يمكن القول إن إحدى فرضيات المستوطنين (فى الضفة الغربية) كامنة فى أن المستوطنات يمكنها ان تمنع تقسيم البلد. وفى الوقت نفسه، فإن مؤيدى هذا التقسيم سواء أتم ذلك بواسطة خطوات أحادية الجانب أم بواسطة اتفاق يساورهم القلق جراء موضوع إجلاء المستوطنين. ولابد من القول إن هذا القلق غير مبرر مطلقا، ذلك بأن حل مشكلة المستوطنات لا يستلزم إجلاء كامل أو إخلاء اضطراريا، كما حدث فى مستوطنات غزة. إن السياسة العملية إزاء موضوع المستوطنات يجب أن تنفذ على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى، سن قانون إجلاء تعويض الذى يعتبر أمرا بديهيا، المرحلة الثانية، القيام بالتدريج بإلغاء الأوامر كلها الصادرة عن الحكومة، والتى تتعلق بتنظيم مكانة المستوطنين فى المناطق (المحتلة)، الأمر الذى من شأنه أن يجعل الحقوق السياسية والاجتماعية فضلا عن الخدمات كلها حكرا على من يسكنون فى داخل تخوم دولة إسرائيل فقس، لا فى المناطق التى لا تعتبر رسميا جزءا من إسرائيل، وإنما خاضعة من ناحية قانونية لاحتلال عسكرى. وفى واقع الأمر فإن فكرة إلغاء هذه الأوامر ليست جديدة. ذلك بأن (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق) أرييل شارون ومستشاريه سبق أن فكروا بتطبيقها فى أثناء تنفيذ فكرة الانفصال عن غزة (فى سنة 2005)، وبالتالى فإن خطوة كهذه ستكون معقولة إذا ما كانت إسرائيل راغبة فعلا فى الانسحاب من المناطق (المحتلة). أما المرحلة الثالثة فهى منح المستوطنين، الذين على الرغم من خطوات المرحلتين الأولى والثانية يفضلون أرض إسرائيل الكبرى على دولة إسرائيل إمكان أن يبقوا خاضعين لسلطة الدولة الفلسطينية التى ستقام. لكن نظرا إلى أنه لا يمكن التعويل على أن تكون تلك الدولة الفلسطينية دولة ديمقراطية ليبرالية تدافع عن حقوق الأقليات المقيمة فيها فإن ما يتعين على الحكومة فعله هو إقناع هؤلاء المستوطنين بعدم البقاء هناك. إن المعنى الحقيقى لهذه الخطوات كلها هو أن نكف عن كوننا رهائن فى يد المستوطنين. وإذا كان المستوطنون يرغبون فى البقاء فى المناطق (المحتلة) فليبقوا لكن لا يجوز أن يجعلونا مرتبطين بالاحتلال إلى الأبد.