صار مستقبل مصر السياسى موضوعا ساخنا فى واشنطن، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية. بعض واضعى السياسة يزعمون أن مصر راكدة، وأن الحكومة تقاوم التغيير. لكننا نحن العاملين فى الحكومة نؤمن بأن أكثر ما يهم المصريين العاديين هو مستوى معيشتهم، وفى هذا الصدد، تتجه البلاد إلى تحولات مذهلة. خلقت 4 ملايين وظيفة جديدة، خلال السنوات الخمس منذ أطلقنا برنامجنا للإصلاح الاقتصادى. كما ارتفع مركز مصر فى مقياس التنمية البشرية، وهو مؤشر للأمم المتحدة يستند لأوضاع الصحة والتعليم والدخل، لتصير واحدة من أسرع البلدان نموا فى هذا المجال، وبضعف النمو العالمى. كما نما اقتصادنا منذ العام 2005 وحتى 2008، بنسبة 7.2%، على الرغم من الركود العالمى، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة النمو لهذا العام 6%. واعتبر البنك الدولى أن مصر لديها أسرع إصلاحات اقتصادية فى الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث الماضية. ساعد النمو الاقتصادى على جعل المجتمع المصرى الأكثر دينامية (حركية) فى الشرق الأوسط. حيث تصل الإذاعات الخاصة إلى 70% من السكان. كما أن هناك أكثر من 500 مطبوعة، وأكثر من 160 ألف مدون. فى الواقع، فإن مصر لديها صحف يومية أكثر من أى دولة فى الشرق الأوسط. كما أن هناك حرية للإنترنت، حيث لا قيود على «محرك جوجل للبحث»، كما تحتل النساء 23% من المراكز العامة (العليا)، إضافة لحصولهن على 12% على الأقل من مقاعد البرلمان القادم. من عدة وجوه، اختلفت مصر عما كانت عليه منذ خمس سنوات. لكن للأسف فإن هذه القصة لم تنعكس بعد على مناقشات واشنطن، ومازال المراقبون الغربيون يلقون الضوء على عيوب فى نظامنا السياسى بشكل طقوسى، وهى عيوب نعترف بها ونناقشها فى مصر بصورة مفتوحة. فى الواقع فإن المصريين يناقشون قضايا الانتخابات القادمة بانفتاح، كذلك الإصلاحات الحكومية والفقر، بل حتى الرئيس نفسه، وهو دليل على فضاء سياسى صحى. وبالنسبة لجميع التكهنات حول انتقال السلطة، قدم الدستور المصرى إطار عمل متكامل لانتخابات رئاسية مفتوحة لأى حزب له مقعد واحد فى البرلمان. ومن المعروف أن مصر لم تواجه فى تاريخها الحديث أزمة انتقال السلطة. نعلم أن أمام مصر طريقا طويلا، فحتى الآن لا يزال الكثيرون يعيشون فى فقر، ولا يتلقى التعليم الجيد سوى القليلين. لكن من غير المشكوك فيه، أن مصر تتجه لازدهار أكثر وأوسع. والتحدى الأساسى هو أن نستمر فى إصلاحاتنا الاقتصادية، وانفتاحنا السياسى فى الوقت نفسه. سيسعى الحزب الوطنى الديمقراطى الذى أنتمى إليه، للحصول على ولاية جديدة للتغيير عبر هذه الانتخابات. ونعتقد أننا الحزب الوحيد الذى يملك الرؤية، والإنجاز للاستمرار فى ازدهار ونمو مصر. الرؤية البديلة الرئيسية لنا، هى لأولئك الذين سيقودون البلاد بعيدا عن الليبرالية الاقتصادية، والتسامح الدينى، والتطور الاجتماعى، لصالح دولة دينية، ومزيد من الأصولية، فى بلد جمع على الدوام التنوع. ولنتخيل، للحظة واحدة، مصر وهى فى أيدى الملالى الأصوليين، تزعزع استقرار المنطقة، وتتحالف مع الأنظمة المارقة. كمسيحى مصرى، وهو المجتمع المسيحى الأكبر فى الشرق الأوسط، أعرف تماما مخاطر عدم التسامح الدينى. وكوزير مالية، أدرك حتمية التغيير فى مواجهة المصالح الراسخة، وكعضو برلمان منتخب، صرت أؤمن بأن تغييرا دون تطور سياسى نابع من الداخل، هو أمر غير قابل للاستمرار. رؤيتنا لمصر، هى دولة مدنية حديثة، تستند إلى المساواة، والتسامح الدينى، والسوق الحرة. الازدهار والتعليم الجيد، يمكنهما قيادة تغيير سياسى سلمى، يمكن أن يعيد إحياء التعددية الحزبية التى مع الأسف ذبلت خلال السنوات الأخيرة. لا يجب أن يكون الاختيار بين الحزب الوطنى الديمقراطى والأصوليين، بل يجب أن يكون مجالا حيويا لعدة اختيارات علمانية. لعبت المساعدات الأمريكية لمصر طيلة الثلاثين عاما الماضية، دورا أساسيا فى بناء سوق حرة اقتصاديا. وخلال النمو الاقتصادى لمصر، تحولت العلاقات من الاعتماد على المعونات، التى صارت الآن أقل من 200 مليون دولار سنويا، إلى علاقة تقوم على التجارة والاستثمار. كانت مصر لفترة طويلة الدولة القائد فى المنطقة، فنحن الأكبر فى العالم العربى. كما أن التحول الاقتصادى المصرى، سيخلق الازدهار والاستقرار فى جميع أنحاء الإقليم، كما سيجعل منها حصنا ضد المتطرفين. وفى النهاية، ستساعد التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسى فى مصر، الأمن الأمريكى، وستخلق أساسا لازدهار واستقرار الشرق الأوسط.