ليس صحيحا أن الحياة السياسية فى مصر كلها قاتمة وعابسة، هناك جوانب مضحكة كثيرة، بل وكوميدية، ولمن لا يصدق عليه مطالعة الخبر الذى نشرته صحف يومية كثيرة صباح الأربعاء الماضى وجاء فيه ان مجموعة من أحزاب المعارضة قررت تشكيل لجنة وطنية لمراقبة الانتخابات البرلمانية والمتابعة الكاملة للعملية الانتخابية بجميع مراحلها. والهدف كما قالت هذه الأحزاب هو المساهمة فى عدم اختراق الأمن المصرى والرفض التام لفكرة الرقابة الأجنبية. الأحزاب التى أعلنت ذلك هى السلام الديمقراطى، ومصر العربى الاشتراكى والاحرار والمحافظين والخضر والوفاق القومى والاتحادى الديمقراطى والغد «فرع موسى». اللجنة المقترحة وكما قال رؤساء أحد الأحزاب المكونة لها ستمارس عملها بعيدا عن الصناديق، وستصدر تقريرا مجمعا بعد انتهاء الانتخابات. الكوميديا فى هذه اللجنة لا تعد ولا تحصى، وأولها أن الشعب نفسه وهو المعنى بالأمر لا يعرف أعضاءها لأنه ببساطة لا يوجد تقريبا أعضاء بهذه الأحزاب أو لنكن دقيقين فى معظمها. أنا مستعد للرهان على ان مجموع أعضاء هذه الأحزاب الثمانية الفعليين العاملين لا يكفى لمتابعة دائرة واحدة فى أى محافظة. أزعم أننى قابلت ناشطين سياسيين كثيرين فى قرى ومدن مصر المختلفة، بل وخارج مصر.. لم اسمع أحدهم يقول لى انه منتسب إلى هذه الأحزاب، أو يعرف شخصا متعاطفا معها ومن الطرائف أيضا انك يمكن أن تجد داخل الحزب الوطنى الحاكم من يقبل أو يتفهم وجود رقابة أجنبية على الانتخابات باعتبار ان ذلك صار معمولا به فى دول كثيرة لكن هذه الأحزاب التى تطلق على نفسها زورا صفة المعارضة ترفض الرقابة الأجنبية، ولا نعرف لماذا يخاف البعض من كلمة مراقبة إذا كان واثقا من عدم حدوث تزوير. المضحك أيضا أن هذه الأحزاب تقول انها ستراقب مجمل العملية الانتخابية أى أنها تملك اعدادا بشرية لذلك، لكنها لم تخبرنا حجم عضويتها الفعلية او حتى الصورية ولماذا لم ترشح أشخاصا يمثلونها للمنافسة على مقاعد البرلمان، وحتى لو امتلكت الكوادر فكيف ستراقب من خارج اللجان إذا كانت لا تستطيع الدخول إلى قلب اللجنة؟!. هذه الأحزاب الكرتونية كان لها قيمة إعلامية عندما هددت الأحزاب المسماة كبرى وهى الوفد والتجمع والناصرى ومعهم جماعة الإخوان بمقاطعة الانتخابات، وقتها وجدنا صحوة إعلامية لهذه الأحزاب فى صحف حكومية، لكن وبعد أن وقعت الواقعة وشارك الجميع على سنة الله ورسوله عادت هذه الأحزاب الصغيرة إلى حجمها الطبيعى. أغلب الظن أن انحسار الأضواء عن هذه الأحزاب هو الذى جعلها تلقى ببياضها وتنافس الأحزاب الكبرى على حب الحكومة. لو جاز لى نصح الحكومة لقلت لها أو للمسئول عن ملف أحزاب المعارضة داخلها: لقد أديت مهمتك على أكمل وجه والرجاء تهدئة اللعب لأن الأمر زاد على حده، فلا يعقل أن كل أحزاب المعارضة ال24 وقعت فى غرام الحكومة فجأة، الرائحة بدأت تفوح والأمر صار محرجا واللعبة على وشك الانكشاف. اما النصيحة لهذه الاحزاب فهى: «اذا بليتم فاستتروا».