أمل وخوف يهيمنان على المزارعين الفلسطينيين فى الضفة الغربيةالمحتلة منذ التاسع من الشهر الجارى.. أمل فى جنى ثمار الزيتون لكسب قوت العائلة، وخوف من اغتيال المستوطنين الإسرائيليين لمصدر رزقهم الأساسى، وربما الوحيد للكثيرين. من قرية «تل» غرب مدينة نابلس بالضفة يروى المزارع محمد مصطفى هذه المعاناة بقوله ل«الشروق» عبر الهاتف: «لا تمر ساعة دون هجمات يشنها المستوطنون لحرماننا من جنى الثمار، سواء بسرقة المحصول أو إحرق الحقول قبل أن نحصد ثمار أشجارها أو إقامة حواجز على الطرق لمنعنا من الوصول إلى حقولنا». مصطفى، الذى يعول عائلة من خمسة أفراد، مضى موضحا أن «المستوطنين، يستخدمون كشافات الإضاءة، ينزلون الحقول ليلا، ويحصدون ثمار الزيتون لحسابهم، وبالنهار يخيفون المزارعين، الذين يكافحون للوصول إلى حقولهم، بإطلاق الكلاب والأعيرة النارية عليهم». هذه «الانتهاكات تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلى» يقول مصطفى إنها «أصبحت روتينا سنويا تعودنا عليه، لذا نحاول ألا يعتمد دخلنا الأساسى على حصاد الزيتون، فكثيرا ما نحرم منه. لدى زراعات أخرى مثل التين والحمضيات». وقرب قريتى «تل» و«سرة» أتت النيران أمس الأول على 200 شجرة زيتون، وأضرت بعدد آخر، فى حادث اتهم المزارعون الفلسطينيون المستوطنين بارتكابه ضمن المساعى للتقليل من عائدات زراعة حوالى عشرة ملايين شجرة زيتون، والبالغة حوالى 100 مليون دولار سنويا. ويعمل فى هذا القطاع نحو 100 ألف مزارع فلسطينى، والذى يمثل ما بين 15 إلى 19% من الإنتاج الزراعى الفلسطينى، وقد بلغ معدل الإنتاج السنوى خلال العقد الأخير 17 ألف طن زيت، و34 ألفا فى السنوات الاستثنائية، وخمسة آلاف فى السنوات سيئة الإنتاج، بحسب تقرير لمنظمة «أوكسفام» الخبرية البريطانية صدر يوم الجمعة الماضى. وعادة ما يشهد موسم الحصاد تدفق نشطاء أجانب على الضفة، لمساعدة المزارعين على حصاد ثمار الشجرة التى تحولت إلى رمز للدفاع عن وطنهم ضد المحتل، حيث تجاوز عمر بعض الأشجار المائة عام، لتمثل لأصحابها إثبات وجود فى وطنهم. لكن مصطفى يقول إن «دور النشطاء الأجانب محدود، فهم يقومون بعدد محدود من الزيارات إلى الحقول لتشجيع الفلاحين على الصمود أمام هجمات المستوطنين، وحتى الآن لم يصلوا بعد إلى قريتنا». بشكل استثنائى، نجحت قرية «عراق بورين» جنوبى نابلس فى صد اعتداءات المستوطنين، وحصدت محصولها الكامل، حيث يقول مزارع من القرية، يدعى عبدالرحيم قادوس، ل«الشروق»: «إن رئيس الوزراء سلام فياض افتتح موسم قطاف الزيتون بقريتنا فى التاسع من الشهر الجارى، ورغم أن الموسم يستمر عادة لمدة شهر، إلا أننا أنهينا الموسم سريعا دون أن نخسر شيئا من محصولنا». وبالأساس يرجع قادوس «هذا الحدث الاستثنائى» إلى «وقفة أهالى القرية الجادة أمام المستوطنين، وإصرارهم على ألا يغتال المستوطنون مصدر رزقهم الأساسى». ورغم أنها مجاورة ل«عراق بوين» إلا أن قرية «بورين» لم تنج من فساد المستوطنين، إذ يقول منسق اللجنة الزراعية فى القرية بلال عيد، الذى يعول 6 أفراد، ل«الشروق» إن «المستوطنين قطعوا وجرفوا أكثر من 3732 ألف شجرة زيتون خلال هذا العام فى قريتنا المعروفة بغناها بالزيتون». وعادة ما يردد الجيش الإسرائيلى أنه يبذل كل ما فى وسعه لحماية المزارعين الفلسطينيين من هذه الاعتداءات، غير أن مزارعين قالوا إن العشرات من سكان مستوطنتى زعترة وآرئييل أطلقوا أغنامهم فى حقول زيتون قرية «ياسوف» غرب مستوطنة سلفيت، ما خرب المئات من الأشجار قرب حاجز زعترة، تحت حماية قوات الاحتلال.