فى وقت الأزمات تتجه أنظار المستهلكين خاصة محدودى الدخل إلى المجمعات الاستهلاكية على أمل أن تعود لسابق عهدها كحائط الصد الأول أمام موجات الغلاء وزيادة أسعار السلع الغذائية ولكسر دائرة الاحتكار. التى قد تشهدها السوق، لذلك كان حاضرا فى ذهنى، وأنا أحاور الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار والمسئول الأول عن المجمعات عن مدى صمود هذه الكيانات أمام هجمة السلاسل التجارية العربية والأجنبية، التى تستعد لاقتحام السوق المصرية بهدف إقامة مراكز تجارية كبرى فى مختلف المحافظات فى إطار خطة الدولة لتطوير سوق التجارة الداخلية. وزير الاستثمار قلل من هذه المخاوف مؤكدا أن استقطاب الشركات الكبرى للاستثمار فى هذا المجال مسألة إيجابية تصب فى النهاية فى صالح المستهلك، مشيرا إلى وجود تنسيق بينه وبين المهندس رشيد وزير التجارة والصناعة حول تنظيم سوق التجارة الداخلية بصرف النظر عن ملكية المشروعات خاصة أم عامة. وأشار إلى اجتماع مع رئيس الوزراء والمهندس رشيد تم فيه مناقشة جميع التفاصيل المتعلقة بتنظيم السوق، وقال إن خطة العمل تستند على عاملين، وهو نشاط الشركات العاملة فى مجال التجارة الداخلية وتوفير مجالات لشركات كبرى لتقوم بشراء منتجات من المزارعين أو المصنعين مباشرة بهدف خفض التكلفة والقضاء على الوساطة. الشروق: ولكنكم فى المجمعات تتمتعون بهذه الميزة فلا يوجد وسيط بين الشركات العامة، التى تنتج السلع وتبيعونها للمستهلك بشكل مباشر؟ محمود: هذا صحيح لكن تطوير الخدمة والأسواق يعتمد على وجود شركات المجمعات الخمس، وهى النيل والأهرام والإسكندرية، وشركتا الجملة بالإضافة إلى وجود الشركات الخاصة، والكل يتعاون فى الترويج لفكرة تنظيم السوق، ونحن من جانبنا كشركات عامة لا نتردد فى توفير أراض غير مستغلة تمتلكها الشركات القابضة لوزارة التجارة والصناعة فى إطار خطتها لإقامة مراكز تجارية ضخمة سواء لمصريين أو أجانب. الشروق: ولكن تطوير المجمعات يحتاج إلى أراض مميزة أنتم أولى بها؟ محمود: المسألة لا تستدعى القلق فنحن نحصل على ما نحتاجه من الأراضى اللازمة ونقوم أولا، بعرض الأرض غير المستغلة لشركة ما على الشركات القابضة الأخرى، وفى حالة عدم حاجتها إليها نقوم ببيعها بسعر السوق فالأولوية هنا لخدمة وصالح المستهلك. الشروق: ماذا أعددتم لمواجهة حالة التحدى التى تفرضها منظومة التطوير لتحتفظ المجمعات بدورها الاجتماعى السابق؟ محمود: لقد بدأنا فى تنفيذ خطة لتأهيل المجمعات القائمة، التى لم تشهد تطويرا منذ 15عاما ووضعها فى الشكل المناسب لمواكبة التطور فى أسلوب التجارة الداخلية باستهداف توفير السلع وعرضها للمواطنين بأسعار تقل عن مثيلها بما يتراوح ما بين 10٪، 15٪. وسيتم التطوير على ثلاث مراحل الأولى بتكلفة إجمالية 198مليون جنيه تشمل تطوير 332 مجمع تنتهى فى 30 /6 /2010 بتكلفة 113 مليون جنيه تم بالفعل تطوير 154مجمعا استهلاكيا تابعا لشركات المجمعات الثلاث (الأهرام، النيل، الإسكندرية). وشركتى الجملة كما تشمل الخطة إنشاء 112فرعا جديدا بمراكز المحافظات بتكلفة 50 مليون جنيه فضلا عن إقامة مجموعة من المجمعات التجارية الكبيرة فى مداخل عواصم بعض المحافظات ومن المنتظر تنفيذ المجمعات الجديدة بمراكز هذه المحافظات خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تسلم المواقع من المحليات، ولقد قمنا بالتنسيق مع وزير الإسكان، الذى أبدى تعاونا فى تخصيص قطع أراض لنشر المجمعات فى المدن والأحياء الجديدة. الشروق: من أين سيتم تمويل هذه الخطة؟ محمود: التمويل من الشركة القابضة للصناعات الغذائية بالتعاون مع صندوق إعادة الهيكلة وفوائض الشركات الخمس للمجمعات، وسيتم تمويل مجمعات مراكز المحافظات بقروض ميسرة من شركتى الجملة (العامة ومصر). الشروق: لقد قمتم بافتتاح أول هايبر حكومى (فرع الطيران) أوائل العام الحالى، هل الخطة تتضمن التوسع فى إنشاء مراكز مماثلة؟ محمود: سوف نقيم هايبر جديدا فى مدينة قها على طراز فرع الطيران على الطريق الزراعى بين القاهرةوالإسكندرية على مساحة تصل إلى 3000 متر مربع، وسيعد أكبر مجمع يخدم عدة مدن، وهى قليوب وقها وبنها بالإضافة إلى تقديم الخدمة لمئات الآلاف من المسافرين، الذين يمرون على الطريق يوميا، كما نخطط لإقامة هايبر كبير فى مدينة أسيوط، ونحن فى مرحلة البحث عن قطعة أرض مميزة وكبيرة تصلح لهذا الغرض. الشروق: ألا ترى أن تشجيع بيزنس الأجانب ودخول السلاسل التجارية الكبرى السوق المصرية يحتاج من الحكومة دعما أكبر لشركات التجارة المحلية وللمجمعات للحفاظ على وجودها بالسوق؟ محمود: لا أتحدث هنا باعتبارى مسئولا عن المجمعات ولكنى كمسئول عن إتاحة المنافسة للسلعة بأقل سعر ممكن للمستهلك سواء فى المجمعات أم فى شركات القطاع الخاص فى محاولة للعودة بمعدلات التضخم إلى مستويات أقل بعد أن شهدت هذه المعدلات نزولا ملحوظا منذ يونيو الماضى، وأتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى أقل من 9% قبل انتهاء السنة المالية الحالية بانخفاض أكبر فى أسعار السلع الغذائية. الشروق: ما مدى انعكاس خطط التطوير على أداء المجمعات وهل حققت أرباحا خلال الفترة الماضية؟ محمود: هناك إقبال ملحوظ على الشراء من المجمعات خاصة بعد تطوير أسلوب الشراء وإمداد الفروع بالسلع، التى تنتجها الشركات التابعة للقابضة الغذائية بأسعار منافسة وبعد أن أدخلنا نظاما للتسعير والمتابعة. وزودنا الفروع بوسائل تبريد ونقل حديثة بالإضافة لتدريب العمالة لتظهر بشكل لائق حسن المظهر، وأريد أن أذكر أن المسألة لم تكن سهلة فهو نظام لوجيستى متكامل للتحكم فى المخزون وفى نظام التسعير والتكلفة والنقل فنحن نميز بين مكان وآخر وبين عادات استهلاكية مختلفة من حيث طرح كميات السلع. فهناك أماكن فقيرة لا تقبل على شراء العبوات الكبيرة الحجم على عكس أحياء أخرى، كل ذلك يتم مراعاته ولقد زادت الإيرادات وارتفعت نسب المبيعات بقيم تراوحت ما بين 3 و5 أمثال. الشروق: هل هناك فريق بحثى يرصد احتياجات المستهلكين.. وهل لديكم مؤشرات يتم بها قياس رضى العميل عن السلع المعروضة؟ محمود: الشركات تقوم بذلك ويوجد مؤشر يومى وأسبوعى يتناول ال22 سلعة الأكثر رواجا، كما تفعل السلاسل التجارية الكبرى مثل هايبر وكارفور وألفا، ويقدم لى تقرير عن هذه المؤشرات، وتتم محاسبة الشركات فى حال التقصير. الشروق: ألا يوجد توجه لدى المجمعات لتقديم حوافز وعروض مغرية للمشتريين كما تفعل الهايبرات الكبرى لتنشيط حركة البيع وزيادة الإقبال؟ محمود: بالفعل ستبدأ المجمعات فى تنفيذ ذلك، ويتم حاليا عقد لقاءات مع أعضاء الغرف التجارية وممثلى غرفة تجارة القاهرة والصندوق الاجتماعى لتدريب عدد من الشباب على رفع مهاراتهم وقدرتهم على حسن التعامل مع الجمهور وتقديم العروض بشكل جاذب. الشروق: هل الاهتمام بتطوير المجمعات التى أهملت على مدار سنوات ودخول الدولة فى استثمارات لسلع استراتيجية مثل السكر والأسمنت يعنى تحولا لمفهوم الدولة أن يكون لها دور تقدمى يقود السوق ويوازنه؟ محمود: من أول يوم منذ توليت الوزارة وأنا لا أتبنى سياسة ذات اتجاه واحد للخصخصة، ولكن سياسة تتنوع ما بين إدارة أصول نبيع ونشترى وندير ودائما ما أعطى توجيهات للجمعيات العمومية للشركات بأن يزيدوا من استثماراتهم، ويدخلوا فى استثمارات جديدة فى السكر والأسمنت والألمنيوم والحاويات، والأسمدة، والكوك وكربونات الصوديوم. وكذلك الحديد والصلب (بغض النظر عن أنه يحقق خسائر حاليا لدخوله فى دورة اقتصادية)، لكن للأسف الشديد لا أحد يلتفت لذلك، فالبعض ينسى أننا ننشئ مصنعا جديدا للأسمنت فى قنا وآخر للأسمدة وبصدد إقامة مصنع آخر للأسمنت بمشاركة إحدى الجهات السيادية. الشروق: ألا تفكرون فى إقامة مصنع حكومى جديد للأسمنت لزيادة المعروض فى ظل فوضى السوق الحالية وارتفاعات الأسعار؟ محمود: حاليا تتبع سياسة لفتح السوق ونح الرخص وتفعيل قوانين المنافسة، وهناك زيادة فى الطلب المحلى للأفراد والشركة القومية أول شركة تلتزم بوضع سعر المصنع والكمية على الشكارة. الشروق: درست بالخارج لأكثر من أربع سنوات ما تفسيرك لعدم وجود دور قوى لجمعيات حماية المستهلك فى مصر كما هو فى الخارج؟ محمود: حماية المستهلك والمنافسة فكر جديد على المجتمع المصرى والدولة من خلال الحكومة كانت تقوم بحماية المستهلك باعتبارها المنتج والموزع الوحيد لذلك لم تتح حرية الحركة للمجتمع المدنى ليقوم بدوره.