تسبب الرحيل المفترض ، والوشيك في نظر البعض ، للأرجنتيني مارسيلو بييلسا عن تدريب المنتخب التشيلي لكرة القدم في ظهور كل أنواع المبادرات التي تطالبه بالاستمرار ، والتي يقودها رئيس البلاد سباستيان بينييرا نفسه. ونصح الرئيس ، الذي دخل في خلافات عامة من قبل مع بييلسا ، المدير الفني أمس "بألا يترك أعمالا غير منتهية"، كي "يصل إلى نهاية سعيدة". وقال بينييرا الذي ينفى تدخله من أجل إبعاد هارولد مايننيكولز رئيس الاتحاد التشيلي لكرة القدم صديق بييلسا وموضع ثقته ، عن منصبه خلال الانتخابات التي أجريت أواخر العام الماضي "لو كان الأمر يعتمد علي ، لوددت لو يبقى بييلسا". وتسببت استقالة بييلسا ، الناتجة عن فوز الأسباني خورخي سيجوفيا برئاسة الاتحاد ، في تراجع نسبة تأييد الحكومة ، بالنظر إلى أن بينييرا كان هو المساهم الرئيسي في النادي الذي قاد عملية انتخاب سيجوفيا وهو كولو كولو. ومع تعرضه لضغوط ، قام بينييرا ببيع الأسهم التي كان يملكها في النادي وألغيت انتخابات اتحاد الكرة لمسألة قانونية تتعلق بجنسية الفائز، وعندما أعيدت فاز بها سيرخيو خادوي ، رئيس نادي أونيون لاكاليرا ، المعارض أيضا لمايننيكولز. وأجل بييلسا رحيله ، الذي كان سيتأكد في 15 من الشهر الجاري ، وقرر قيادة الفريق في مباراته الودية التي تقام في وقت لاحق اليوم أمام منتخب الولاياتالمتحدة بكاليفورنيا ، والتي قد تكون الأخيرة له في تدريب الفريق. وقال المدرب "سأعود"، عندما سأله الصحفيون في المطار قبل سفره لأداء المباراة عن مستقبله. رغم ذلك ، لا توجد مؤشرات على أن هذه العودة سيكون هدفها البقاء. فرجال الثقة القليلون الذين اقتربوا منه في تشيلي يؤكدون أنه من الصعب عليه العودة في قراراته ، رغم أنه سعيد بتجربته في البلاد التي يتمتع فيها بالدعم الكامل من الصحافة والجماهير. وبعد أن أصبح رمزا للرجولة والخطابة والقيادة ، وبعد أن طالب البعض بجعله قدسيا بل ورئيسا للبلاد ، يبدو أن بييلسا يستمتع بحياته في سانتياجو ، رغم أنها أقرب لحياة الرهبان. فهو يقيم في غرفتين صغيرتين من الخشب بمركز تدريبات المنتخب في أحد الأحياء المتواضعة ، ويسير إلى السوق المجاور كي يشتري الخضروات ، ويزور جيرانه في أعياد ميلادهم وحفلاتهم العائلية. وقال بصراحة قبل نحو شهرين ، عندما أعلن عزمه الرحيل عن المنتخب التشيلي إذا ما تولى سيجوفيا مقاليد الأمور في الاتحاد "لقد فتحوا لي أبوابهم". كما أن خادوي ، الفائز النهائي في الانتخابات المثيرة للجدل على رئاسة الاتحاد التشيلي ، لا يخلق شعورا بالراحة لدى بييلسا ، بعد أن أكد له أنه سيدعم حليفه مايننيكولز ، لكنه في النهاية حشد الصفوف لمعارضته. ولم يتحدث الرئيس الجديد للاتحاد ، الذي أكد أن أولويته الوحيدة هي الاحتفاظ ببييلسا ، سوى مرة واحدة إلى المدير الفني ، وصفها بأنها كانت محادثة "ودية". وطالب إيفان زامورانو ، النجم التشيلي السابق وقائد منتخب البلاد لسنوات طويلة ، الجميع بإعادة التفكير فيما حدث ، ولاسيما بييلسا نفسه. وقال "إنها إشكالية لا نفهمها نحن محبو كرة القدم.. لابد من إكمال الأمور التي تسير بطريقة جيدة. أما أن يتم منع هذا الإكمال بسبب صراع ناتج عن تضارب المصالح بين المسئولين فذلك ما يبدو لي أمرا غريبا". وأضاف النجم الكبير "من الصعب العثور على جيل بهذا الامتياز في الكرة التشيلية ، وجعلها الحظ تتوافق مع قدوم مدرب أخرج من هذا الجيل قدراته ورسم له فلسفة". ويبدو بييلسا ، الذي يجوب أنحاء تشيلي بسيارة عادية يسافر فيها عادة مع جيرانه وأبنائه ، كما لو كان قد توقف حتى عن متابعة تدريبات الفريق ، لكن مسئولو الاتحاد يؤكدون أن "كل شيء يمضي كما هو". لكن الذهول الأكبر إزاء إمكانية رحيل المدرب، الذي أوجد عائدات غير مسبوقة للاتحاد بلغت قيمتها 80 مليون دولار ، يبقى لدى الجماهير التي نظمت مسيرات وحملات على شبكة الإنترنت كي يبقى. كما ارتدى الآلاف منهم ثياب الحداد وهم يحيونه ويودعونه فيما بدا كمباراته الأخيرة في البلاد عندما قاد الفريق نحو الفوز على أوروجواي وديا 2/ صفر في 17 نوفمبر الماضي. في ذلك اليوم، قام المشجعون الغاضبون لرحيله بإهدائه علما ضخما وظلوا يهتفون باسمه طيلة اللقاء ، كما رفعوا لافتات كتبوا عليها عبارات مثل "إننا 17 مليون حزين" و"شكرا أيها المعلم". وفي نهاية ذلك اليوم تحول هتافهم إلى "بييلسا لن يرحل". وربما كان لديهم الحق ، لأن المسئولين والرعاة بدأوا منذ ذلك اليوم مطالبتهم باستمرار الرجل الذي أعاد تشيلي إلى كأس العالم بعد 12 عاما من الغياب".