● حاول رئيس السلطة الفلسطينية أبومازن من خلال تصريحاته الرافضة وجود جنود إسرائيليين ضمن القوات الدولية التى ستنتشر على حدود الدولة الفلسطينية، أن يزيل الانطباع الذى تركه كلامه السابق، والذى رفض فيه وجود جنود يهود فى هذه القوة، ومثل هذا الكلام يدل على عنصرية أبومازن. ● بيد أن الأكثر أهمية فى كلام أبومازن، هو حديثه عن القوات الدولية كما لو أنها باتت أمرا مفروغا منه، وأنه لم يبق إلا البحث فى تركيبتها. من هنا ضرورة مناقشة مقولة القوة الدولية من أجل تفنيدها، لأنها تتعارض مع أحد أهم المبادئ الأساسية للعقيدة العسكرية التى وضعها بن جوريون، والتى تطالب بأن يكون الجيش الإسرائيلى هو الجيش الوحيد الذى يدافع عن دولة إسرائيل، فالجنود الأجانب لن يسفكوا دماءهم دفاعا عنها. ● ففى جميع الحالات التى جرى الاعتماد على القوات الدولية، فشلت هذه القوات فشلا ذريعا فى القيام بمهمتها، وكان ضررها أكبر من فائدتها. فعلى سبيل المثال لم تنجح قوة المراقبين الدوليين الذين أوكلت إليهم مهمة مراقبة تطبيق اتفاقات الهدنة بعد حرب الاستقلال (حرب 1948)، فى منع الهجمات السورية على المستوطنات فى الشمال، بل إنها أعاقت الرد الإسرائيلى عليها. ● وهذا ما جرى أيضا مع قوة المراقبين التى دخلت سيناء وقطاع غزة فى أعقاب الانسحاب الإسرائيلى فى سنة 1957، فهذه القوة غادرت سيناء قرب حرب الأيام الستة بطلب من الرئيس المصرى عبدالناصر. وطوال 30 عاما كان دور قوات الطوارئ، باليونيفيل فى لبنان، فى مواجهة الإرهاب ضئيلا للغاية. وقد اضطرت القوات الأمريكية والفرنسية التى انتشرت فى بيروت فى سنة 1982، إلى الانسحاب من هناك بعد الهجمات الكبيرة التى تعرضت لها من جانب حزب الله، وهذا ما حدث أيضا فى أماكن أخري فى العالم. ● وفى المقابل، فإن القوة الدولية على الحدود التى لم تفشل فى مهامها هى قوة المراقبين فى سيناء المنتشرة على الحدود مع مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما، لكن هذه القوة لم تختبر قط، لأن مصر تتقيد بدقة بالبنود الأمنية الواردة فى اتفاق السلام مع إسرائيل. ●وفى حال انسحبت إسرائيل من يهودا والسامرة، فثمة احتمال كبير فى أن يتصرف الفلسطينيون كما تصرفوا بعد الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة: أى عودة القصف الصاروخى على المدن الإسرائيلية. أمام هذه السوابق التاريخية كلها، فإن احتمال أن تمنع القوة الدولية حدوث ذلك هو أمر ضعيف جدا. وسيبقى السبيل الوحيد لمواجهة هذا الخطر هو العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلى، من هنا، فإن وجود قوات دولية سيعرقل مثل هذه العمليات، وسيعوق ممارستنا حقنا فى الدفاع عن سيادة إسرائيل. ●هل معنى ذلك أنه من الأفضل عدم وجود قوات دولية، وأن يكون فى مواجهتنا قوات فلسطينية فقط؟ إن وجود القوات الدولية مضر أكثر من عدم وجودها، لكن على إسرائيل ألا تضطر إلى الاختيار بين هذين الأمرين. وينبغى لها التمسك بحقها فى الحصول على حدود قابلة للدفاع. وأن تبقى تحت سيطرتها وادى الأردن، وطريق القدس الالتفافى، والكتل الاستيطانية الموجودة على طول الخط الأخضر. كما يجب أن يكون الجيش الإسرائيلى هو الجيش الوحيد الموجود فى هذه المناطق.