مع حلول الذكرى التاسعة للحرب الأمريكية على أفغانستان، خلص تقييم أجراه البيت الأبيض الأمريكى للحرب فى هذا البلد أن الجيش الباكستانى يتفادى «المواجهة المباشرة» مع حركة طالبان الأفغانية فى منطقة القبائل الحدودية، وهو ما اكده مصدر باكستانى مطلع ل «الشروق»، مشيرا إلى أن هناك دوافع سياسية وراء ذلك. وجاء فى التقرير الذى أعده مجلس الأمن القومى ورفع إلى الكونجرس أن الجيش الباكستانى تحرك ضد طالبان فى جنوب وزيرستان، لكن الجنود بقوا فى أماكن قريبة من الطرقات وكانت العمليات تتقدم «ببطء»، أما فى شمال وزيرستان فتفادى الجيش «المواجهة المباشرة» مع طالبان والقاعدة، كما جاء فى التقرير الذى عزا ذلك إلى إرادة سياسية وإلى مسائل تتعلق بقلة الموارد. واستند التقرير فى تقييمه إلى ثمانية معايير يخص بعضها القدرة على تدمير الشبكات الإرهابية فى أفغانستانوباكستان، وإضعاف قدرتها على شن هجمات دولية. وقال التقرير إن فيضانات أغسطس جعلت الجيش ينقل تركيزه من مواجهة المسلحين إلى مساعدة المتضررين من الكارثة. وفى اتصال هاتفى مع الشروق من إسلام آباد، قال مصدر قريب من الدوائر الأمنية الباكستانية إن الجيش الباكستانى يتجنب القاء القبض على قيادات فى حركة طالبان خاصة الموجودين فى مدينة كويتا حيث مقر مجلس شورى كويتا الذى يدير على حد قوله عمليات طالبان فى أفغانستان وليس الملا عمر كما يعتقد البعض. وجاء التقرير فى وقت نقلت فيه صحيفة وول ستريت جورنال عن مسئولين أمريكيين وقادة فى طالبان قولهم إن الاستخبارات الباكستانية تشجع المسلحين الأفغانيين على زيادة هجماتهم وعدم التفاوض مع حكومة كابول. وتعليقا على ذلك، قال الخبير الباكستانى فى شئون الارهاب ل «الشروق» جاسم تقى الدين إن الولاياتالمتحدة تريد من الجيش الباكستانى فتح جبهة جديدة فى منطقة القبائل الشمالية ضد شبكة سراج الدين حقانى والتى تنشط فى المناطق الواقعة فى الاجزاء الشرقية فى افغانستان خاصة اقاليم باكتيا وباكتيكا وخوست، وترفض باكستان استهداف هذه الحركة لأنها لا تستهدف الجيش الباكستانى». وقال إن إسلام آباد تعارض المباحثات السرية التى تجريها الحكومة الافغانية مع طالبان «لأنها لا تريد حرق أوراقها كلها فى افغانستان». وأوضح أن طالبان الافغانية والحركات الموالية لها متعاطفون مع باكستان فى صراعها مع الهند بينما تتخذ الحركات الموالية للحكومة الافغانية موقفا مساندا للهند بل ويحاولون اشراك نيودلهى فى الشأن الافغانى وهو يشكل تهديدا لمصالح باكستان وأمنها القومى. وفى سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولى أمس إن واشنطن تطالب الحكومة الباكستانية باتخاذ إجراءات فعالة ضد المتمردين الذين كثفوا من هجماتهم فى الآونة الأخيرة ضد قوافل «الناتو» المرسلة إلى أفغانستان. وكان مسلحون من حركة طالبان باكستان قاموا بإحراق 26 صهريجا فى «نوشيره» شمال غرب باكستان فى هجوم يعد الخامس من نوعه خلال أسبوع. ورأى تقى الدين أن إغلاق الجيش الباكستانى للمعابر الحدودية فى منطقة خيبر أمام قوافل امدادات حلف الأطلسى بعد مقتل ثلاثة جنود باكستانيين فى غارات أمريكية الاسبوع الماضى «يأتى كرسالة بأن إسلام آباد لديها أوراق خيارات يمكن أن تضغط بها على الولاياتالمتحدة وحلف الناتو من أجل دفعهما للتنسيق معها والتوقف عن انتهاج سياسة مزدوجة مع باكستان».