المطران أنطونيوس بشير.. من دوما إلى أمريكا مسيرة كنسية وفكرية تتوج بمتحف تخليدي    بعد رفع أسعار الوقود| اجتماع طارئ في أوبر وDiDi وinDrive لتحديد الزيادة الجديدة    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    سعر الفاكهة اليوم السبت 18 أكتوبر في أسواق المنيا    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم 18-10- 2025    ارتفاعات في أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 وسط ضغط على بعض الأصناف    أكسيوس: ترامب رفض طلب زيلينسكي تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    موعد مباراة الجونة والبنك الأهلي في دوري نايل والقنوات الناقلة    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    لحظات إقلاع مظلات الباراموتور في سماء الأقصر.. استمتع كأنك معاهم "فيديو"    ابنة جلال الشرقاوي تهاجم نقابة المهن التمثيلية.. لهذا السبب    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام نهضة بركان في نهائي السوبر الأفريقي    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    إسرائيل تؤكد التعرف على هوية رهينة أعيدت رفاته من غزة الجمعة    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أجواء خريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بإلغاء توقيف نتنياهو وجالانت    سعر طن الحديد اليوم السبت 18 اكتوبر2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    تأثير انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل على صحة الأم والجنين وطرق العلاج    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    ملحق المونديال يحسم ملامح معسكر الفراعنة    «القاهرة السينمائي» يستقبل عامه ال 46 محتفلا بالإنسان    ترامب يحث المحكمة العليا على السماح بنشر الحرس الوطني في شيكاغو    من صفحات التواصل للتخشيبة.. سقوط ضباط السوشيال في قبضة الداخلية    ترامب لا ينوي تقديم أسلحة طويلة المدى لأوكرانيا في الوقت الحالي    غرس أسنانه في رقبته، كلب ضال ينهش جسد طفل أثناء لهوه بالبحيرة    التصريح بدفن ضحايا حادث طريق شبرا بنها الحر بالقليوبية    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    أمواج بشرية تملأ ساحة السيد البدوي للاستماع ل ياسين التهامي في الليلة الختامية (فيديو)    شلل حكومي يضرب أمريكا وخسائر بالمليارات    نجوى إبراهيم تتعرض لحادث في أمريكا وتجري عملية جراحية    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    إمام عاشور ينشر صورة ذبح العجل تعبيرًا عن الشكر والفضل    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    عمرو أديب: ما يحدث في مولد السيد البدوي غير مفهوم    شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمنى بين «القاهرة» و«نيودلهى»    ِشارك صحافة من وإلى المواطن    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    الآلاف فى ختام مولد السيد البدوى «شىء لله يا شيخ العرب»    «بمكونات سحرية».. تحضير شوربة العدس للاستمتاع ب أجواء شتوية ومناعة أقوي (الطريقة والخطوات)    استعد ل الشتاء بنظافة تامة.. الطريقة الصحيحة لغسيل البطاطين قبل قدوم البرد    «فطور بتاع المطاعم».. طريقة عمل الفول الإسكندراني بخطوات سهلة ونكهة لا تُنسى    تفاصيل ضبط طرفي مشاجرة داخل مقر أحد الأحزاب بالجيزة    مواقيت الصلاة فى أسيوط السبت 19102025    حمزة نمرة لبرنامج معكم: الفن بالنسبة لي تعبير عن إحساسي    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم النظافة للجميع
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2010

لو أن أحدا من الفقهاء المعنيين بعلامات الساعة ظهر بيننا لاعتبر مشكلة النظافة فى مصر من علامات الساعة الصغرى. ذلك أن أولئك العلماء اعتبروا أن تغيير النواميس وانقلاب الأحوال من مقدمات اقتراب يوم القيامة. فقولهم إن من تلك العلامات أن «تلد الأَمَة ربَّتها» لا يختلف فى دلالته ومغزاه عن قولنا إن «أم الدنيا» عجزت عن حل مشكلة القمامة فى عاصمتها.
لقد تعرضت للمشكلة فى مرة سابقة، وما دعانى للعودة للموضوع اليوم أننى طالعت فى 12/10 خبرا منشورا بجريدة «الأهرام» تحت عنوان يمتد على خمسة أعمدة يقول: بأمر المحافظ: مسئولو الجيزة ينقلون مكاتبهم للشوارع للقضاء على القمامة. وجاء فى الخبر أن محافظ الجيزة أصدر تعليماته إلى المسئولين فى المحافظة ورؤساء أحيائها بضرورة الوجود فى مواقع العمل ونقل مكاتبهم إلى الشوارع لمراقبة أعمال النظافة فيها، وقد «أكد» أنه سيتابع النظافة بنفسه، وسيقوم بجولات مفاجئة لهذا الغرض. وإلى جانب الخبر نشرت صورة ملونة أكدت مضمونه، ظهر فيها بعض مسئولى المحافظة واقفين فى قلب أحد الشوارع، وإلى جوارهم عدد من عمال النظافة بثيابهم الخضراء وهم يؤدون أعمالهم. استغربت التقرير لأول وهلة واعتبرته من عجائب العصر، أن تصبح العناية بنظافة الشوارع خبرا ينشر على خمسة أعمدة فى صحيفة قومية كبرى، وكأنها تزف إلى سكان أم الدنيا «بشرى» انتظروها طويلا. لم أصدق حكاية نقل مكاتب مسئولى المحافظة ورؤساء الأحياء إلى الشوارع لاستحالتها من الناحية العملية. واعتبرت أن المسئولين الذين رأيناهم خرجوا إلى الشارع لالتقاط الصورة لا أكثر. ولست متأكدا من أن المحرر الذى نشر الخبر سيجدهم فى أى شارع إذا ذهب فى اليوم التالى للنشر. كما أننى لست واثقا من أن المحافظ سيترك أعماله وسيتفرغ لمتابعة أخبار إزالة القمامة من شوارع المحافظة. وإذا فعلها فإن ذلك سيعد من علامات سوء التقدير، حيث يفترض أن فى المحافظة جهازا كاملا يقوم بالمهمة. وبالمناسبة فإن الكلام عن زياراته «المفاجئة» فيه من الهزل أكثر مما فيه من الجد. لأن الذى يريد أن «يفاجئ» لا يعلن عن ذلك مسبقا فى الصحف السيارة!
الخلاصة أن نشر الخبر والصورة بدا تجسيدا لممارسات البيروقراطية المصرية، التى باتت تعتبر الحضور فى وسائل الإعلام بديلا عن الحضور على أرض الواقع. وليس فى ذلك ادعاء أو افتراء، لأننا رأينا قبل ثلاثة أشهر صورا مماثلة لحملة نظافة فى المحافظة ذاتها، قيل إنها مبادرة من إحدى الجمعيات الأهلية، واكتفى أصحابها بالظهور فى الصور وعلى شاشات التليفزيون، وهم يحملون المكانس وأدوات النظافة، فى لقطة واحدة لم تتكرر، وبها انتهت المهمة وتحقق المراد.
الحاصل فى الجيزة له نظيره فى القاهرة، بمعنى أن الكارثة واحدة، حيث لم تحل بعد فى العاصمة مشكلة القمامة المستعصية منذ عام تقريبا. ولأنى من سكان مصر الجديدة، فلعلى أقول إن المنطقة الوحيدة التى تخلو من القمامة هى تلك التى يقع فيها بيت الريس وقصر العروبة. وفيما عدا ذلك فأكوامها موزعة على مختلف أنحاء الحى، على نحو يعلن على الملأ أن أجهزة الإدارة المحلية فشلت فى أداء هذه المهمة التى هى من بديهيات مسئولياتها. علما بأننا ندفع شهريا رسوما للنظافة (كان ينبغى أن ترد للناس بعد الفشل، وأن يحاسب مسئولو الحى عن الأوجه الحقيقية لإنفاقها).
يحير المرء هذا العجز عن حل المشكلة، التى يبدو أنها بصدد التحول إلى عاهة ووصمة فى جبين مصر، فى حين أنها مسألة تجاوزتها أى دولة تنتمى إلى العصر. ناهيك عن أن لها حلولها الحاسمة والاقتصادية التى مل الخبراء من التذكير بها. ويبدو أن ما ينقصنا هو الجدية فى التعامل مع المشكلة. الجدية فى اتخاذ القرار وفى محاسبة المسئولين عن التراخى فى تنفيذه. وهو ما يسوغ لنا أن نقول إن ما أصاب النظام من ترهل وشيخوخة استشرى فى جسم أجهزة الإدارة الحكومية. إذ لم تعد عاجزة عن أن تلبى احتياجات الناس فحسب، ولكن العجز أفقدها القدرة على القيام بواجبات بسيطة للغاية، مثل الحفاظ على نظافة الشوارع ورفع القمامة منها.
ثمة لافتات فى العاصمة احتفت بمضى 20 عاما على حملة القراءة للجميع، فهل لنا أن نحلم بأن نرى حملة أكثر تواضعا ترفع شعار «النظافة للجميع»، هذا إذا تأبى البعض أو استاءوا من شعار النظافة من الإيمان؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.