● يمكن القول إن الإسرائيليين الذين يؤيدون التوصل إلى تسوية مرحلية للنزاع الإسرائيلى الفلسطينى هم على حق عندما يدّعون، كما فعل (الوزير وعضو الكنيست السابق) يوسى بيلين مثلا، أن هناك صعوبات كبيرة تعوق فى الوقت الحالى إمكان التوصل إلى اتفاق شامل ونهائى، لكن فى الوقت نفسه، فإن هذه الصعوبات هى نفسها التى مازالت ترافق إسرائيل والفلسطينيين على الأقل منذ سنة 1993، فضلا عن كونها الصعوبات نفسها التى تجعل أى تسوية مرحلية يتم التوصل إليها خطرة لأن تفجرها الذى يعتبر شبه حتمى بسبب كونها جوفاء يبعد الاتفاق النهائى أكثر فأكثر. بناء على ذلك، فإن مؤيدى التسوية المرحلية يقولون عمليا إنها ستكون بمثابة تسوية مرحلية أبدية. ● لكن فى المقابل، يمكننا أن نفحص مرة أخرى ما إذا كان الاتفاق الشامل مستحيلا فعلا، وفى رأيى، فإنه مادام هناك اتفاق بين الجانبين على مبدأ تبادل الأراضى، ومادام هناك اتفاق مبدئى على أن الكتل الاستيطانية الكبرى ستبقى خاضعة لسيادة الدولة الإسرائيلية، فلماذا لا يتم، وفقا لاقتراح واشنطن، رسم حدود دولة إسرائيل الجديدة، وإرجاء مناقشة موضوع أعمال البناء فى المستوطنات إلى وقت لاحق؟ صحيح أن رسم الحدود لا يمكنه القفز عن موضوع تقسيم القدس، ومن شأنه أن يخرج مستوطنة أريئيل من تخوم إسرائيل، إلا أن أحد أهم أهداف المفاوضات يتمثل فى التوصل إلى نقاط متفق عليها. ● إن الأمر المشجع فى جولة المفاوضات الحالية هو نوعية تحالف الزعماء الضالعين فيها. ففى الجانب الفلسطينى ثمة شك كبير فيما إذا كان سيظهر زعيم بعد عباس يمكن التوصل إلى سلام معه، وفيما إذا كانت الخطوات التى سيقدم عليها ستحظى بحجم التأييد العربى الذى تحظى به الآن. وفى الجانب الإسرائيلى، فإنه على الرغم من أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يعتبر زعيما يستطيع أنصار السلام الحقيقى التعويل عليه، فإنه لا يزال الزعيم الذى يهاب الولاياتالمتحدة. ● ولعل الأمر الأهم من ذلك كله كامن فى وجود الرئيس الأمريكى (باراك أوباما) الذى قرر أن يرمى بثقله كله من أجل إنجاح المسيرة السياسية.