ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أنه رغم مرور 8 سنوات على إصدار البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتقرير التنمية البشرية العربية فإن مستوى التعليم في العالم العربي تحسن بصورة طفيفة. كان تقرير البرنامج الإنمائي، الذي صدر عام 2002، قد ذكر أن الإنجاز التعليمي في العالم العربي بصورة عامة ما زال متواضعا، مقارنة بمناطق أخرى في العالم حتى في الدول النامية. وإثر ذلك التقرير، قامت الأردن بإطلاق حملة العام الماضي لإيقاف التدهور المستمر، تضمن تجديد المدارس ومراجعة السير الذاتية للمعلمين، وإلحاقهم بدورات تدريبية تحسِّن من مستوى التدريس، بالإضافة إلى السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في إنشاء المدارس، كما قامت قطر بتشجيع المدارس الخاصة بها على اتباع نهج ميثاق حركة المدارس الأمريكية. لكن وفقا للبرنامج الدولي لتقييم الطلاب، فإنه رغم مرور 8 سنوات على تقرير الأممالمتحدة والجهود الإصلاحية للدول العربية فإن التقدم في مجال إصلاح التعليم يعد طفيفا. يُشار إلى أن الاختبارات التي تجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كل 3 سنوات تعد معيارا معترفا به لمقارنة الإنجاز التعليمي للطلبة. فطبقا لنتائج اختبارات البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (بيزا)، والتي شاركت فيها 4 دول عربية، هم قطر والأردن وتونسودبي، فقد تمكن ما يقرب من ثلاثة أرباع الطلبة القطريين والتونسيين و65% من الطلبة الأردنيين من تحقيق مستوى واحد وأقل في الرياضيات، حيث فشل الطلبة في استخدام مبادئ الرياضيات، لتحسن معرفتهم ومهاراتهم في مجالات أخرى. أما نتائج الدول العربية في مجال القراءة والعلوم فقد كانت أفضل قليلا من نتائج الرياضيات، كما أظهرت المنطقة الفرق الشاسع بين الجنسين، حيث تفوقت الإناث بشكل كبير على الذكور. وذكرت منى مرشد، خبيرة التعليم بمؤسسة "ماكينزي" في البحرين، أنه ما زال هناك طريق يجب أن تسير فيه دول المنطقة لتكوين قوة بشرية قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي الذي تصبو تلك الدول إلى تحقيقه، مضيفة أن الوقت ما زال مبكر جدا للقول، إن الإصلاحات التي نفذتها قطر والأردن حققت نقلة في معايير التعليم، وأن مجموعة الأدلة التي أظهرتها "بيزا"، بالإضافة إلى الاختبارات الدولية الأخرى، لم تتطور بعد حتى يمكن تصنيف الإصلاحات، وأن الدول العربية ستخوض عدة اختبارات دولية حتى يمكن الوصول إلى نتيجة دقيقة. أما بالنسبة للدولة العربية الرابعة المشاركة في الاختبارات، وهي إمارة دبي، فقد حققت نتائج ملحوظة عن تونس وقطر والأردن، لكن الخبراء يرون أن ذلك قد يكون مجرد انعكاس لعملية تجميل الإمارة، حيث يتبع 37% فقط نظام التعليم الإماراتي، في حين يتبع 23% النظام البريطاني، بينما يتبع 14% النظام الأمريكي وفقا لبيانات الإمارة. وتقول ناتاشا ريدج، خبيرة تعليم بإحدى مدارس دبي الحكومية، بأن دبي يجب أن تهتم بمدى جودة أداء الطلاب الإماراتيين يجب تفصيل نتائج البيانات حتى يمكن التدقيق في ذلك الموضوع. وتتفق ناتاشا ومنى بأن أهم نتائج تلك الاختبارات هو أن الإنفاق على التعليم ليس أهم المحددات الرئيسية لتحسين التعليم، فلا يمكن شراء نظام تعليمي جيد ودرجات عالية، فالأمر يحتاج إلى وقت وجهد، وهذا هو الدرس الذي تعلمته الدول الخليجية من تلك الاختبارات الدولية.