«حرس الجامعة قتل ابنى، وقلب موازين العدالة وضرب بالأمن والأمان داخل أسوار الجامعة عرض الحائط»..بهذه الكلمات تحدثت والدة قتيل كلية دار العلوم فى جامعة القاهرة بصوت عالٍ هز منطقه بولاق الدكرور. نار الغضب تلتهب داخلها كلما تذكرت فلذة كبدها محمود أصغر أبنائها الثلاثة، فهى موظفة بإحدى الجهات الحكومية تحملت شقاء العمل من أجل تربية أبنائها.. مرض زوجها المزمن، وأصبح قعيد الفراش. وكانت بداية الجريمة عندما تلقى محمود اتصالا تليفونيا من أحد أصدقائه فى الساعة الثالثة والنصف مساء يطلب منه أن يتوجه إلى الجامعة للمشاركة فى مباراة لكرة القدم كما تعود على ذلك، وطلبت منه والدته أن يترك زملاءه ويجلس فى البيت لرعاية والده..وافق، وألقى بحقيبته على الأرض، ولكنه تلقى اتصالا هاتفيا جديدا يؤكد عليه ضرورة الحضور، وكأنه على موعد مع الموت.اضطر محمود إلى الذهاب إلى الكلية..حمل معه حقيبة ملابسه الرياضية، ووصل فى الرابعة والنصف، وفور دخوله الملعب فوجئ بمشاجرة بين الطلاب..حاول أن يعرف شيئا عن أسباب المشكلة، وفى لحظات كان زميله فى الجامعة قد ضربه بخشبة فوق رأسه عدة ضربات..سقط على الأرض فاقدا للوعى تماما دون أن تنزل منه قطرة دماء واحدة..حاول زملاؤه البحث عن طبيب داخل الجامعة دون جدوى. اضطر الجميع إلى نقله بسرعة فى تاكسى إلى مستشفى قصر العينى، هرول الجميع خلفه، دخل غرفة العناية المركزة، وفى اليوم السادس لفظ أنفاسه الأخيرة. تحرر بلاغ تلقاه المقدم وجدى عبدالنعيم رئيس مباحث قسم الجيزة بسقوط محمود يحيى 19سنة على درجات السلم، وتم نقله إلى المستشفى فى حالة خطرة. تم إخطار اللواء على السبكى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة بالواقعة فأمر بإعداد تحريات حول الواقعة..انتقل لمكان الحادث اللواء كمال الدالى مدير المباحث الجنائية، ووجد الطلبة والطالبات يبكون زميلهم بالفرقة الثانية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة..طلب أكثر من ثلاثين طالبا وطالبة الكشف عن لغز مقتل الطالب. أنكر الجميع وجودهم أثناء المباراة.. بدأت المعلومات تؤكد أن محمود تم قتله فى مشاجرة، ولم يسقط من فوق السلم كما قال بعض زملائه، وأن الطالب أشرف وراء الجريمة بعدما اكتشف ضباط المباحث قيام أشرف وزملائه بتحرير محضر بقسم شرطة الجيزة إثبات حالة أنهم تعرضوا للضرب على زميلهم محمود «القتيل» فى الجامعة، وأصيبوا بإصابات خفيفة.تم تحديد 13 طالبا وطالبة من شهود الرؤية للواقعة. كما بدأ الطلاب فى تأكيد التحريات بعدما ذهبت إليهم والدته تبكى من إهدار دم زميلهم فى لحظات..استشعر زملاؤه بالخطر، وأنه لابد أن تعرف المباحث من القاتل، فقد مر على احتفاظ المستشفى بالجثة أكثر من 3 أيام لم يتحدد بعد القاتل الحقيقى. تقدم معتز شقيق القتيل ببلاغ إلى اللواء محسن حفظى مدير أمن الجيزة يفيد اتهام الطالب أشرف بالجريمة وهروبه من موقع الحادث فى لحظات. دلت تحريات المقدم أسامة عبدالفتاح صحة الاتهام. توصلت المعلومات إلى وجود ثلاثة شهود وهم الطلاب: محمد أحمد عبدالله، وحسام حسن عبدربه، وحسام فتحى، وقرروا جميعا أنهم أثناء لعب الكرة، قام أشرف وأصدقاؤه بمعاكسة زميلاته طالبات كلية الآداب، وعندما حاولوا معاتبتهم على ذلك نشبت مشاجرة بينهم دون أن يكون للقتيل أى دور فيها، وتم التشابك بالأيدى بينهم وهرب الجميع من أمامهم وفوجئ زملاؤه بقيام الطالب أشرف بجذب جزع شجرة، وقام بالاعتداء بها على رأس القتيل عده مرات، وفر هاربا. بدأت خيوط تتفتح أمام اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، تم تقنين الإجراءات القانونية، وفى كمين أعده الرائد إيهاب الدسوقى معاون مباحث قسم الجيزة تمكن من القبض على المتهم داخل شقة بفيصل يقطن بها هو وبعض الطلبة، حيث إنه من مواليد محافظة المنوفية وجاء إلى القاهرة لالتحاقه بكلية الآداب جامعة القاهرة، وبمواجهته بالجريمة أنكر الواقعة ،وقرر بأنه كان يلعب الكرة، ولم ير المجنى عليه من قبل. التقينا بالمتهم فقال إنه كان يلعب الكرة، ووقعت مشادة بين زملائه، وتطورت إلى مشاجرة بسبب معاكسة البنات وأصيب فى المشاجرة، وحرر محضرا ضد القتيل وبعض أصدقائه فى الرابعة والنصف مساء وقت الجريمة، وأثبت فى المحضر الإصابات الخاصة به، وخرج من قسم الشرطة دون أن يضبطه أحد، وأن شهود الواقعة هم زملاؤه، وصرخ المتهم أن المشاجرة انتهت دون أن يضرب أحدا، وأنه مصاب بجروح فى يده، ومازالت آثارها، وهذا مثبت فى محضر رسمى. أما الشهود فقد أكدوا جميعا فى التحقيقات أن المتهم أشرف قام بضرب زميلهم بالخشبة فوق رأسه بدون مقدمات وفر هاربا، ووصف الشهود الواقعة تفصيليا أمام مدير النيابة. أما حرس الجامعة فقد كان خارج نطاق الخدمة بسبب أن الواقعة حدثت بعد الرابعة وقرر أفراد الحرس أنهم لم يروا شيئا، ولم يعلموا عن الجريمة أى شىء. أما أم القتيل التى اكتوت بنار فراق ابنها، فقالت والدموع تتساقط على خديها : حرس الجامعة أعطى ظهره للحقيقة المرة دون أن يتم محاسبة مسئولى الأمن وقت الجريمة على ترك الطلاب يتشاجرون ويقتلون بعضهم البعض دون أن يمنعوا الجريمة، وما الفائدة من وجودهم إذن؟ وقرر قاضى المعارضات بمحكمة جنح الجيزة تجديد حبس المتهم أشرف سيد 45 يوما لاتهامه بقتل زميله الطالب محمود محيى يحيى.