضوية وورش العمل وإيجار القاعات ودخل الحفلات، وقد أصبحت أسعارها غالية في الفترة الأخيرة ولا نعلم ما الذي يدفعه الصاوي كمقابل لذلك؟، هذا إلي جانب أن الساقية تفتقد للإدارة الديمقراطية، في ظل المركزية الشديدة التي يمارسها محمد الصاوي واستئثاره بالقرارات، بالإضافة إلي أن الصاوي ليس مثقفا بمفهومنا نحن عن الثقافة. وأكد الممثل والمخرج الشاب أحمد مجدي أحمد علي، علي قيام الممثلين والمخرجين والفنانين الشباب بعمل قائمة تضم ما فعله الصاوي بحقهم في حرية التعبير وقيامه بعمل رقابة وتدخل علي ما يعرضونه من أعمال، واستشهدت الفنانة المسرحية رشا عبد المنعم، بموقف قام فيه الصاوي باعتلاء المسرح أثناء عرض إحدي المسرحيات والإعلان عن وقف العرض مدعيا أن فيه ألفاظًا خارجة. وقالت الروائية هويدات صالح: وزارة الثقافة مهمتها الحفاظ علي الهوية الثقافية وخدمة الثقافة فكيف نمنحها لرجل "بيزنس"، ورجل أعمال بعد أن ثبت فشل وزارات رجال الأعمال، ثم ما الذي يعرفه الصاوي عن إدارة العمل الثقافي في مصر وهو الذي لم يكن يعلم عن يحيي الطاهر عبد الله سوي أنه صاحب فيلم الطوق والإسورة؟!". وفي ختام الاجتماع أكد محمد عبلة علي عقد اجتماع آخر يوم الخميس المقبل لمتابعة المناقشات والاقتراحات التي تمت، ودعا الجميع لتقديم اقتراحاتهم وإرسالها إلي مقر الأتيليه.