أعرب وزير الدولة للشئون الخارجية السودانى كمال حسن عن رفض الخرطوم ترحيل أى قضية عالقة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى ما بعد استفتاء التاسع من يناير المقبل، ورأى أن الحكومة نفذت كل المطلوب منها وفقا لاتفاقية السلام مع الجنوب، معتبرا فى الوقت نفسه أن جهود العرب لدعم الوحدة بين شمال وجنوب بلاده غير كافية. ففى مقابلة مع «الشروق»، قال الوزير السودانى: «لن نسمح بترحيل أى قضية عالقة إلى ما بعد الاستفتاء، فمن الحتمى الوصول إلى تفاهمات بين الخرطوم والحركة الشعبية لحل القضايا الجوهرية، وفى مقدمتها ملف منطقة أبيى (الغنية بالنفط)، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب». حسن طالب الحركة الشعبية الحاكمة فى الجنوب والشريك فى الحكومة المركزية، ب«إبداء مرونة لحل القضايا الخلافية الواجب حسمها كى يتم إجراء الاستفتاء»، معربا عن اعتقاده بأن «المدة المتبقية على استفتاء تحديد مصير الجنوب (التاسع من يناير) كافية لحل القضايا العالقة، فهى قضايا واضحة تحتاج فقط إرادة سياسية من قبل الحركة الشعبية». وشدد على أن «الحكومة لن تعترف بأى خطوة أحادية نحو الانفصال قد تقدم عليها الحركة الشعبية؛ فالاستفتاء جزء من اتفاقية السلام الشامل (بين الجنوب والشمال فى نيفاشا عام 2005).. أى تجاوز لنصوص الاتفاقية لن نعترف به». وقبل أيام، وللمرة الأولى، أعلن رئيس حكومة الجنوب، سيلفا كير ميراديت، عن دعمه لخيار الانفصال، معلنا عن اعتزامه التصويت فى يناير ضد استمرار الوحدة مع الشمال. وعما إذا كان يرى فرصة أمام دوام الوحدة، قال الوزير السودانى إن: «الوحدة ممكنة إذا تم إجراء الاستفتاء بطريقة نزيهة وحرة دون أى ضغوط على المواطنين فى الجنوب». وحول الاتهامات الغربية، لاسيما الأمريكية، للحكومة بعدم الرغبة فى إجراء استفتاء نزيه، رأى أن «الحكومة نفذت كل المطلوب منها فى إطار اتفاقية السلام»، متهما فى المقابل الحركة الشعبية ب«التلكؤ فى تنفيذ التزاماتها، ومنها رفض المشاركة فى لجنة ترسيم الحدود». ومضى قائلا: «الحركة لا تبدى مرونة بشأن مقررات اتفاقية السلام، وخصوصا منطقة أبيى، التى نصت الاتفاقية على أنه من حق كل سكانها، وليس الجنوبيين فقط، المشاركة فى استفتاء يناير». وحذر من أنه «فى حال عدم تعامل الحركة الشعبية بصورة إيجابية مع هذه القضية، فسيؤدى ذلك إلى عدم إجراء الاستفتاء فى موعده، وحينها ستقع المسئولية على عاتق الحركة وليس الحكومة». وبشأن حزمة الحوافز، التى تحدث عنها مسئولون أمريكيون، للخرطوم مقابل إجراء الاستفتاء فى موعده «بدون مشاكل من قبل الحكومة»، علق قائلا: «لا نتعامل فى قضايانا الوطنية بمنطق الحوافز.. لا نرغب فى حوافز واشنطن ولا نخشى عقوباتها.. لدينا قضايا وطنية مهمة تسعى الحكومة لحلها، ومن يعرض مساعدتنا فى إيجاد حلول فسنرحب بمساعدته، ومن يعارضنا سنعارضه». وعن تقييمه لجهود العرب للحفاظ على وحدة السودان، قال وزير الدولة للشئون الخارجية: «إن هناك دعما من الدول العربية لمواقف السودان، لكننا نتطلع إلى المزيد من المساندة، وأن تتم ترجمة الجهود العربية إلى دعم محسوس لدى المواطن السودانى.. نقول هذا من منطلق عشمنا فى الدول العربية، لكن بكل صراحة أقول إن ما قدمته الدول العربية حتى الآن أقل بكثير من المطلوب». ومع اقتراب الاستفتاء تتصاعد التوترات بين الشمال والجنوب، لدرجة أن سيلفا كير ميراديت دعا قبل أيام الأممالمتحدة إلى نشر قوات حفظ سلام لإقامة منطقة عازلة، معربة عن خشيته من استعداد الشمال لخيار استئناف الحرب. غير أن الخرطوم نفت أى نية لديها لشن حرب على الجنوب، وأدانت بشدة أى تحرك محتمل لنشر قوات دولية، معتبرة الأمر تدخلا فى الشئون السودانية الداخلية.