تباينت آراء كبار المثقفين، حول الأنباء التى أكدت اختيار محمد الصاوى رئيس مجلس إدارة ساقية الصاوى، وزيرا للثقافة، حيث انقسم المثقفون إلى عدة فرق، ذهب الأول منها إلى أن الرجل قدم مشروعا ثقافيا ناجحا، خارج مؤسسة الثقافة الرسمية، فيما ذهب الفريق الثانى إلى أن إختيار الصاوى جاء وبالا على الثقافة المصرية، خاصة أن الصاوى عقد اجتماعا مع الرئيس الأمريكى أوباما خلال زيارته لمصر، ولم يفصح عما دار بينهما، أما الفريق الثالث فأصر على فكرة إلغاء وزارة الثقافة كما حدث مع الإعلام. حيث أشاد القاص والروائى إبراهيم أصلان، بقرار تعيين محمد الصاوى وزيرا للثقافة قائلا إنه معروف بجهوده الاستثنائية ودوره غير المسبوق فى ساقية الصاوى للنهوض بالثقافة المصرية. وأضاف أصلان، أن هذا القرار يقتضيه أن يشدّ على أيدى الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء ويحييه عليه خاصة بعدما أعلن شفيق مساندته للدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل لاستعادة مشاريعهم التنموية فى مصر. ورد أصلان على مهاجمى الصاوى قائلا: لا يجوز أن نفتش فى نوايا الرجل وليس ضروريا أن يعلن عن موفقه تجاه عمليات المصادرة التى تعرض لها المثقفون فى العهد السابق على الملأ، فكثيرا من المثقفين يصدرون بيانات إدانة ورفض ولكن أقوالهم لم تنظبق على أفعالهم. واتفق معه القاص سعيد الكفراوى قائلا، الرجل أظهر حركة ثقافية طيبة من خلال مشروعه "الساقية" واستطاع أن يجعل منها مكانا لإستقبال الثقافة والمثقفين وعبر السنوات الماضية كان صوت الساقية يوازى صوت وزارة الثقافة بل ويعلو عليه فى أحيانا كثيرة. وتمنى الكفراوى، أن ينجح الصاوى فى إدارة لجان الوزارة ومؤسساتها ومجالسها وأن ينقل الحركة والنشاط ويستقطب أكبر عدد من الشباب للانضمام لأنشطة الوزارة. وأكد الكفراوى على أن تاريخ الصاوى "المشرف" ونقائه من أى شبهات أو قضايا يجعله جدير بهذا المنصب، موضحا أن الصاوى معروف دوما بموقفه المحايد ولم ينحاز يوما لمؤسسة دون غيرها وربما حرصه على استمرار مشروعه الثقافى كان السبب فى تجنبه التورط فى العمل السياسى. فى حين أبدى الشاعر شعبان يوسف استياءه من هذا القرار معبرا عن تشائمه من مستقبل الثقافة فى عهد الصاوى، قائلا: اختيار الصاوى وبال على الثقافة المصرية، ويضع أمامنا علامة استفهام كبيرة، خاصة بعدما طلب الرئيس الأمريكى باراك أوباما أثناء زيارته لمصر، أن يلتقى به تحديدا، ولم يعلن الصاوى حتى الآن عن تفاصيل هذا اللقاء. وأضاف شعبان، أن الصاوى ليس له أى خلفية ثقافية تؤهله للوصول إلى هذا المنصب كما أنه دخل على عالم الثقافة من خلال تاريخ والده وزوجته الراحلة. وأكد يوسف على أن ساقية الصاوى ناجحة من الناحية الفنية ولكنها فاشلة فى المجال الثقافى، معبرا عن تخوفه من أن يحول الصاوى وزارة الثقافة إلى مشروع استثمارى وأبدى يوسف اندهاشه من قيام الحكومة الحالية باختيار شخصيات بعيدة تماما عن الثقافة وتجاهل أخرى لها انجازات أدبية وثقافية معروفة وبارزة. وعلق الروائى إبراهيم عبد المجيد قائلا، أقترح أن يتم إلغاء وزارة الثقافة تماما وإذا كان لابد من تواجدها فلنقوم بتقليص نشاطها وجعله قاصرا على الأوبرا والمسرح القومى ودعم الجمعيات الثقافية الأهلية. وأضاف عبد المجيد، أن وزارة الثقافة وزارة اشتراكية فى الأساس لا تتناسب مع أفكار المجتمع الرأسمالى الذى نعيش فيه. أما الشاعر عبد المنعم رمضان، فقال: أعرف جيدا أن ترشيح الصاوى وزيرا للثقافة جاء من قبل بعض الشباب ولكنى ألوم عليه قبوله الانضمام فى حكومة شفيق الذى حلف اليمين أمام الرئيس السابق مبارك وكان واحدا من اختياراته. وأضاف رمضان أنه لا يعنى بوزارة الثقافة ومن سيتولاها لأن هناك أسئلة جوهرية أهم تشغل تفكيره وهى ضرورة محاكمة الرئيس مبارك ووزرائه. وأوضح رمضان، أن عملية محكامة الرئيس مبارك ستكسر تابو محاكمة الرؤساء فى سائر الدول العربية، كما أنها ستجعل محاكمة وزراء الرئيس مبارك مثل أحمد عز وحبيب العادلى وزهير جرانة وغيرهم جادية تماما إضافة إلى أنها ستضمن قلة فساد كل رئيس قادم. وأثنى رمضان على الشاعر فاروق جويدة الذى جاء ضمن ترشيحات رئاسة الوزراء لتولى حقيبة وزارة الثقافة ولكنه اعتذر وأضاف رمضان: موقف جويدة أهان كل من قبل المنصب قبله وكل من سيقبله بعده. وقال الروائى بهاء طاهر، إن المهندس محمد عبد المنعم الصاوى يحتل مكانة كبيرة لدى المثقفين المصريين، واصفًا اختياره وزيرًا للثقافة بأنها سوف تكون بمثابة "نقلة" لا بأس بها. أما الروائى يوسف زيدان، فأكد لليوم السابع على أن اختيار الصاوى هو اختيار موفق فى المرحلة الحالية، لأن الصاوى كما عرفته هو شخص بعيد كل البعد عن "الإدعاء" مضيفا: ويتميز بالبساطة والتلقائية الإنسانية التى تزيل الحواجز بينه وبين الآخرين، خاصة الشباب الذين ينحاز دوما إليهم ولا يبخل بوقت أو جهد فى الاستماع إليهم وتحقيق ما يمكن تحقيقه من مقترحاتهم. وأكد زيدان على أن الأنشطة الكثيفة التى تقام فى ساقية الصاوى تؤكد أنها أنشط نقطة ثقافية فى القاهرة، مضيفا: وأعتقد أنه إذا سار فى وزارته على النهج ذاته الذى يتبعه فى إدارة الساقية، فسوف يحقق الكثير ويكون وجها مشرقا للثقافة المصرية فى هذه الفترة الانتقالية الحرجة. وعن الهجوم الذى يتعرض له الصاوى، قال زيدان: يهاجم الصاوى نوعان من الناس، أولهما يدفعه الحماس الشديد وعدم التروى فى إصدار الأحكام وهذا هو النوع الذى يمكن أن نرى موقفه على ضوء "حسن النية"، أما النوع الآخر فهم المأزومون والطامحون إلى مناصب وأدوار ليسوا أصلا بمستحقين لها، مضيفا: هذا الفريق كان الواحد منهم سيهاجم أى شخص آخر يتولى مثل هذا المنصب، لأن موقفهم ينطلق عموما من "سوء النية" و"الغلّ" الكظيم للآخرين. وأضاف الشاعر رفعت سلاَّم أرى أن المشكلة ليست فى هذا الاسم أو ذاك، وذلك لأن الملايين التى خرجت فى المظاهرات وطالبت بشكل واضح بإسقاط النظام وليس ب"ترقيع" الحكومة وهو ما يحدث الآن. وشدد سلام "ولذلك فلا بد من تشكيل حكومة إنقاذ وطنى تختفى منها كل رجال النظام السابق أولاً، كخطوة لتلبية المطالب الجماهيرية". وأوضح سلام "إن ما يحدث الآن هو استمرار لحكومة مبارك الأخيرة ابتداءً من رئيس الوزراء نفسه، ومحاولة ترقيعها بهذه الشخصية أو تلك من الشخصيات المستقلة". وأن اختيار الصاوى هو عودة غير حميدة إلى اختيار رجال الأعمال فى الوزارة، وذلك هو المنهج الذى ثبت فشله فشلاً ذريعًا، ولأن النظام الآن هو حكومة مبارك فهو ما يزال يواصل نفس المنهج، وكأن مصر قد خلت من كبار المثقفين من غير رجال الأعمال". وأكد سلَّام على أن "مصر أكبر بكثير من أن تكون ساقية الصاوى، فهى تستحق وزير ثقافة أفضل من ذلك بكثير". فيما أكد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى على أن الصاوى صاحب مشروع ثقافى ناجح، استطاع من خلاله أن ينشأ مؤسسة ثقافية شعبية، خارج الدولة، وأضاف حجازى لليوم السابع: لا أستطيع أن أرفض أو أؤيد اختياره وزيرا للثقافة، قبل أن أرى ما سيفعله داخل قطاعات وزارة الثقافة، لأن ما حققه فى ساقية الصاوى يدعو للإعجاب ويرشحه للعمل الثقافى، لكن العمل داخل الوزارة مختلف عن العمل خارجها.