الحزب الوطنى سقط بصورة كاملة فى 25 يناير ولن ينقذه التغيير فى الأشخاص، الذى أعلن أمس الأول، مع كامل احترامى للدكتور حسام بدراوى. فالتغيير المطلوب هو الفصل بين رئاسة الحزب الوطنى ورئاسة الجمهورية، والفصل بين عضوية الحزب وبين الحقائب الوزارية باستقالة وزراء الحكومة الحالية من الحزب، والفصل بين الحزب وبين مؤسسات الدولة، التى تداخل معها على نحو جعل منه حزب الدولة فى الصيغة السلطوية، التى حكمت بها مصر طوال العقود الماضية. كذلك، إن صدقت النية لدفع البلاد نحو مرحلة انتقال ديمقراطى آمن وأنا لست بواثق من هذا بعد، لابد من الشروع فورا فى إجراءات حقيقية لتطهير الحزب الوطنى إن أريد له أن يقبل من بقية أطراف وقوى الحياة السياسية المصرية كمشارك فى المرحلة الانتقالية. فلابد من إبعاد مسئولى وأعضاء الحزب من رجال الأعمال الفاسدين، وبعضهم تورط فى تدبير وتمويل جريمة الاعتداء النكراء على المتظاهرين المسالمين، ومحاسبتهم علنيا. كما أن استمرار مسئولين ارتبطوا بسيناريو التوريث وروجوا له طوال السنوات الماضية فى مواقع قيادية بالحزب لا يطمئن لا الرأى العام ولا القوى السياسية على أن هذا السيناريو قد مات فعلا ودفن تحت أقدام الشباب الثائر ولن يعود. الأخطر من ذلك هو أن التغيير فى الأشخاص الذى حدث بالحزب الوطنى يعبر تماما عن المنهج، الذى ما زال مسيطرا على تعامل مؤسسات الدولة فى ثورة 25 يناير، وهو التعامل الجزئى والمفتت للمطالب المشروعة للثورة. فالمواطنون أسقطوا الحزب الوطنى كحزب حاكم سلطوى والدولة تحاول الحفاظ عليه دون إصلاحات جوهرية وهيكلية. أشك كثيرا أن الوطنى سيستمر فى الوجود إن استقال رئيس الجمهورية من رئاسته وأكاد أجزم بأن مرشحيه لن يحصلوا على الكثير من الأصوات فى انتخابات حرة رئاسية كانت أو برلمانية. وذات المنهج الجزئى والتفتيتى يسم أيضا تعامل الدولة مع بقية مطالب الإصلاح الدستورى والقانونى والسياسى التى تنادى بها الثورة. نطالب بحل البرلمان فاقد الشرعية فيتحدثون عن الطعون وأن محكمة النقض ستنظر بها. ندعو إلى أن يفوض رئيس الجمهورية نائب الرئيس لإدارة مهام المرحلة الانتقالية كحل وسط يحمى هيبة الرئاسة ويحول دون الفراغ الدستورى، فيرفضون ذلك. نطالب بتغيير الدستور بصورة جادة تضمن التأسيس لتحول ديمقراطى، فيختزل الأمر فى المادتين 76 و77 وربما 88. إن كانت مؤسسات الدولة جادة فى العمل مع القوى السياسية والحركات الشبابية لدفع مصر نحو الديمقراطية، فإن مثل هذه الإصلاحات والاستجابات الجزئية لا تكفى بل تخيف.