لا أكاد أصدق...و أنا أتذكر أتفحص البضاعة بنظرة خبير ...أنظر إلى البائع و أسأل عن الثمن ...3 جنيه الكيلو يا باشا.... أتذكر كيف فاصلت مع هذا البائع و كيف كنت مقتنعاً بجشعه...فثلاثة جنيهات كثيرة جداً على كيلو ليمون أتذكر و لا أكاد أصدق ......أكاد أقسم ...أن هذا بالتأكيد كان يومه ---------------------------------- السبت 18/12/2010 أخر 30 جنيه في جيبي .... الأكل ....ربما أوفر لو أكلت وجبة واحدة ... و لكن أمي ؟!!...الحنون الطيبة ....و المريضة جداً...كيف سأتحمل علاجها...أنا أتعذب يومياً و أنا أراها تتألم و تتماسك حتى لا تشعرني و لا تفزعني.....يا إلهي لماذا .؟!...لماذا أنا دائماً تعب و مقهور هكذا....لماذا يحدث لي هذا...لماذا لا أتذكر متى نمت شبعاناً....لماذا ولدت مظلوماً..... لماذا لم أعد أحتمل أن أرى كل هذه الإعلانات و الحياه الرغدة التي تمتلئ بها قنواتالتليفزيون....لم أعد أتحمل.... حتى الزواج أصبح شئ من العالم الأخر ...عالم الأحياء و لكن ...شيئا ما بداخلي..يخبرنى أن....صبراً ....ماذا يمكن أن يحدث أكثر من هذا...ربما سيكرمك ربك ...ربما ...و تستطيع النجاة هذه المرة...حسناً توكل على الله ...و حاول أن تكون حذراً و ربما تتحصل على 50 أو 60 جنيهأً ..و تكسب 20 أو 30 جنيه تشترى بها دواء أمك.. الأحد 19\12\2010 أقف منتشياً...و أمامي بضاعتي...الحمد لله ...اليوم بالتأكيد يومي...لقد تمكنت من بيع ربع البضاعة في ساعة واحدة...هذه أول مرة تحدث لي.....بالتأكيد هذا يومي...لو سارت الأمور كما ينبغي سأبيع البضاعة سريعاً ...و بكسب مضاعف.... 40 جنيه... يا ربي...40 جنيه....سأحتفل مع أمي ....و ربما أتي بثمن الخضار اليوم.....الذي لم أكله منذ أسابيع...و لو حالفني الحظ ربما بعد عدة أيام أتي لها بربع كيلو من اللحم ....و لعب مشهد طاجن الخضار في رأسي...فأغمضت عيني و قلت ....هذا بالتأكيد....يومي.... ...بدون قصد ...و أنا مغمض العينين ...تمر من أمامي الذكريات...و أنا أحتفل مع زملائي بالجامعة ...أتذكر أمالي وأحلامي....أتذكر حفل تخرجي..و أتذكر شهادتى ---------------------- "تشهد كلية الهندسة جامعة (..) .....بأن الطالب/محمد ...أنهى دراسته الجامعية في سبمبر سنة 1992\1993 بتقدير جيد" ---------------------- كان يراودنا حلم العمل في الشركات العالمية التي دخلت البلاد ...من أوسع الأبواب.......و كان يجب أن نصدق حكومتنا......من ناحية لأننا لا نملك حل أخر...و من الأخرى.... أن تشغيلنا هو سبب تسهيل دخول هذه الشركات ....و لكن كعادة كل من جعل الأرقام هدفه و الناس وسيلته ...فخفض العماله و من ساعات العمل أزاد ...لتحقيق أرباح جاهزة... و كنا نحن أرقامه رابحة....و أصبح تصفير مرتبي هو القاطرة ... لكل الأرقام الإقتصادية المبهرة "بالتأكيد هذا يومي..أنا أشعر بهذا" وتدريجياً تحولت حياتى إلى ما يشبه الحياه...و الإعلام يبث من حولى كل ما هو لاه.....كان يبث نوع أخر من الحياه...حياة من النوع الذي تحب أن تراه...و لكن..(تحلم ) بأن تعيشه...و أصبح الزيف حقيقة ...و الحقيقة بعيدة ... بكارثة تبرق و تظهر من بعيد... و تدوم للحظات ....قبل أن يهجم الزيف ...بو يدهس و يطرد...بالكره و الحوادث و اللهو .....ربما لا يهتم الكثير ... دائماً ما أحسدهم ...لأنني للأسف مضطر أن أهتم ....و كيف لا أهتم... و هذه الحقيقة ....هي أنا ------------------------------------------------------- إنا الذي بلا عمل و بلا أب و بلا مصدر دخل و إنا الذي لن أسرق و لن أقطع الطريق .....فأنا المتعلم الذي منتهى أحلامه ......في ضمان ما يأكله و زواجه.... شئ كحكايات ألف ليلة و ليلة الأسطورية و كل ما عداه ...يراه الناس....مع أنه يقف أمام كل الناس أنا الرقم في نظر من يحكمني الشئ في نظر من يحرسني أنا النصف الفارغ أنا الحقيقة ....و الحقيقة هي أنا -------------------------------------------------------- بلدييييييييييييية....بااااللااااااادييةااا.....بلدية يالا... إهرب يالااا...إهرب .... أستيقظ من ذكرياتي فزعاً...و قد سقط قبلها قلبى...و بكل ما أوتيت من لوعة و حرقة.... لممت بضائعي...و أنطلقت مبتعداً....و من أين ظهرت أيها الحجر...من سلطك علي...لماذا أسقطتني و عطلتني حتى بلغني الزبانية....يضع أول شيطان يده على أخر ما أملك...أتذكر أمي .....يحملها بغلظة مع زميله....أتذكرها تتألم و تنتظر ما سأكسبه اليوم ....يبتعد عني...ألحق به .....ألقى وجهي على قدمه .....و أتوسل إليه...في عنف ألقاني ...و بقسوة يصفعني... يرحلون في لحظات أشعر بالإهانة...بالذل ..بالقهر....أشعر بالرغبة في الصراخ...صدري ينقبض أحلام ....زواج ....رزق...طعامي......أمي تسوء.... تتألم .... تناشدني الدواء.....ألم في قلبي.....عذاب ....حرقة...قهر...قهر....قهر "بالتأكيد هذا يومي" .أتوسل إليه.......يحملها بغلظة مع زميله يصفعني أأأااااااااااااااااااااااه "بالتأكيد هذا يومي" أرى عبوة البنزين أمامي ...في جنون أنثره على رأسي لا أعلم ...لماذا ما زلت أثق أن هذا يومي --------------------------------------------------------------------------------- الأثنين 20\12\2010 أتذكر البائع المسكين...الذي إتهمته بالجشع.....و كيف أحرق نفسه كمداً و غضباً..و أتذكر رسائله التي تركها الرسالة الأولى...كانت لقلبي مزلزلة.. شعور واحد وحيد جبار....لهيب و نار.... غضب مقهور ذليل موشك على الإنفجار حتى أدركت من قوة ما شعرت.......... أن اليوم حقاً كان يومه رسالته الثانية...كانت لعقلي صادمة ... حتى إنني ...لم أتحمل رؤية ما يبثه الإعلام....كيف أري ما لا أراه...كانت الحقيقة أمامي ....و أمامي في التليفزيون كانت مجرد رقم.....!!!ا كنت أراه يومياً في السوق...و أرى مثله في كل مكان ...كان دائماً هناك لكني..لم أرهق ذهني بمثله...و لا تلومنني أرجوك..فلا أحد كان يفعل بماذا سنهتم في البسيط و هو ليس النجم أو البطل؟!!ا.. و لا أعلم لماذا شعرت بنفس الشعور الواحد و الوحيد..عندما لحق به من عرفت إنه مصطفي... و أيقنت إن البائع المقهور كما راسلني راسله....و كما راسله راسلنا...و كما راسلنا راسل الجميع في كل مكان...وكان الأمل و الرمز و السبب....و أنهمرت رسائله حتى أحاطت بالزبانية ...و ظهر من الحقيقة ما غاب...الحقيقة أيها السادة...تختلف عن المعلومات...الحقيقة ليست رقم...الحقيقة ليست وهم....الحقيقة ليست نصف فارغ كما يردد اللئام الحقيقة هي أنا أصُاب في حربٍ... فيتجاهلني الهواء من يسرقني يملكنى و إن سرقت..... كانوا علي ذئاب أموت كل يوم ... و من أجل هذا اليوم....كان كفاحي أيها السادة... إنتبهوا...فقد وصلتني رسالة رسالة قد تكون ناقصة ....و لكنها لن تتركني على نفس الحالة القادم أنا ...بقلبي و عقلى ...و الثمن ؟!!....دم بعيد قد سال بالمثل سأدفعه راضٍ...فالدم أصبح دمي و الزيف ترك عقلي أنا الحقيقة...أنا الحياه...أنا من عندكم مجرد رقم... و اليوم يومي أنا فكرتم كثيراً و دفعتم الكثير...لتبنوا قلعة للزيف ...قادرة محصنة الكرة و شئ لا يشبه الفن أسلحتها... و اللهو و الكره و الحوادث .....أسوارها و موانعها ما بنيتموه في عقود....ينهار بلحظة صدق من مقهور ينهار بلحظة بألم من مظلوم... ينهار بلحظة حقيقة أو بلحظة وعي من مجهول خطأ..لقد وصلت الرسالة....ما في شئ يدعى من مجهول ..فكل مجهول معلوم ..عند عادل ,جل و علا, لا يترك ظلماً يطول .. أراد,جل و علا, ألا يخاطبنا بالمعجزات..و أن يخاطبنا بالرسائل ...من مخلوق بسيط مذلول رسالة من الحقيقة ...بل من قلب الحقيقة....من قلب مؤمن مقهور رسالة سهلة الفهم...ولكن فهمها لا يكتمل إلا بفهم....حال من كان اليوم يومه...حال من كان حاله بالضبط حالي أي أنا أنا الرسالة ليس النجم ...و ليس البطل ----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- القصة الحقيقية شخص يدعي محمد بوعزيزي ...تونسي و لكن الأن أكتسب الجنسية المصرية ...ربما كانت حياته ستنتهي مثلما عودتنا الحياه ...ربما ....و لكن الأكيد إنه أصبح سبب و رمز لتوحيد الشعوب العربية و إثبات الحقيقة التي طالما تشكك الأعداء فيها...و هي إننا في لحظات كثيرة يظهر الوجه الأصلى لنا ...نحن المتفقون في كوننا مظلومين مقهورين مجبرين على كره إخواننا....أرجوكم لا تضعوا حائلاً أمام إخوتكم و إحذروا كرة القدم و أمثالها من الأشياء الكثيييرة التى فرقتنا و جمعنا شخص بسيط ..ليس بالنجم و لا البطل