بعد قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باعتبار الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية «جريمة» تفتح الباب أمام ملاحقة إسرائيل وقادتها قانونيا أمام المحاكم الدولية، بدأت جمعية الإغاثة الإنسانية التركية على الفور تجهيز أسطول «قانونى» لملاحقة تل أبيب، بعدما نجح الأسطول البحرى فى كشف وجهها القبيح أمام العالم. منسق الشرق الأوسط فى الجمعية حسن جميل إيناچى يعتبر أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلى اتخذت شكلا جديدا، وهى المقاومة الإنسانية تحت مظلة القانون الدولى، مشددا على أن المرحلة المقبلة تشهد سيلا من الدعاوى فى المحاكم الدولية ومحاكم الدول ذات الاختصاص الدولى لمعاقبة إسرائيل على قتلها فى نهاية مايو الماضى تسعة مدنيين على متن أسطول الحرية، الذى كان يحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة المحاصر منذ نحو أربع سنوات. جميل، الذى يتحدث العربية بصعوبة، لم يكن ناشطا عاديا او مجرد مسئول فى الجمعية، فقد اتهمته إسرائيل بأنه «ممول الجهاد» فى فلسطين، واتهمت المنظمة التركية هى الأخرى بالإرهاب، وبأنها الذراع المالية لحركة حماس. لكن الرجل يتعجب: كيف تطلق إسرائيل سراحى ثم تتهمنى بهذا الاتهام؟!، وكيف يمكن لمنظمة إغاثية عضو فى الأممالمتحدة أن تكون إرهابية ؟!.. لإيضاح وجهة نظره، وللإجابة عن أسئلة كثيرة كان حوار «الشروق» معه عبر الهاتف من إستانبول. ● ما هى أنشطة منظمة الإغاثة الإنسانية التركية (اى إتش إتش)؟ لدينا مشاريع اجتماعية واقتصادية وثقافية وأخرى لتوعية الشعوب بالأزمات الإنسانية، فمثلا نعقد مؤتمرا تعريفيا حول ما يعانيه المسجد الأقصى على يد الاحتلال، ونجمع تبرعات لنصرة الأقصى. ● وهل تقتصر أنشطتكم على فلسطين والدول الاسلامية؟ لا، فنحن ننشط فى 120 دولة، ولا يشترط أن يكون المسلمون أكثرية فى هذه الدول.. الشرط الوحيد هو احتياج الناس للمساعدات. وقد قدمنا مساعدات عقب إعصار كاترينا فى الولاياتالمتحدة عام 2005. على الرغم من أن أمريكا دولة غنية، فإن الكثيرين من مواطنيها بحاجة لمساعدات. وفى هاييتى هناك نسبة المسلمين ضئيلة جدا، وعلى الرغم من ذلك أرسلنا أطباء وباحثين اجتماعيين وقدمنا مساعدات لمنكوبى الزلزال. كما انطلق من إستانبول قطار يحمل 18 حاوية مساعدات لمنكوبى فياضانات باكستان. ● هل تتلقون دعما من الحكومة التركية؟ لا نتلقى دعما ماديا من الحكومة، لكن هناك اتفاقية مع الممثلية الخاصة برئيس الوزراء تسمى «كيكا» لتنسيق العمل الإغاثى، حيث توفر لنا الأطباء وتدفع لهم رواتبهم وتكاليف سفرهم. 95% من التمويل يأتى من المواطنين الأتراك، و5 % من الخارج. لدينا عمليات إغاثية فى تركيا، لكننا نركز خارج البلاد أكثر لأن الحكومة تقوم عبر البلديات بتقديم المساعدات. وقد أنفقنا العام الماضى 56 مليون دولار خارج تركيا. ● بعد قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذى يفتح الباب أمام ملاحقة قادة إسرائيليين بشأن أسطول الحرية.. هل من إجراءات ستتخذها المنظمة ضد إسرائيل؟ خلال الأيام المقبلة سنرفع قضية أمام محكمة حقوق الإنسان فى لاهاى ومحكمة الجزاء الدولية. كل من شارك فى الأسطول سيرفع دعاوى على إسرائيل. نجهز ملفاتنا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعة إيهود باراك ورئيس هيئة الأركان الجنرال جابى أشكينازى ووزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، وكل من هاجمنا من الجنود والضباط. وقد رفعنا بالفعل دعوى أمام القضاء التركى وعندما يصدر الحكم سنرفع على أساسه دعوى فى جميع المحاكم الدولية، وفى محاكم الدول التى ينتمى إليها نشطاء الأسطول. ● ألا تتفق معى أن التجربة أثبتت صعوبة ملاحقة المسئولين الإسرائيليين ؟ نعمل كل ما فى جهدنا، ولن نتحدث عن النتيجة الآن. ● كيف ترى دور الجمعيات والمنظمات الإنسانية فى القضية الفلسطينية؟ على الرغم من امتلاك إسرائيل ثانى أكبر جيش فى العالم من حيث التطور، فإن 650 شخصا على متن أسطول الحرية كشفوا وجهها القبيح أمام العالم. يمكننا القول إن المقاومة تغيرت شكلا وأصبحت مقاومة إنسانية وفقا للقانون الدولى. فالقانون يقول إن قتل انسان فى المياه الدولية يعد جريمة دولية، ومن ثم سنقاوم للحصول على حقنا. صحيح أننا فشلنا فى بلوغ شواطئ غزة، لكن رسالتنا وصلت شواطئ القدس وبيروت وكل مدن العالم الساحلية. ● إسرائيل تتهم منظمتكم بأنها إرهابية موالية لحماس.. هل كنتم تحاولون إغاثة الشعب المحاصر أم الحكومة المقالة المحاصرة؟ الحكومة التركية فتشت السفن قبل الإبحار، وإسرائيل قالت قبل إبحارنا إننا نحمل طائرات حربية وأسلحة لحماس، واتهمتنى شخصيا بأننى إرهابى، ضمن خمسة إرهابيين، وممول للجهاد فى فلسطين. وقبل أربعة أيام من الإفراج عن النشطاء كنت فى سجن إسرائيلى وأخذوا منى عينة دم، وبصمة، ولم يوجهوا لى أى تهمة، ثم أطلقوا التهم ضدى بعد عودتى لتركيا! ليس لدينا أى علاقة بأى جهة سياسية، ولسنا طرفا فى الجدال السياسى فى فلسطين، ومهمتنا كانت توصيل مساعدات للمحاصرين. كيف نكون منظمة إرهابية ونحن لدينا عضوية فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى بالأممالمتحدة، ونعمل مستشارين لهذا المجلس، ونشارك سنويا فى مؤتمر اللاجئين العالمى بسويسرا. ● وكيف تقيم أداء الدول العربية فى مسألة رفع الحصار عن غزة؟ كمنظمة ليس لدينا أفكار سياسية، لكن من منطلق شخصى أداء الدول العربية إيجابى، لكنه لا يكفى.. ننتظر من كل دول العالم، وليس العرب فقط، أن يتحركوا لرفع الحصار. بعد حادث أسطول الحرية، فتحت مصر معبر رفح مع غزة بلا سقف زمنى، وعلى الرغم من أنه كان موقفا جيدا جدا، لكننا ننتظر أن تسمح مصر بدخول جميع أنواع المساعدات عبر رفح، وليس المساعدات الطبية والمدنيين فقط. ● هل من تحركات جديدة لمنظمة الإغاثة التركية من أجل كسر حصار غزة؟ سنركز على ملاحقة إسرائيل قضائيا بالتوازى مع إغاثة غزة، وهناك احتمال كبير لعقد اتفاق مع مصر لإدخال مساعدات من ميناء العريش، وهذا يتوقف على الأجواء السياسية فى المنطقة. وربما فى مارس 2011 تصل قافلة إلى غزة عبر مصر ستكون ثلاثة أضعاف أسطول الحرية من حيث حجم المساعدات الإنسانية.