على الرغم من أنه لم يذكر اسمها، فإن وصف الشاعر والناقد اللبنانى عبده وازن لإحدى الروايات، التى وصلت للقائمة الطويلة للبوكر العربية ب«الركاكة»، أثار قدرا من الاستغراب، لاسيما أن المقال الذى نشرته جريدة «الحياة» اللندنية تحت عنوان « الرواية ومرض الركاكة»، جاء معبأ بالهجوم ليس فقط على مستوى الرواية، التى لم يذكر اسمها واكتفى بالتلميح بقوله «لكن هذه الرواية التى تعتريها الركاكة والضعف أو الهزال فى الأسلوب، ستظل رواية ناقصة حتى وإن أقبل القراء عليها وحصدت مديحا وإطراء فى الصحافة الأدبية»، بل امتد هذا الهجوم ليشمل ما وصفها بالرواية الجديدة، وقال: «هذه الركاكة تكاد تصبح موضة فى الرواية العربية الجديدة والشابة». الكاتب الشاب محمد صلاح العزب الذى استقبلت روايته الأحدث «سيدى برانى» باحتفاء كبير اعتبر أن اتهام الرواية الجديدة بالركاكة اللغوية «غير حقيقى»، وعدد العزب أسماء عدد كبير من زملاء جيله، الذين يولون اهتماما ملحوظا بالاستخدام اللغوى منهم طارق إمام والطاهر الشرقاوى على سبيل المثال لا الحصر، ولفت «ربما تكون نوعية هذه الكتابة الركيكة من إصدارات دور نشر «بير السلم» غير المعروفة»، واعتبر أن استخدام العامية أو حتى مفردات من اللغة الإنجليزية لا يمثل مشكلة فى الكتابة الروائية طالما أنها فى إطار السياق، واعتبر أيضا أن أخطاء اللغة المرتبطة بالنحو أو الإملاء «أخطاء بشرية عادية»، ويتم احتواؤها من خلال التصحيح اللغوى قبل النشر. الناقد الأدبى سيد البحرواى قرأ مسألة «الركاكة» تلك بشكل أوسع معلقا «المشكلات اللغوية بشكل عام ناتجة عن سوء تعليم اللغة فى كل الدول العربية تقريبا»، وفرَق بين الأخطاء اللغوية فى الرواية والركاكة التى تؤثر على جمال النص، واعتبر أن النص قد يكون جميلا حتى لو كان بالعامية، وأن هناك نصوصا ركيكة حتى لو كانت سليمة نحويا، خاصة أنه لا يسلم أحد من الأخطاء النحوية بمن فيهم أساتذة الجامعات. استخدام العامية الذى تحدث عنه البحراوى توقف عنده عبده وازن فى المقال نفسه. «تسأل أحد الروائيين الشباب عن عدم اعتنائه باللغة فيقول لك متبرما إنه اختار لغة الحياة لا لغة المعاجم والقواميس. قد يكون على حق. لغة الحياة هى الأَوْلى بالاعتناء، لكن ما لا يستوعبه، هو أن لغة الحياة هذه لا ينبغى لها أن تفقد عصبها الذى هو عصب الحياة نفسها. وقد لا يخفى بعض الروائيين رغبتهم فى الكتابة بالعامية وهم يكادون يكتبون بها مرتكبين أخطاء شنيعة فى الإملاء والصرف والنحو. وليت هؤلاء يحسمون أمرهم فيختارون العامية لغة تعبير لهم. لعلهم يرتاحون ويريحون القارئ فلا يقرأ ويده على قلبه، كما يقال، خوفا وتحسبا للأخطاء التى تعكر عليه صفو القراءة»، من جانبه جاء تعليق صاحب «رائحة البرتقال» الروائى محمود الوردانى متحيزا لصالح الكتابة الجديدة «أنا مع استخدام الكتاب الجدد للغة التى يختارونها، فاللغة تكلست وأصبحت عبئا على الكتابة»، واستطرد صاحب المقال «لا أعتقد أن نجيب محفوظ ومارسيل بروست وإرنست همنجواى ودوستويفسكى اختاروا لغة غير لغة الحياة، لكن إدراكهم للحياة ولغتها لم يسمح لهم فى السقوط فى إشراك الركاكة والأخطاء». ولفت الوردانى إلى أن اطلاعه على الرواية الحديثة لم يجد بها ركاكة بقدر ما وجد بها اهتماما باللغة وإن كان ذلك بشكل يختلف عن طريقة الجيل الأقدم «ليس من المفترض أن نُسيد أذواقنا على الكُتاب الجدد، الذين من حقهم التجريب والخروج على اللغة»، واعتبر أن الأهم هو الالتزام بسلامة النحو حتى لا يختل المعنى والفهم.