أكد تقرير التنمية البشرية الدولي لعام 2010 أن مصر تحتل المرتبة 17 في قائمة 135 دولة حققت تقدمًا في الإنجازات الإنمائية طويلة الأجل، والمرتبة 101 في دليل التنمية البشرية لهذا العام، وهذا التغيير جاء بناء على الترتيب بين عامي 2005 إلى عام 2010. وذكر التقرير أن خمس بلدان عربية بين البلدان الأولى في الإنجازات الإنمائية طويلة الأجل، وهي مصر سلطنة عمان والسعودية وتونس والجزائر، مضيفًا أن معظم البلدان النامية في العقود القليلة الماضية حققت تقدمًا كبيرًا، لم يقدر بقيمته الحقيقية في كثير من الأحيان في الصحة والتعليم والمستوى المعيشي، وأن البلدان الفقيرة سجلت أسرع مكاسب. جاء ذلك في تقرير للتنمية البشرية لعام 2010 تحت عنوان "الثروة الحقيقية للأمم: مسارات إلى التنمية المستدامة"، الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في عدد خاص بمناسبة مرور 20 عاما على إصدار تقارير التنمية البشرية. ويتضمن هذا التقرير تحليلا للمكاسب المحققة على مدى أربعين عامًا في الصحة والتعليم والدخل بمقياس دليل التنمية البشرية، ويشمل هذا التحليل 135 بلدًا توفرت عنها بيانات وافية ودقيقة وقابلة للمقارنة، وهذه البلدان تضم أكثر من 90% من سكان العالم. وقال: إن سلطنة عمان تحتل المرتبة الأولى ضمن المجموعة المؤلفة من 135 بلدًا، إذ استثمرت عائدات الطاقة على مدى العقود الأربعة الماضية في تحسين التعليم والصحة العامة، تليها السعودية في المرتبة الخامسة، وتونس في المرتبة السابعة، والجزائر في المرتبة التاسعة، والمغرب في المرتبة العاشرة. وأوضح أن معدل الالتحاق بالمدارس في البلدان العربية تضاعف خلال العقود الأربعة الماضية، إذ ارتفع من 34% في عام 1970 إلى 64% اليوم، ويقدر متوسط سنوات الدراسة للسكان الذين هم اليوم في فئة الكبار بحوالى 5.7 سنوات، أي أقل من المتوسط العالمي البالغ 7.4 سنوات، ولكنه أعلى من متوسط منطقة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى 4.5 سنوات، ومنطقة جنوب آسيا، حيث يبلغ 4.6 سنوات. وأفاد التقرير أن لبنان وجيبوتي هما البلدان العربيان الوحيدان اللذان سجلا أداء أقل من المستوى المتوقع لهما، ففي حالة لبنان، كان هذا التعثر في الأداء نتيجة لحرب طويلة ولحالة من عدم الاستقرار السياسي، وهذا الوضع هو من العوامل الرئيسية التي أعاقت التنمية البشرية في أنحاء مختلفة من المنطقة، من العراق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى السودان والصومال واليمن. ويعتمد تقرير التنمية البشرية لعام 2010 على ثلاثة أدلة جديدة، وهي قياس "عدم المساواة"، وقياس "الفوارق بين الجنسين"، وقياس "الفقر المتعدد الأبعاد"، فضلا عن إدخال تحسينات تقنية على دليل التنمية البشرية. وذكر التقرير الفوارق الكبيرة التي يشهدها الوضع الإنمائي في المنطقة، حيث حلت الإمارات في المرتبة الأولى بين البلدان العربية حسب ترتيب دليل التنمية البشرية، وفي المرتبة 32 على الصعيد العالمي، أي في فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة جدًا، بينما حل السودان في فئة التنمية البشرية المنخفضة، أي في المرتبة 154، من أصل 169 بلدًا شملها دليل التنمية البشرية. وقال التقرير إنه لا تصح مقارنة دليل التنمية البشرية لهذا العام بدليل التنمية البشرية في أعداد سابقة، نظرًا إلى اختلاف المؤشرات والطرق المعتمدة في حساب هذا الدليل، ولا يشمل ترتيب دليل التنمية البشرية لهذا العام العراق ولبنان وعمان والصومال والأراضي الفلسطينية المحتلة، نظرًا إلى النقص في البيانات الدقيقة والوافية والقابلة للمقارنة في بعد واحد أو أكثر من الأبعاد الثلاثة التي يتكون منها دليل التنمية البشرية. ويقيس التقرير هذا العام أثر عدم المساواة على التنمية البشرية، ولا سيما الفوارق في الصحة والتعليم والدخل. وقد خسر دليل التنمية البشرية في البلدان العربية 28% من قيمته بسبب عدم المساواة في الأبعاد الثلاثة، وهي الصحة والتعليم والدخل، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية تسجل أكبر الخسائر في بعد التعليم، حيث تبلغ 43%، مقابل متوسط يبلغ 28% لمجموعة من 139 بلدًا طبق عليها دليل التنمية البشرية معدلا بعامل عدم المساواة. وأفاد التقرير بأن دليل الفوارق بين الجنسين يرصد التفاوت بين المرأة والرجل في الصحة الإنجابية والتمكين والمشاركة في القوى العاملة في 138 دولة، موضحًا أن متوسط حجم الخسائر في البلدان العربية بسبب الفوارق بين الجنسين بلغ 70% في مقابل متوسط عالمي للخسائر الناتجة من الفوارق بين الجنسين قدره 56%. وأوضح أن نسبة النساء اللاتي أنهين مرحلة التعليم الثانوي في المنطقة العربية لم تتجاوز 32% من مجموع النساء في الفئة العمرية 25 سنة، وما فوق مقابل 45% من الرجال في الفئة العمرية ذاتها، غير أن الوضع مختلف في التعليم الجامعي، حيث يبلغ معدل الالتحاق 132 إمرأة مقابل كل 100 رجل. وقال تقرير التنمية البشرية لعام 2010 إن اليمن يسجل أكبر خسارة في قيمة دليل التنمية البشرية بسبب الفوارق بين الجنسين، حيث تراجعت قيمة هذا الدليل بنسبة 85%، بينما قطر تشهد أعلى مستوى من الفوارق بين الجنسين في فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة. وأشار إلى تحسن مستوى تمثيل المرأة في البرلمانات العربية، إذ ارتفع من 18% في عام 1980 إلى 27% في عام 2008، ولا تزال البلدان العربية تشهد قيودًا على حق المرأة في التصويت. وأضاف أن المنطقة شهدت إصلاحات في مجالات سياسية أخرى، كتحسن التمثيل في المجالس الوطنية في الإمارات وعمان وقطر، وتعدد المرشحين للانتخابات في مصر، ولكن يبقى الكثير من العمل على صعيد حماية الحريات المدنية وتعزيز الحكم الديمقراطي. وأوضح التقرير أن دليل الفقر المتعدد الأبعاد الذي يقيس أوجه الحرمان الشديد في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة يظهر أن 39 مليون شخص في المنطقة العربية يعيشون في حالة فقر متعدد الأبعاد. وأضاف أن هذا العدد هو أعلى بكثير من عدد الفقراء بمقياس العيش على 1.25 دولار في اليوم، مؤكدًا أن النسبة التي يشكلها الفقراء من مجموع السكان تبقى أقل مما هي عليه في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، وفي جنوب آسيا. وأفاد أن نسبة حالات الفقر المتعدد الأبعاد تتراوح بين حد أدنى قدره 7% في الإمارات وتونس، وحد أعلى قدره 81% في الصومال، مع الوضع في الاعتبار بأن جزر القمر وموريتانيا يعتبران ضمن مجموعة الصحراء الأفريقية الكبرى مع أنهما من أعضاء جامعة الدول العربية.