كل عام، تثير نتائج جائزة نوبل، خصوصا فى مجالى الآداب والسلام، الجدل والأقاويل، وتطرح تساؤلات، وتظهر استفسارات بشأن مدى مصداقية وموضوعية أسباب المنح، وكان آخرها ما أُثير حول منح جائزة الآداب إلى الكاتب البيروفى ماريو فارغاس يوسا، وجائزة السلام إلى المعارض الصينى «ليو تشياوبو». لكن مجمل هذه النقاشات والاستفسارات منافية للحقيقة! وهو ما أكدته كارولا هرملين مساعدة أمين لجنة جائزة نوبل ل«الشروق». فى الأيام الماضية المواكبة لإعلان جائزة نوبل فى الآداب، قرأت عدة استفسارات طرحها كتّاب، وتداولها نقاد، فى تصريحات لموقع «اليوم السابع»، ولبوابة «الأهرام» الالكترونية، تعليقا على فوز يوسا بالجائزة، فمثلا قال أحدهم إن الدور الكبير الذى يلعبه البعد السياسى فى الحصول على نوبل أكثر بكثير من البعد الثقافى، وأكد آخر أنها جائزة من الثقافة الغربية إلى الأدباء الذين يدينون بهذه الثقافة، وأشار ثالث إلى أن الجائزة شهدت فى الفترة الأخيرة الكثير من الملابسات، أهمها منحها لأدباء أوروبا وأمريكا لعقود طويلة، ورابع أضاف أنه حسب شروط الجائزة فإن الفائز بنوبل لابد أن يكون ترك تأثيرا كبيرا على وجدان الناس وهو شرط لا يتأتى إلا للكتاب الكبار، لذلك من يفوز بنوبل لا ينالها إلا فى نهاية حياته، بعد أن يكون أثرى الإنسانية بالتراكم الإبداعى عبر سنوات حياته. فى محاولة للاقتراب من الحقيقة حول تلك الأفكار الأشبه جميعها بالاجتهادات الذاتية أو الإشاعات، سألت «كارولا هرملين» مساعدة أمين لجنة نوبل بالأكاديمية السويدية، فأجابت عبر البريد الإلكترونى قائلة: «إن القرارات والمناقشات التى تبحث فى الأكاديمية السويدية لمنح جائزة نوبل سرية تماما، وأضافت هرملين أن «ماريو فارجاس يوسا» ليس من المؤلفين الأوروبيين أو الأمريكيين، هو من بيرو وإن كان يعيش فى أوروبا ويكتب بلغة أوروبية». ● وما خطوات الترشيح وآلية اختيار المرشحين؟ - وفقا لنظام عمل مؤسسة نوبل، ينبغى أن يصدر الترشيح للحصول على الجائزة مطبوعا، حتى يكون جديرا بالنظر، ولا يتم اعتبار أى شخص جديرا بالترشح ما لم يتم ترشيحه كتابة، من قبل شخص مؤهل لاقتراح مثل هذه الترشيحات. ولا يجوز التقدم بشكل شخصى للحصول على الجائزة. واللجنة لا تقبل الترشيحات التى ترد بالبريد الإلكترونى، كما يجب أن يكون الترشيح ممهورا بتوقيع الشخص الذى يقترح الترشيح، على أن تصل الترشيحات إلى لجنة نوبل فى موعد أقصاه 31 يناير حتى تؤخذ فى الاعتبار عند تحديد الفائزين بجائزة نفس العام. وعن صيغة الترشيح، أكدت هرملين التى أرسلت لنا ورقة لجنة نوبل بالأكاديمية موضحة فيها الإجابة عن كل الاستفسارات التى قدمها كتّاب ونقاد مصريون قائلة: «لا توجد صيغة للترشيح. ومع ذلك يستحسن أن يحتوى اقتراح الترشيح على الدافع وراء الترشيح، والسيرة الذاتية للمرشح وبيان بمؤلفاته». ● ولكن ماذا عما يقال حول تسريب بعض الترشيحات؟ - أجابت مشددة: «إن الترشيحات تخضع للسرية الكاملة، سواء من الشخص الذى يتولى الترشيح أو لجنة نوبل التى تتلقى الترشيح، حتى إن حق اعتماد الترشيح يسقط إذا تسربت الترشيحات قبل المدة المحددة، وهى 50 عاما». وحول هذه النقطة كانت «الشروق» قد سألت «كارولا هرملين» من قبل حول اعتماد اتحاد كتُاب مصر كجهة ترشيح للجائزة باعتباره الجهة الأولى فى مصر التى حازت هذا الحق، لكننا اكتشفنا حسب تصريحات هرملين، وبناء على رسالة من الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة فإن الكلية معتمدة كجهة ترشيح لجائزة نوبل فى الآداب. ووقتها أكدت هرملين أن من لهم حق الترشيح هم: أعضاء الأكاديمية السويدية والأكاديميات والمؤسسات والجمعيات المماثلة لها من حيث العضوية والأهداف، وأساتذة اللغات وتاريخ الأدب فى الجامعات والكليات الجامعية، والحاصلون على جائزة نوبل فى الآداب، فضلا عن رؤساء اتحادات الكتاب التى تمثل الأنشطة الأدبية فى بلدانها. وعن كيفية اختيار الأكاديمية السويدية لأى فائز، شرحت لنا هرملين موضحة: «أن الأكاديمية تستعين بلجنة نوبل التى تتألف من أربعة إلى خمسة أعضاء أكاديميين، يُنتخبون لمدة ثلاثة أعوام. وهى لجنة تتولى إعداد المناقشات بشأن المرشحين عن طريق تسجيل وجمع وعرض الترشيحات لإجراء دراسات مختلفة، كما يتولى كل من أعضاء اللجنة إصدار توصيته للأكاديمية قبل اتخاذ قرار بشأن الفائز، وأخيرا تقرر اللجنة ما إذا كان طلب الترشيح قد ورد من مصدر معتمد أم لا. فإذا لم يكن الأمر كذلك، يتم تجاهله، وتعد قائمة بالطلبات التى تم قبولها، وتقدم إلى الأكاديمية أوائل فبراير». وعن عدد الترشيحات التى تصل للأكاديمية أوضحت هرملين أنه يصل سنويا نحو 350 ترشيحا، يبلغ عدد المرشحين الجدد من بينها مائتا مرشح فقط، إذ غالبا ما تتكرر نفس الأسماء فى عدة خطابات ترشيح حتى يفوز المرشح، أو يتوفى، أو ييأس من قام بالترشيح. وأضافت أنه عندما تقر الأكاديمية القائمة المقترحة، تعود مرة أخرى إلى لجنة نوبل. ثم يتم حذف العديد من الأسماء المدرجة على القائمة فى مرحلة مبكرة، لأسباب مختلفة. فبعض المرشحين قد يكونون كتابا علميين، لا تتفق أعمالهم مع شرط القيمة الأدبية، وآخرون قد يكونون مؤلفى كتب أدبية، لكنها لا تتمتع بالجودة اللازمة، فى حين أن كتابا آخرين يكونون قد تم ترشيحهم لأسباب لا علاقة لها بالأدب أى أسباب سياسية، أو أيديولوجية، أو قومية». ● وماذا عن مشاكل الترجمة التى تواجه معظم الأدباء الذين لا يكتبون بلغات أوروبية؟ - قالت هرملين: «إن المرشحين الباقين يخضعون، بعد عملية الانتقاء سالفة الذكر، إلى المزيد من الدراسة، فإذا لم تكن أعمال شخص ما مألوفة على نحو كاف للأكاديمية، يمكن للجنة نوبل استقدام خبير. وإذا كان المرشح يكتب بلغة غير معروفة لأعضاء الأكاديمية، ولا توجد ترجمات وافية، يمكن طلب مترجمين متخصصين». ويستكمل خطاب مساعدة أمين لجنة نوبل: «تقدم نتائج عمل اللجنة إلى الأكاديمية فى أبريل، فى شكل قائمة أولية بالمرشحين تتألف عادة من 15 إلى 20 مرشحا. وعندما تقر الأكاديمية القائمة الأولية، تعود القائمة إلى لجنة نوبل مرة أخرى، وفى نهاية مايو، تسلم اللجنة قائمة نهائية بالمرشحين ذوى الأولوية. وتتألف القائمة من خمسة أسماء كقاعدة، وللأكاديمية الحرية فى عمل تغييرات وإضافات. وتتمثل آخر مهمات الأكاديمية بالنسبة لجائزة نوبل خلال الربيع، فى إقرار القائمة النهائية للمرشحين. ويطالع أعضاء الأكاديمية، خلال الصيف، إنتاج المرشحين الخمسة الباقين إذا لم يكونوا قد قاموا بذلك بالفعل، وتظهر العديد من الأسماء البارزة على القائمة النهائية عاما تلو العام، وذلك يكفى لمعرفة ما إذا كانوا قد نشروا فى الفترة الفاصلة بين الترشيحات أعمالا تعزز أو تضعف موقفهم. ويتعين أيضا على كل عضو من أعضاء لجنة نوبل إعداد تقرير منفرد لعرضه على الأكاديمية فى الاجتماع الأول لموسم الخريف. وعندما تجتمع الأكاديمية عقب العطلات الصيفية، حسب هرملين، يكون الأعضاء قد قاموا بما هو موكل إليهم. ويعقد أول اجتماع لموسم الخريف فى منتصف سبتمبر، ونظرا لأن القرار بشأن فائز العام يتخذ فى أوائل أو منتصف أكتوبر، لا يكون هناك سوى أسابيع قليلة للتشاور والتوصل إلى قرار. ويجب أن يحصل المرشح على أكثر من نصف عدد أصوات الأعضاء حتى يكون اختيار فائز بالجائزة اختيارا صحيحا.