أكد المخرج التونسى ناصر خمير معاناته من الحصول على تمويل لأفلامه وتوقع أن هذا الحال سيستمر حتى رحيله، مشيرا إلى أن البعض يتعامل مع السينما كصناعة وتجارة، والآخر يتعامل معها كفن، لكنها فى رأيى لغة تعطى صورة مهمة عن كل حضارة ومجتمع، وبما أن مجتمعاتنا غير مهتمة بصورتها، فلا يمكن أن تجد تمويلا لمثل نوعية الأفلام التى أقدمها. وتابع: حتى التمويل الخارجى لا تهمه أفلامى لأنها تتحدث عن العرب، فكل أفلامى سواء «بابا عزيز» أو «طوق الحمامة المفقود» أو «الهائمون» تبحث فى الحضارة، لذلك تجد كل عربى يشعر أنها تتحدث عنه ولا يمكن أن تصنفها تونسية أو مغربية أو مصرية، وإنما عربية. ويكفينى أن يحب الناس أفلامى حتى اذا كانت بلغة فارسية، والسبب أنها تنطلق من الإحساس مطعماً بالفكر، وأظن أن الإحساس بجماليات حضارتنا العربية والإسلامية شىء نادر جدا، وهذه هى أزمتنا الكبرى. فتجد كثيرا من الشباب لا يشعر بهذا الإحساس، رغم أن من يعرف ويشعر بحضارته تكون له كل العزة، فنحن فى حاجة لتذكر حضارتنا خاصة فى ظل الإهانات التى نتعرض لها ونقاسى منها فى كل مكان، واذا تحقق ذلك من خلال صورة فى فيلم فهذا فى رأيى لا يقدر بمال. وأوضح خمير الذى يكرمه مهرجان دمشق السينمائى أن الافلام التى يكتبها ليست فقط هى التى قدمها عن الحضارات، وإنما هناك أعمال أخرى عن الحاضر، ولكنها لم تخرج للنور، وأن ما تم تنفيذه من 30 سيناريو كتبها 3 أعمال فقط. وتابع: لكنى لا أتوقف عن الكتابة والعمل، وأنا أشبه ما يحدث معى، بما تعرض له قبلى المخرج والاستاذ الكبير شادى عبدالسلام، الذى لم يقدم فى مسيرته سوى فيلم واحد «المومياء»، رغم أن مصر فى حاجة ملحة لمشروع فيلم «إخناتون» الذى لم يكتمل نتيجة عدم وجود تمويل. وأهمية هذا الفيلم نابعة من أنه أراد صناعة فيلم حضارى يدافع فيه عن التوحيد، وأن فكرة الإله الواحد خرجت من مصر، ورغم أن تحضيرات هذا الفيلم استمرت 18 عاما، لكن شادى توفى قبل إنجازه، وهذه خساره كبيرة. وهذا يدفعنى لطرح سؤال لصناعة السينما المصرية هو: كم بدد من مال فيما لا يعنى، حتى لا تساعدون هذا المشروع للخروج للنور ومصر فى أمس الحاجه اليه؟. وعما اذا كان يرغب فى استكمال المشروع بعد وفاة شادى عبدالسلام خاصة مع ظهور محاولات لانجازه الفترة الاخيرة قال: لا أحد فى مصر يستطيع تنفيذ هذا المشروع، حتى أنا لا أصلح لتنفيذه، لأن هناك فرقا كبيرا بينى وبين الاستاذ، فهو كانت مرجعيته وخلفيته وجمالياته فرعونية، أما أنا فليس لى علاقة بالفراعنة ومرجعيتى وثقافتى إسلامية عربية، الشىء الوحيد الذى يجمعنا أنه كان مهتم بالتدقيق فى كل شىء. وأكد خمير على أن شادى عبدالسلام لم يقدره المصريون حتى بعد وفاته، وأنه لا أحد حزين لافتقاد هذه القيمة الكبيرة، والدليل واضح أن من رمم المومياء هى أمريكا وليس مصر. وعن أسباب عدم تعاونه مع نجوم الممثلين قال منفعلا: ليس هناك نجوم ولا شباك، وما يحدث لا يخرج عن كونه سوقا داخلية للسمسرة، بين سوريا ومصر وتونس، فليس هناك نجم فى السينما. وبالنسبة لمصر فمن هو الممثل الخارق للعادة، أو السيناريو العظيم، اعتقد أن السينما المصرية انهارت بعد رحيل صلاح أبوسيف وجيل العمالقة، ومن يطلق عليهم نجوم الآن هم حتى لا يعرفون كيف يرتدون ملابسهم. ولكن يجب توضيح أن النجوم الموجودين حاليا هى نجوم فقط للمسلسلات وليس للسينما، ومقتنع بأن العرب ليسوا فى حاجة للسينما، لأن علاقتهم بالصورة تنحصر فى مشاهدة مسلسلات رمضان. فإذا بحثت عن النجم الحقيقى ستجده فى المسلسلات أما السينما فليس بها نجوم، لأن جميعهم رحمة الله عليهم. ويستطرد: وإن كنت أرى أن الأمل لا يزال موجودا لتصحيح هذا الوضع لأن يوجد شباب سينمائى فاهم، ولكن البعض فى مصر لا يساعدوهم على الظهور حتى كأنصاف نجوم. وقال إنه اقترب من الانتهاء من فيلمه الجديد الوثائقى «البحث عن الشيخ محيى الدين» بتمويل من وزارة الثقافة التونسية مع المؤسسة العامة للسينما فى سوريا، بالإضافة إلى بعض الإعانات من الخارج.