سيدات نائمات وأخريات يطبخن.. بنات يرسمن الحنة ومسنات يبعن لعب الأطفال.. رجال يتمايلون مع الذكر وشباب يرقصون على أغان شبابية، إنشاد دينى وتحرش للركب والأيادى وكل مكان، نفى للتشيع واتهام بالتآمر، ووعود بإنهاء الدخيل على السلوك الصوفى والإسلامى. دنيا مولد الحسين رضى الله عنه عاشتها «الشروق» ليلة أمس الأول مع أكثر من مليونى مصرى، فالدخول إلى ساحة الحسين وخصوصا للنساء يحتاج إلى معجزة وحراسة مشددة وجرأة على الاقتحام وسط الأمواج البشرية العشوائية. اللافت هذا العام مقاطعة 34 طريقة صوفية لسرادق المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الذى حضره شيخ مشايخ الطرق الصوفية الشيخ أو كما يقال عليه، السيد عبدالهادى القصبى، والسيد محمود الشريف نقيب السادة الأشراف. ولكل طريقة خدمة، أى خيمة أو سرادق، كل طريقة حسب قدرتها المالية، ففى خدمة الطريقة الهاشمية جلس الشيخ مصطفى الصافى الهاشمى شيخ الطريقة، مرتديا كغيره من مشايخ الطرق «البدلة الشيك والكرافته» والبعض يضيف إليها «العباءة»، وقد سبق منذ أيام إلقاء القبض عليه والسبب: التشيع. الصافى أكد أن الأسئلة الأمنية ارتكزت على علاقته بالشيعة والتشيع، خصوصا مع وجود صورة للحسين رضى الله عنه، مؤكدا أنه ورثها عن زوجته وأهلها، ولم يخل لقاء السيد مصطفى من اتهامه القصبى بالتحريض الأمنى عليه! وفى الخدمة وفى أثناء الكلام وبعد الشاى والعزومة بالطعام، تعالت الأصوات.. الحضرة بدأت، رجال يبدأون الذكر، جالسين على الركبتين بشكل دائرى وفى المنتصف يجلس شيخ الحضرة الذى يفتتح الذكر بقراءة الفاتحة، ويتبعه فى كل كلمة الرجال. ثم يقفون فى نفس الشكل الدائرى وتعلو الأصوات بترديد لفظ الجلالة، حتى تختلف نبرة الصوت وتضيع معها معالم الكلمات، ولما سألنا قال الشيخ الصافى إنها لحظات توحد وفناء فى الذكر والدعاء. وخارج الخدمة النقيض تماما، غناء ورقص و«ستات نايمة» وأولاد تحاول خطف حقائب النساء، أما التحرش فحدث ولا حرج! والفوضى لا مثيل لها والوجود الأمنى مكثف للغاية، وقال أحد المشايخ إننا غير مسئولين عما يحدث وهذه أمور دخيلة على التصوف والصوفية. وبعد اجتياز أمواج البشر العتاة، بصحبة مجموعة من الصحفيين التفوا جميعا لحماية زملائهن، وصلنا للخدمة الرسمية، التى يقيمها المجلس الأعلى للطرق الصوفية، فأكد المتحدثون على فضل الحسين وسائر الصحابة، وفجأة بدأ التأهب وإفساح الطريق إيذانا بوصول شيخ مشايخ الطرق الصوفية، الذى جاء يرافقه نقيب الأشراف، وسط ترحيب وقبلات مشايخ الطرق لشيخهم الكبير. القصبى أكد على هامش الاحتفال أن الطرق الصوفية ستظل بخير ونفى أى صلة بين التصوف والتشيع، وقال إن أمن مصر خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وقال لن أرد على اتهامات الصافى بالتحريض عليه، ولا يوجد شىء اسمه لجنة خماسية تدير الطرق الصوفية، بينما أكد نقيب الأشراف على التعاون بين الأشراف الذين يمثلون 6 ملايين مصرى والطرق الصوفية التى تجاوز عدد أتباعها 12 مليونا للنهوض بالدعوة الاسلامية. عبدالهادى القصبى وعد بتطوير العمل الصوفى، وإضفاء الجهد العلمى والثقافى على الاحتفالات المقبلة، وقال إن السلوكيات خارج الخدمة بعيدة عن الصوفية تماما.. فلننتظر إذن مولد الحسين العام المقبل!