يترقب الأقباط نتيجة اختيار الحزب الوطنى لمرشحيه خلال عملية الاقتراع الداخلى التى بدأت الأسبوع الماضى، فى ظل إقبال قبطى ملحوظ على الترشح، خاصة على كوتة المرأة، وفى الوقت الذى أعلنت فيه قيادات الكنيسة القبطية عن أنها لن تؤيد مرشحى حزب بعينه، قال محللون ونشطاء أقباط إن الكنيسة مستمرة فى سياستها غير المعلنة لدعم مرشحى الحزب الوطنى. الموقف المعلن لقيادة الكنيسة، كما عبر عنه البابا شنودة الثالث، فى أكثر من مناسبة، هو أن الكنيسة تشجع الأقباط على المشاركة السياسية والذهاب إلى صناديق الاقتراع، لكنها لا تطلب منهم انتخاب أحد بعينه، إلا أن ما يحدث فى الواقع، بحسب العديد من المصادر هو خلاف لذلك، حيث يكون لكثير من أساقفة وكهنة الإبراشيات كلمة فى توجيه الصوت القبطى، وعادة ما يكون فى صالح مرشح الحزب الوطنى. قال القمص إبراهيم بطرس، راعى كنيسة رابطة القدس بحى الظاهر، «الكنيسة لا تتدخل فى السياسة، نحن نشجع الناس على الذهاب للمشاركة دون توجيههم للتصويت لمرشح بعينه.. نحن لا نريد أن ينجح أشخاص متعصبون من أى من الطرفين، كما لا نريد شخصا يعمل لمصلحة جماعة معينة، وليس لمصلحة كل الناس فى الدائرة». وأضاف «موقف الحزب الوطنى غير مشجع، هناك أماكن كثيرة بالجمهورية فيها شخصيات قبطية تتمتع بشعبية وتستطيع النجاح، لماذا لا يرشحهم ليكون هناك عدد معقول من النواب الأقباط داخل المجلس». وأكد أنه حينما يكون هناك مرشح لجماعة الإخوان المسلمين تزيد النبرة الطائفية لأنهم ينظرون إلى المسيحى باعتباره ذميا أو مواطنا من الدرجة الثانية. وقال القمص إبراهيم «لو وجهنا الناس للتصويت للمرشح القبطى فهذه تصبح عنصرية وقبلية كالتى تشهدها القرى، نحن نريد الأحسن ليمثل الناس جميعا سواء كان قبطيا أو مسلما». فيما أكد المحامى القبطى ممدوح رمزى، نائب رئيس الحزب الدستورى الذى ينوى الترشح أن هناك تعليمات من قيادة الكنيسة بتعبئة الشعب القبطى لمساندة الحزب الوطنى، ولأن البابا يتمتع بشعبية جارفة بين الاقباط فتعليماته تنفذ. وأشار رمزى إلى أن هناك مقولة تتردد فى الكنائس وهى أن على الأقباط مساندة المسلمين المستنيرين، لافتا إلى أنه سمع البابا فى أكثر من مناسبة يقول «إن لم ينجح مرشح مسيحى فعليكم أن تختاروا المسلمين المستنيرين، وهم من مرشحى الوطنى». وأضاف «فى كل مرة الحزب الوطنى يخذلنا ولا يرشح عددا كافيا من الأقباط وبالرغم من هذا هناك اصرار من البطريرك ومن ورائه الأساقفة على هذا التحالف». ومع اقتراب الانتخابات تكون الكنائس أحد الأماكن التى يسعى المرشحون إليها، وبقدر عدد الأقباط فى الدائرة بقدر ما يكون السعى لخطب ود القيادة الدينية المسيحية من قبل المرشحين، نظرا لتأثير القيادات الدينية على الأقباط. ووصف الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تدخل الكنيسة فى التربيطات الانتخابية والاتصالات التى تتم مع الكنيسة من أجل اختيار مرشحين أو معينين بأنها جزء من الخلل القائم فى العملية السياسية مؤكدا أنه لو أن هناك رؤية لإصلاح حقيقى من أجل إقامة دولة المواطنة فيجب أن تتوقف مثل هذه التدخلات. وقال الحزب الوطنى إنه أعلن قبل ذلك عن أنه لا يرشح أقباطا لأنهم لا ينجحون فى الانتخابات، مع أن النظام يقوم بالتزوير لصالح قطاعات أخرى، ولو أن الدولة تريد إنجاح مرشحين أقباط لفعلت. ورأى جاد أن المشكلة بالنسبة لعدم وصول الأقباط إلى مجلس الشعب هى الأخذ بالنظام الفردى، فى حين أن نظام القائمة يمكن أن يسهم فى تحقيق تمثيل أفضل للأقباط. وقال إن الكنيسة تحصل على مكاسب مباشرة وآنية من وراء دعمها للحزب الوطنى، وهى فى الأساس تتعلق ببناء وترميم دور العبادة وليس لبناء دولة المواطنة ورفع الظلم، ذلك أن رجال الدين ليس لديهم رؤية سياسية. وفسر زيادة تأثير رجال الكنيسة على الأقباط بأنه نتيجة طبيعية لانسحاب الدولة من اداء وظائفها وتزايد الاسلمة، وقيام الكنيسة بالتصدى للمشاكل وهى الحصن للأقباط، بينما تبخل الدولة التعامل معهم كمواطنين كاملى المواطنة. وأضاف «النظام يكره زيادة دور الكنيسة لكنه يستمتع بجنى ثمار هذا الدور».