إذا ما ألقينا نظرة عامة على أنشطة الديمقراطيين، فإنه يتبين لنا أن الممثلين الديمقراطيين يؤيدون إسرائيل بدرجة أقل مما يفعل الجمهوريون. يمكننا أن نشير فى هذا السياق إلى أنه فى يناير 2009، وعقب عملية الرصاص المصبوب (الحرب الإسرائيلية على غزة) قدّم 60 عضو كونجرس من الديمقراطيين طلبا إلى وزير الخارجية دعوه فيه إلى منح الأونروا مساعدات مالية من أجل «إعادة الإعمار وتقديم المساعدة الإنسانية لغزة». وبالروحية نفسها وقّع 54 عضو كونجرس من الديمقراطيين فى يناير 2010 رسالة موجهة إلى باراك أوباما طالبوه فيها بدعم «أنشطة من أجل تحسين الأوضاع فى غزة فورا فى عدة مجالات»، وانطوت هذه الأنشطة حتى على دعم مباشر لحركة «حماس». ولم يشارك أى جمهورى فى هذه المطالبة. وفى نقيض جذرى لهذه المطالبة، وقّع 78 من الجمهوريين بعد ذلك ببضعة أشهر رسالة موجهة إلى «رئيس الحكومة العزيز، نتنياهو» عبّروا فيها عن «الدعم الثابت» لإسرائيل. وعقب الأزمة الدبلوماسية التى نشبت فى آذار مارس 2010 بين إسرائيل وإدارة أوباما، فى إثر زيارة (نائب الرئيس الأمريكى) جو بايدن لإسرائيل، وقّع 333 من أعضاء مجلس النواب رسالة موجهة إلى وزيرة الخارجية تؤكد مجددا التحالف بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ولم يشارك 102 من أعضاء مجلس النواب فى توقيع الرسالة، بينهم 94 من الديمقراطيين و8 من الجمهوريين. لكن الفارق فى المواقف من إسرائيل لا يتمثل فقط فى مواقف البرلمانيين الأمريكيين، وإنما فى الرأى العام فى أوساط ناخبى الحزب الجمهورى مقارنة بالحزب الديمقراطى. فقد دلّ تحليل استطلاع شامل للرأى أجرى فى سنة 2009 على أن 10% فقط من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة أوباما أيدوا تعزيز العلاقات مع إسرائيل، مقارنة ب60% من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة (المرشح الجمهورى) جون ماكين. وفى المقابل، أيد 80% من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة أوباما إجراء محادثات مع «حماس»، فى حين عارض ذلك 73% من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة ماكين. بالإضافة إلى ذلك، فإن 61% من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة أوباما يؤيدون «حق العودة» للفلسطينيين، مقارنة ب21% فقط من المقترعين الذين صوتوا لمصلحة ماكين. وقد أظهر استطلاع أجرى قبل ستة أشهر أن 73% من المقترعين لمصلحة الديمقراطيين يؤيدون خفض العلاقات مع إسرائيل، مقارنة ب24% فقط يؤيدون ذلك من المقترعين لمصلحة الجمهوريين. وكى لا نثقل على القارئ بالأرقام، نشير إلى استطلاع أخير له علاقة بانتخابات الكونجرس المقبلة، ويتبين منه أن 39% من المقترعين لمصلحة الديمقراطيين يفضّلون انتخاب ممثل معروف بتعاطفه مع إسرائيل، وذلك مقارنة ب69% من المقترعين لمصلحة الجمهوريين. ويشير عدد من السياسيين والمحللين إلى ازدياد حدة الفوارق الأيديولوجية بين الجمهوريين والديمقراطيين فى مختلف المجالات خلال الأعوام القليلة الفائتة. وفى السياق الإسرائيلى، يمكن القول إنه إذا كان وجد فى السابق إجماع بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يتعلق بالتأييد المبدئى لإسرائيل وللعلاقات معها، فإن اتجاهات متطرفة تتبلور فى أوساط الديمقراطيين اليوم، وتتسبب بتفسخ هذا التأييد التلقائى. ومؤخرا لخّص الباحث جيمس الزغبى الذى يعمل فى المعهد العربى الأمريكى الأوضاع بقوله: «نظرا إلى تغيرات حدثت فى الحزب الديمقراطى، فإن إسرائيل تحولت إلى موضوع (نقاش) حزبى فى السياسة الأمريكية، ولم تعد موضوعا يوجد اتفاق أساسى بشأنه». فى أواخر مارس 2010، حين وصلت العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل إلى الدرك الأسفل، كتبت صحيفة «واشنطن بوست»: «يقدّر بعض كبار المسئولين الإسرائيليين أن رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) يبحث عن طرق لكسب الوقت حتى انتخابات الكونجرس أملا بأن يخسر أوباما التأييد الذى يحظى به فى الكونجرس، وبأن يتم انتخاب مزيد من الجمهوريين الموالين لإسرائيل». وحتى لو كان ما تقدّم هو مجرد توقعات سياسية، فإنه يمكن أن يشكل دليلا للناخب الأمريكى الذى يرغب فى مساعدة إسرائيل من خلال الانتخابات المقبلة.