لو أن أشد كارهى جماعة الإخوان المسلمين والنواب المستقلين المشاغبين هو الذى أشرف على إجراء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب أمس الأول الأحد ما خرجت بالنتائج المبدئية التى خرجت بها. عندما يفوز كل الوزراء فى دوائرهم فقد يمكن المحاججة بأن خدماتهم هى العامل الحاسم، لكن أن يفوزوا باكتساح ومن المرحلة الأولى فالمسألة فيها نظر. أما أن يسقط أو يتم «إسقاط» كل من تجرأ ورفع صوته عاليا فى المجلس الماضى فالمسألة تستحق النظر. هل هى صدفة أن النواب الذين فازوا بجدارة فى الدورة الماضية وكان أداؤهم البرلمانى مشهودا له بالكفاءة حتى لو اختلفت معهم يفشلون من الدورة الأولى؟ أليست صدفة ألا ينجح محمد شردى مرشح الوفد فى بورسعيد، وجمال زهران المرشح المستقل فى شبرا الخيمة، ومصطفى بكرى المرشح المستقل فى حلوان، وسعد عبود المرشح الناصرى فى بنى سويف، وحمدى حسن وصبحى صالح وحسين إبراهيم ومعظم مرشحى الإخوان. لست إخوانيا، لكن أليس غريبا أن مرشحى جماعة سياسية ما يفوزون بحوالى 88 مقعدا فى انتخابات 2005 ثم يفشلون فى الحصول ولو على مقعد بعدها بخمس سنوات؟ هل تغير الشعب المصرى بين عشية وضحاها ليصبح علمانيا كارها لأى أفكار دينية؟ الألغاز فى انتخابات الأحد الماضى أكثر مما يعد ويحصى لكن الصدفة الغريبة أن كل من لم ينم فى جلسات البرلمان الماضى وحرص على أن يكون مستيقظا رسب أو تم إسقاطه. أليس غريبا أن كل من دخل فى مشادة كلامية مع أحمد عز أو أى من قادة الحزب الوطنى الكبار لم يحالفه التوفيق؟ إذا صدقت النتائج المبدئية التى تم الإعلان عنها فالمعنى الوحيد هو أن البرلمان المقبل سيكون خاليا تماما من الكوليسترول. لن نجد شخصا يقدم استجوابا عن شركات حديد عز فى البرلمان المقبل، لن نجد نائبا يتحدث عن التوريث، لن نجد من يتحدث عن قضية مثل نواب العلاج على نفقة الدولة. لن يتحدث أحد عن «مظهرية» مشروع القرى الأكثر فقرا. الخشية أن نكون قد خسرنا النواب المعارضين الذين تجرأوا على الكلام وكسبنا نوابا ينتمون بالاسم إلى المعارضة لكن قلوبهم مع الحكومة والحزب الحاكم. حتى هذه اللحظة صدقت كل التوقعات بتطهير المجلس من نواب الإخوان والمستقلين المشاغبين، لكن الجزء الثانى من التوقعات بدخول أحزاب المعارضة على نطاق واسع، لم يتحقق حتى الآن، وبالتالى علينا الانتظار حتى مرحلة الإعادة الأحد المقبل. يبدو أن لدينا الآن برلمانا من دون دسم، ومن دون كوليسترول.. وقد تقنعنا الحكومة بأن الكوليسترول مضر بصحة الشعب!.