على مسافة قريبة من موقع مدافن «أبوالنور» بمنطقة الظاهرية يقع منزل عائلة سيد بلال؛ حيث تقطن والدته المسنة وأخوه التوءم إبراهيم، اكتسى المنزل بالسواد وساد الوجوم على قاطنيه منذ يومين حينما بلغهم نبأ وفاة ابنهم، 32 عاما، وهو المشهد الذى خيم أيضا على منزله الشخصى الذى يعيش فيه مع زوجته وولده الصغير بلال الذى لم يتجاوز العام ونصف العام بمنطقة كوبرى الناموس. «الشروق» زارت منزل عائلة سيد بعد ساعات من دفنه بعدما أقام العشرات الصلاة عليه بإمامة أحد كبار شيوخ السلفيين بالإسكندرية وأشرفت على الدفن قوة من مباحث أمن الدولة ومباحث قسم رمل ثان بمقابر أبوالنور. قال إبراهيم شقيق سيد والدموع تتسابق من عينيه، حاملا ابن أخيه بين يديه: إن «رحلة سيد من المنزل وحتى المقبرة، بدأت حين دق جرس الهاتف مساء الثلاثاء الماضى فى بيت سيد ليخبره أحد ضباط أمن الدولة يدعى ( ح.أ) أنه مطلوب للحضور إلى مقر الجهاز بالفراعنة وهو ما قرر سيد الاستجابة له كإجراء اعتيادى حدث معه مرارا عقب الإفراج عنه حين اعتقلته الشرطة لمدة عام ونصف العام منذ 2006 وحتى منتصف 2008 كمعتقل سياسى، لكن سيد فوجئ فجر الأربعاء 5 يناير بقوة من مباحث أمن الدولة تداهم منزله لتعتقله وتقلب منزله رأسا على عقب وتصادر جهاز الكومبيوتر الخاص به. ولم يمض سوى 24 ساعة حتى دق هاتف إبراهيم ليخبره أحد الأشخاص من الشرطة أن عليه الحضور فورا إلى مستوصف «زقليح الطبى» ليتسلم أخاه الذى قال له المتصل إن لديه هبوطا حادا بالدورة الدموية، على الفور اتجه إلى هناك ليجد أخاه جثة هامدة وعليها آثار حروق شديدة بمناطق متفرقة من جسده وبجوارها الضابط ( ح. ب) يطلب منه تسلُّم الجثة لدفنها مهددا إياه بدفنها فى مقابر الصدقة إن لم تسارع أسرته بدفنها بحسب شقيق المتوفى. وتابع إبراهيم: «قررت على الفور الذهاب لتقديم بلاغ إلى النائب العام حمل رقم 88 / 2011 لإثبات الواقعة وتقديم المتورطين فى مقتل أخى إلى المحاكمة» وهو ما أمر بالفعل المستشار ياسر الرفاعى المحامى العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية بالبدء فيه، «وتأكدت من وفاة أخى على يد مستجوبيه حينما شاهدت التشوهات التى لحقت بجسده وحينما ذهبت للمركز الطبى الذى يقع قريبا جدا من مقر مديرية الأمن القديمة مكان احتجاز أخى واستجوابه». الخوف من ترك جثمان سيد كان هو الدافع لإنهاء مراسم التغسيل والدفن السريع، وفى تكتم شديد، حيث انهيت جميع الإجراءات فى تمام الساعة العاشرة مساء، ليقوم الأمن بعدها بالضغط عليهم حسبما قال الشقيق بشدة للتكتم على الأمر وكأن شيئا لم يكن، حتى وصل الأمر إلى التهديد بالاعتقال إن لم نتنازل عن البلاغ على حد قوله. يؤكد إبراهيم ل «الشروق» أن أخاه تم استجوابه بسبب أحداث التفجير الذى وقع أمام كنيسة القديسين، لكنه يبدى دهشة لاختيار أخيه ضمن المستجوبين «سيد لم يخرج فى أى مظاهرة وليس له نشاط سياسى، فهو ينتمى للسلفية العلمية التى لا همَّ لها سوى تحصيل العلم الشرعى». مضيفا «أحتسبه عند الله شهيدا» و«سأسعى للحصول على حق أخى فقد كانت أخلاقه كويسة وعمره ما خرج فى مظاهرة وعنده ابن عايز يربيه».