بعد سقوط نظام صدام، وفي شمال العراق، نرى الطفل أحمد الذي يبلغ من العمر 12 عاما يسير مع جدته في الصحراء بحثا عن والده المفقود في حرب الخليج، فهل سيجده؟ هذا ما تجيب عنه أحداث فيلم "ابن بابل" الذي أقيمت ندوه لمخرجه محمد الدراجي عقب عرضه، أدارتها الناقدة منى العايدي وحضرها عدد من السينمائيين العرب. تحدث المخرج محمد الدراجي عن نفسه قائلاً: لقد تخرجت من كلية الفنون الجميله في العراق، ثم درست التصوير السينمائي في هولندا، وحصلت على ماجيستير التصوير والإخراج السينمائي من هناك لأعود للعراق وأخرج أول أفلامي "أحلام"، والذي عرض في مهرجان القاهرة منذ خمس سنوات، وأنجزت عشرة أفلام قصيرة ووثائقية في هولندا وبريطانيا، ويعد فيلم ابن بابل ثاني فيلم روائي طويل لي. وحول تمويل الفيلم قال: صحيح هناك فنانون وطاقات فنيه عديدة لكن لا يوجد دعم حقيقي من الحكومة للسينما والثقافة بشكل عام، وقد راودتني فكرة الفيلم عام 2003 عندما كنت أسير في شارع الرشيد ببغداد، وشاهدت المقابر الجماعية وآثار الحرب والدمار، وكنت أرى عمتي التي فقدت ابنها في الحرب الإيرانية تبكي بحرقة عليه وتجمع النسوة ليبيكن معها، وتدور أحداث الفيلم حول "أم إبراهيم" التي سجن ابنها في "الناصره" بعد غزو العراق للكويت، فتبدء في رحلة بحث عنه مع حفيدها وتشاهد من خلال الفيلم معاناتها مع الحرب، وقد استعنت بممثلين غير محترفين دربتهم لمدة أربعة أشهر أثناء التحضير للفيلم الذي استغرق عامين، واتبعت أسلوب اللعب والرسم مع الطفل الذي جسد شخصية أحمد في الفيلم حتى أخرجت منه ذلك الفنان الذي رأيتموه على الشاشة. وأنجزت الفيلم بمشاركة عدة دول هي مصر والإمارات وهولندا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة للعراق، وقد شارك الفيلم في أربعون مهرجانا عالميا حصد منها 16 جائزة، وفي وقت صناعة الفيلم طلب مكتب رئيس الوزراء العراقي أن يساهم بنسبة 15% من تكلفة الفيلم مقابل طرح وجهة نظر معينه ولكني رفضت. وردا على سؤال حول تركيزه على الأكراد من خلال الفيلم قال: هذا لم يحدث، فأنا لم أركز على الأكراد، وإنما قصدت توحيد كل فئات المجتمع العراقي، وتناولت المجازر التي تعرض لها الأكراد من خلال قصة الجدة وحفيدها ورحلة البحث عن الابن الضائع. وحول اختيار ابن بابل عنوانا للفيلم على الرغم من أن الطفل ينتمي لأقليم كردستان قال: قل العراقيين أولاد بابل بلا استثناء، وقد شاهدنا كيف وعدت الجدة حفيدها بانها ستجعله يزور حدائق بابل التي تعتبر بالنسبة إليه مثل الجنه التي يحلم بزيارتها، وعن ادانته للنظام العراقي السابق وحزب البعث وترديد البعض أنه يجامل الأمريكيون قال: لقد ذكرت وقائع حقيقفيه حدثت في العراق أثناء فترة حكم حزب البعث والمقابر الجماعية التي حدثت بعد ثلاثة أسابيع من الاحتلال الأمريكي للعراق فالنظام الحاكم وقتها هو الذي أوصل العراق لما وصلت اليه، أما بالنسبة إلى الأمريكان فيكفي أن السائق الذي ظهر بأول الفيلم سبهم قائلاً يا ولاد ال...........، وأؤكد أنه لم تكن هناك مجاملة لأحد، بالعكس، فالفيلم يحمل رسائل كثيرة للأمريكيين. وعن استخدامه لآلة الناي والأغنية الحزينه في الفيلم، قال لقد كانت آلة الناي هي وسيلة التواصل بين الأبن وأبيه الذي كان يعزف على الناي وبعد وفاة الجده لا يجد الطفل سوى الناي صديقاً له، أما الأغنية فقد استمعت اليها بالصدفة، وكانت ترددها امرأة فقدت ذويها تنتمي لمنظمة ترعى النساء اللائي فقدن أهلهن وقمت بتسجيلها بجهاز التسجيل الخاص بي ووجدت فيما بعد أنها مناسبة جدا للأحداث.